مقالات مختارة

هل تتراجع الصين أمام ترامب؟

1300x600

يبدو أن الحرب التجارية الصينية الأميركية تدخل مراحل جديدة، حيث تشعر الصين بالقلق والارتباك وتتراجع قدرتها على الرد على واشنطن، أما في الولايات المتحدة الأميركية، فيبدو أنّ أثر إجراءات إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على أسعار السلع وجيوب المستهلكين مرشحة للظهور قريباً، وكذلك آثارها السياسية الانتخابية. 


يشكو الأميركيون من فرض الصين أمورا على المصدّرين الأميركيين، مثل نقل تكنولوجيا معينة لهم، والامتناع عن تصدير بضائع محددة، وتقييد واردات أميركية، وتخفض سعر العملة الصينية، التي تقول واشنطن إنها مقيمة بأقل من سعرها لتشجيع الصادرات. 


في شهر حزيران/ يونيو فرض ترامب جمارك على بضائع صينية بقيمة 50 مليار دولار، فردت الصين بالمثل وبالمبلغ عينه، وفي تموز/ يوليو الفائت فرض ترامب جمارك إضافية على بضائع بقيمة 34 مليار دولار، فردّت الصين بفرض جمارك على بضائع بالقيمة ذاتها، وتكرر المشهد في الشهر التالي (آب/ أغسطس)، عندما فرضت واشنطن جمارك على بضائع بقيمة 16 مليارا، فردت بكين بالمثل أيضاً، ولكن الرئيس الأميركي قرر الآن جمارك على بضائع بقيمة 200 مليار دولار تبدأ الأسبوع المقبل، ولكن لا يمكن للصينيين فعل الأمر عينه، فردوا بجمارك ببضائع قيمتها 60 مليارا، وبهذا يكونون قد وضعوا جمارك على كل شيء يستوردونه من الولايات المتحدة، فإذا ما نفذ ترامب تهديده قريبا بفرض جمارك على بضائع أخرى بقيمة 264 مليار دولار فسيصبح الصينيون بوضع أصعب. 

 

يَنصَح بعض المسؤولين السابقين الصينيين، مثل وزير المالية السابق لو جوي، أن تتوقف شركات صينية عن تصدير قطع غيار تحتاجها الولايات المتحدة في بعض صناعاتها، وهو ما يمكن أن يقود لمرحلة جديدة من الحرب التجارية بين البلدين، خصوصاً أنه يسهل على الولايات المتحدة الرد بعدم تصدير قطع غيار بعضها سيدمر صناعات صينية بالكامل، مثل صناعة الهواتف والألواح الرقمية.

 

ولذلك لا يبدو هذا الاتجاه مرجحاً، بل بدأ في الصين دراسة خطوات تخفض التوتر، من مثل أن يقوم البلدان بوضع جمارك على نسب من المستوردات، لأن الولايات المتحدة تستورد من الصين أكثر مما تصدر، فإذا فرضت جمارك على 10 بالمئة من واردتها الصينية فإنها بذلك تمس بضائع بقيمة 50 مليار دولار، وإذا تبنت الصين ذات النسبة تكون البضائع بـ 13 مليارا. 

 

مقابل كل هذا هناك جدل في الولايات المتحدة أن المستهلكين سيبدؤون بالشعور بارتفاع الأسعار قريبا، خصوصاً إذا فُرضت الحزمة الأخيرة من الجمارك (الـ264 مليارا) فقد تدرجت هذه الإدارة في استهداف السلع من تلك التي تشكل جزءا من الاستهلاك اليومي بل بدأت بالآلات والمعدات الأكبر، ولكن الآن يصل الأمر للغذاء والملابس وسلع يومية، ويتوقع خبراء أن يشعر مستهلكون بارتفاع الأسعار مع استعدادات احتفالهم بأعياد الميلاد، وبالتالي قد يزيد هذا رفض هذه السياسة، وقد عملت الصين على استهداف سلع مثل الواردات الزراعية، منذ البداية، باعتبار أنّ شريحة المزارعين كانت من القاعدة الانتخابية القوية لترامب.

 

ويرد فريق ترامب أنّ اختلاف الأسعار لن يكون واضحاً، وأنه لن يكون هناك تضخم في الاقتصاد الأميركي، وأنّ هناك أمورا ستعوض ذلك، مثل الدولار القوي، وطبعا مع رهان أن تزيد الإجراءات ضد الصين من جاذبية الإنتاج المحلي أميركياً.


ستكون انتخابات الكونغرس في شهر نوفمبر (تشرين ثان) المقبل مهمة لمستقبل سياسات ترامب التجارية، فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن ثلثي الناخبين الجمهوريين يؤيدون هذه السياسات، مع أن الموقف التاريخي للحزب هو تأييد التجارة الحرة.

 

وفي المقابل، يرفضها أكثر من ثلثي الديمقراطيين، خاصة أنها تتجاوز الصين لواردات الصلب والألمونيوم من أوروبا وكندا والمكسيك، كما يعارضها أغلب المستقلين، وعلاوة على أن فوز الديمقراطيين في الانتخابات سيزيد معارضة هذه السياسات في الكونغرس فإنّ خسارة الجمهوريين ستكون مؤشرا آخر على ضعف تأييد ترامب عموماً، ولكن بعض الجمهوريين يُمنّي النفس بسيناريو حدوث اتفاق أميركي – صيني قبل الانتخابات، ما يعزز فرص فوز الجمهوريين. 


يحتاج الموضوع الصيني الأميركي الكثير من التحليل والتتبع لأنه يمسّ كل النظام الاقتصادي العالمي، ويغيّر الفكر الأميركي المؤيد للتجارة الحرة، وبالتالي قد يكون للموضوع أثر سياسي عميق عالمياً.    

 

عن الغد الأردنية