ملفات وتقارير

كيف استقبل الأردنيون مشروع قانون الضريبة الجديد؟

ناشطون: مشروع قانون ضريبة الدخل الذي طرحته حكومة الرزاز يؤكد انحيازها لضغوطات صندوق النقد- جيتي
حالة من الجدل خلفها إعلان الحكومة الأردنية عن تفاصيل مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، بعد أن اتهمت فعاليات شعبية وسياسية حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز بأنها أعادت مشروع القانون بنسخة مجملة من مشروع القانون السابق الذي أطاح بحكومة هاني الملقي.


 

 

وأخضع مشروع القانون الجديد الأفراد الذين يقل دخلهم السنوي عن 9 آلاف دينار سنويا خلال عام 2019 للضريبة، بينما توسع هذه الشريحة الخاضعين للأفراد في عام 2020، لتضم من يزيد دخلهم عن 8 آلاف دينار، وهو ما طرح في القانون السابق المسحوب.


 

 

وأعفى مشروع القانون الأسر التي يقل دخلها عن 18 ألف دينار سنويا خلال عام 2019، وتتوسع شريحة الخاضعين للضريبة من الأسر في عام 2020، لتضم من يزيد دخلهم على 17 ألف دينار، مقابل 16 ألف دينار للأسر في مسودة مشروع القانون المسحوب.

وخفض مشروع القانون الضريبة على قطاع البنوك من 40% (في مسودة القانون السابق) إلى 33% في القانون الجديد، ما فتح باب الانتقادات واسعا حول محاباة قطاع البنوك، الذي جاء منه عدد كبير من وزراء الحكومة.

اقرأ أيضا: تعرف على قانون الضريبة الذي أطلق شرارة الاحتجاجات بالأردن


واستقبل أردنيون مشروع القانون تحت تأثير الصدمة؛ بسبب عودة مشروع قانون مماثل للقانون الذي سحبه الرزاز إبان الاحتجاجات التي عمت المملكة في حزيران/ يونيو الماضي، متعهدا بسن قانون يرضي جميع الأطراف، بما فيها صندوق النقد الدولي، الذي ضغط على الأردن لتوسعة فئة المشمولين بالضريبة.

واعتبر ناشطون في الحراك أن "مشروع قانون ضريبة الدخل الذي طرحته حكومة الرزاز يؤكد انحيازها لضغوطات صندوق النقد الدولي، وتجاهلها لمطالب الشعب الأردني، التي عبر عنها في احتجاجات الدوار الرابع". وحسب الناطق باسم "حراك وطن"، جمال جيت، "يؤكد إقرار مشروع القانون بهذا الشكل صوابية دعوتنا للقوى السياسية والحراكية في الأردن للعودة للشارع والدوار الرابع؛ للضغط من أجل المطالب الإصلاحية السياسية والاقتصادية التي يسعى الشعب الأردني لتحقيقها منذ سنوات".

يقول جيت، لـ"عربي21"، إن "المبرر الرئيسي لتعديل القانون وطرح مشروع قانون جديد هو الضغوطات، وتوسيع القاعدة المكلفة بالضريبة، لتمس جزءا كبيرا من الدخول المتوسطة، وهذا واضح من الإعفاءات الفردية من 12 ألفا إلى 9 آلاف، والأسر من 24 ألفا إلى 19 ألفا، وإلغاء إعفاءات التعليم والصحة".

وتساءل: "لماذا لم يمس قطاع البنوك وبالمقابل الزيادة فقط على الأرصدة المودعة في البنوك؟ فمشروع قانون الضريبة الجديد يثبت نسبة الضريبة على البنوك كما كانت في قانون 2014، ويرفع الضريبة المستوفاة من فوائد الودائع في البنوك من (5%) إلى (10%)، ما يعني أن القانون يحمي البنك ويأخذ الفرق من المواطن".


"أفضل ما توصلنا إليه"

 

بدوره، قال رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز، إن مشروع قانون ضريبة الدخل الحالي "ليس منفصلا عما قبله"، مؤكدا أن "مشروع القانون أفضل ما استطعنا الوصول إليه"، ودعا الرزاز الأردنيين عبر تغريدة له على تويتر إلى "قراءة مسودة مشروع قانون الضريبة بتأنّ".

 

 

ورد الرزاز على اتهام الحكومة برضوخها لصندوق النقد الدولي بالقول: "مشروع القانون لم يفرض علينا من أحد، نحن السلطة التنفيذية، لم يضغط علينا لا جهة ولا شخص، لا داخليا ولا خارجيا، فالقرار لنا".

مستدركا خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المحلية، أمس الأربعاء، أن "القانون سيمكننا من الحصول على ما يشبه "شهادة خلو من الأمراض الاقتصادية" من صندوق النقد الدولي".

اقتصاديا، يرى الرئيس السابق لجمعية المحاسبين الأردنيين، محمد البشير، أن "مشروع القانون الجديد يناقض ما تعهد به رئيس الحكومة في خطاب الثقة، كما يناقض ما ورد في كتاب التكليف السامي للحكومة من تخفيض العبء الضريبي على المواطنين".

واعتبر أن تخفيض الضريبة على قطاع البنوك من 40% إلى 33% لا ينسجم مع خطاب رئيس الوزراء في الجامعة الأردنية قبل أيام، الذي قال فيه إن "الحكومة ستقوم بمد يدها على جيوب المقتدرين ماليا".

اقرأ أيضا: الأردن: الرزاز يقدم تعهدات غير مسبوقة منها جلب وليد الكردي

وقال البشير، لـ"عربي21"، إن مسودة مشروع القانون تفتقر لإعادة توزيع الثروة، وهي الهدف الأساسي من سن قانون ضريبة الدخل، للنهوض بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المملكة".

وأعفت مسودة مشروع القانون الملك الأردني عبد الله الثاني من دفع ضريبة الدخل، كما فرضت الحكومة ضريبة تكافل اجتماعي بنسبة 1% من دخل الشخص الطبيعي عن الدخل الصافي للفرد أو الموظف عن دخله الخاضع للضريبة.

 

واعتبر عضو نقابة المهندسين الأردنيين، ميسرة ملص، أنه "لا يوجد فرقٌ كبير بين مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل المقدم من حكومة الرزاز عن المشروع الذي قدمته حكومة الملقي، و"أسقطت" بسببه قبل عدة أشهر/ وحتى لو تُشكل المعارضة الحكومة الآن فإنها على الأغلب ستكون عاجزة في ظل ضغط صندوق النقد الدولي المتحكم بسياسة المملكة الاقتصادية من إعداد مسودة قانون أفضل من هذا القانون، إلا إذا رغبت في الخروج بحلول جراحية ثورية".




بينما أجلت كتلة نيابية و نقابات مهنية الإعلان عن موقفها من مسودة القانون إلى يوم السبت المقبل، لحين دراسة المسودة، وعرضها على خبراء اقتصاديين، وقالت الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابية، ديما طهبوب، لـ"عربي21"، إن أي أعباء ضريبة ستكون على المواطن في مسودة مشروع القانون ستدفع الكتلة لتشكيل جبهة نيابية لرفضه في البرلمان".

 

 

هذا وتنشر الحكومة الأردنية مسودة مشروع القانون على موقع ديوان التشريع والرأي؛ لرصد آراء المواطنين حوله لمدة عشرة أيام قبل إرساله إلى مجلس النواب، ليمر بمراحله الدستورية، وقامت الحكومة بتقديم شروحات حول القانون عبر موقع رئاسة الوزراء على الفيسبوك، مستخدمة رسوما توضيحية.