صحافة دولية

لوموند: هكذا سيطرت الإمارات على معقل "القاعدة" باليمن

مسؤول إماراتي: تنظيم القاعدة بات اليوم مشغولا جدا في اليمن ولا يمكنه أن يشكل خطرا في الخارج- أ ف ب/ أرشيفية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الوضع الذي آلت إليه مدينة المكلا اليمنية التي كانت سابقا تحت قبضة فرع تنظيم القاعدة في اليمن.

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الإمارات بذلت جهودا حثيثة، بالتعاون مع حلفائها المحليين، لطرد تنظيم القاعدة من مدينة المكلا الاستراتيجية لتصبح أبو ظبي هي الوصي الحالي على المدينة.

 

وأشارت الباحثة في جامعة أكسفورد إليزابيث كيندال، في دراسة نشرتها خلال شهر تموز/ يوليو، بحسب الصحيفة، إلى أن "معدل هجمات تنظيم القاعدة شهد تراجعا في جميع أنحاء اليمن بشكل مستمر منذ السنة الماضية، حتى بعد شهر شباط/ فبراير 2018، جراء المجهودات العسكرية التي بذلتها الإمارات".


وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية شنت ما لا يقل عن 161 هجوما عسكريا منذ كانون الثاني/ يناير 2017، وذلك وفقا للبيانات التي جمعها مكتب الصحافة الاستقصائية. وقد أدى هذا الأمر إلى غياب التنظيم عن ساحة المعركة لمدة سنة تقريبا جراء تراجع معنويات مقاتليه بعد الضربات التي وُجهت إليه وتسببت في مقتل الكثير من قياداته.

 

اقرأ أيضا: كيف ساعد ترامب تنظيم القاعدة في اليمن عبر وساطة إماراتية؟

وخلال شهر كانون الثاني/ يناير، حظر تنظيم القاعدة إجراء أي اتصالات أو تبادل أي معلومات عن طريق استخدام الهواتف المحمولة أو الإنترنت، وهدد المخالفين لهذه التعليمات بتسليط عقوبات عليهم. كما قام زعيم تنظيم القاعدة قاسم الريمي، في شريط فيديو، بتقليد امرأة جهادية على الهاتف حيث وجه انتقادات للمقاتلين الذين يثقون في زوجاتهم الثرثارات، ويخاطرون بإفشاء أسرار خطيرة للعدو.

وأشارت الصحيفة إلى أن دولة الإمارات العربية استخدمت أساليب عسكرية عملية في هذه المعركة، ما جعلها عرضة لموجة من الانتقادات اللاذعة من قبل الحكومة اليمنية. فأثناء عملية استعادة مدينة المكلا ومدن أخرى خلال عام 2016، تركت كل من الإمارات وحلفاؤها الأمريكيون المنافذ مفتوحة ليتمكن مقاتلوp التنظيم من الفرار، مما غذى الاتهامات التي وُجهت لهم بتقديم المال ودفع مبالغ لقادة التنظيم مقابل ضمان رحيلهم.

 

اقرأ أيضا: انهيار العملة يضع اليمنيين في "مفرمة" الأسعار

ونقلت الصحيفة تصريحا أدلى به مسؤول إماراتي رفيع المستوى في باريس، في حوار أجراه خلال شهر آب/ أغسطس، أكد فيه أن "هناك العديد من الطرق لمحاربة تنظيم القاعدة منها استخدام القتال، والمال، والسياسة والمفاوضات".

 

وأضاف المسؤول الإماراتي أن الأمر المهم بالنسبة إليه يتمثل في أن "تنظيم القاعدة بات اليوم مشغولا جدا في اليمن، وبالتالي لا يمكنه أن يشكل خطرا في الخارج".

وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن تعتبر تنظيم القاعدة من بين أخطر المنظمات الإرهابية في العالم، خاصة أنه حاول تفجير طائرات تجارية، فضلا عن أنه كان وراء هجوم شارلي إيبدو الذي وقع خلال شهر كانون الثاني/ يناير من سنة 2015.

وأوردت الصحيفة أن كيندال أكدت أن عدد عناصر تنظيم القاعدة في اليمن لم يتجاوز أبدا الأربعة آلاف، وقد شهد هذا العدد انخفاضا ملحوظا في السنوات الأخيرة بسبب المنافسة التي يواجهها بسبب شباب القبائل الذين يرتمون في أحضان المليشيات المحلية الممولة من قبل الإمارات العربية المتحدة.

 

وأصدر تنظيم القاعدة بيانا توجه فيه بالخطاب لقبائل محافظة شبوة مفاده أن "الإماراتيين يستخدمون الشباب كوقود للمدافع المُستخدمة للدفاع عن القواعد التي يقصفون منها المسلمين".

وبينت الصحيفة أن القوات المدعومة من قبل الإمارات العربية المتحدة ونخب من محافظة حضرموت جندت أكثر من 20 ألف رجل، وفقا لما أفادت به السلطات المحلية. وقد استخدمت أبوظبي هذه الطريقة لشراء السلم الاجتماعي، ولكن إلى متى سوف تنجح هذه الاستراتيجية في جذب الشباب؟ فمنذ هذه الصائفة، أدى انخفاض قيمة الريال إلى تآكل أجورهم بشكل كبير، مما ساهم في ظهور بعض الاضطرابات في القرى. 

 

وحيال هذا الشأن، أفاد المتخصص في دراسة الحركات الجهادية، دومينيك توماس، بأن "هذه الميليشيات لم تساعد قط على إيجاد أي حل جذري. فقد شهدنا في الماضي كيف ترتمي هذه الجماعات في أحضان الشبكات الإجرامية أو الجهادية أو تحدّي الدولة، عندما تتخلى عنها الجهات التي تمولها. كما أثارت الاستراتيجيات ذات الأهداف قصيرة المدى، التي اعتمدتها هذه المليشيات، الاستياء في صفوف اليمنيين، وهو الأمر الذي تسعى القاعدة إلى استغلاله".

وأكدت الصحيفة أن العديد من المتساكنين في المكلا باتوا يحنون لزمن حكم تنظيم القاعدة للمدينة، لأنه كان يوفر لهم خدمات بلدية فعالة، إلى جانب الكهرباء، ناهيك عن عدم فرضه ضرائب ضخمة على النشاطات التجارية في الميناء.