صحافة دولية

كيف يسعى النظام المصري إلى طمس ملامح مجزرة رابعة؟

الصحيفة الألمانية قالت إن القضاء المصري بادر بتبرئة كل من تلطخت يده بدماء الأبرياء- جيتي

نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن سعي النظام المصري إلى طمس ملامح مجزرة رابعة. فبعد مرور خمس سنوات على هذه المجزرة الفظيعة، يعمل نظام السيسي على قمع كل معارض بهدف طي صفحة جرائمه للأبد.


وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن القضاء المصري بادر بتبرئة كل من تلطخت يده بدماء الأبرياء، وأقدم في المقابل على تسليط أقصى العقوبات على كل قياديي تنظيم الإخوان المسلمين وأنصاره.


وأوضحت الصحيفة أنه بعد مرور خمس سنوات على مجزرة رابعة، التي وقعت في 14 آب/أغسطس سنة 2013 في ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة وراح ضحيتها 817 شخصا، يريد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طي صفحة هذه الجريمة النكراء بشكل نهائي. وقبل ذكرى هذه المجزرة الأليمة، بادر النظام المصري بتبرئة كل أعوان الأمن، الذين شاركوا في قتل المدنيين العزل.


وأكدت أن القضاء المصري يواصل محاكمته إلى حد اليوم لكل شخص شارك في اعتصام ميدان رابعة العدوية. وفي 25 تموز/يوليو الماضي، أصدرت إحدى المحاكم المصرية حكما يقضي بإعدام 75 متهما. 


ويحاكم القضاء المصري 739 شخصا بتهمة المشاركة في اعتصام رابعة، ومن بينهم الصحفي المصري، محمود أبو زيد، الملقب بشوكان، المعتقل منذ خمس سنوات في إحدى السجون المصرية بتهمة التقاط صور أثناء مجزرة رابعة، علاوة على القيادي الإخواني البارز، محمد البلتاجي.


وأشارت الصحيفة إلى أن آلة السيسي القمعية لم تطل قياديي تنظيم الإخوان المسلمين وأنصاره فحسب، بل شملت أيضا كل من تجرأ على انتقاد النظام العسكري. ولم يكتف النظام المصري بذلك، حيث أقدم على منع تنظيم المظاهرات وعلى تهديد كل من يخالف القانون بالسجن المطول.

 

وخلال الأسابيع الماضية، اعتقلت السلطات المصرية العديد من النشطاء الحقوقيين والمدونين بتهمة نشر أخبار زائفة وزعزعة الاستقرار الداخلي والانتماء إلى تنظيم إرهابي.


وذكرت أن الأجانب لم يسلموا من بطش النظام المصري على غرار اللبنانية منى المذبوح، التي تعرضت للاعتقال على خلفية إقدامها على نشر مقطع فيديو على موقع فيسبوك يسلط الضوء على استفحال ظاهرتي التحرش الجنسي وتهريب البشر في القاهرة. وفي الوقت الراهن، تواجه المذبوح عقوبة بالسجن لمدة ثماني سنوات بتهمة نشر أخبار زائفة حول مصر في العالم بهدف تقسيم المجتمع المصري.


وأفادت الصحيفة أن كل النشطاء الحقوقيين المصريين يتعرضون للمضايقات من قبل نظام السيسي، حيث تعرض العديد منهم للاعتقال أو للإقامة الجبرية، أما البقية فيخضعون للتحقيق. بالإضافة إلى ذلك، تفرض الأجهزة الأمنية المصرية رقابة مشددة على الصحفيين. أما القنوات والمواقع المصرية المعارضة فيكون مصيرها الغلق. نتيجة لذلك، احتلت مصر المرتبة 161 في تقرير حرية الصحافة الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود".


وأضافت أن النظام المصري قرر ملاحقة معارضيه على شبكة الإنترنت. ووفقا لقانون الصحافة المصري الجديد، يتمتع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بصلاحية مراقبة كل موقع إلكتروني أو مدونة يتابعها أكثر من 5 آلاف معجب. وبموجب هذا القانون، يمكن أن يمثل كل مستخدم يحظى بمتابعة عدد كبير من المعجبين أمام القضاء بتهمة نشر أخبار زائفة.


وأوردت الصحيفة أن منظمة العفو الدولية انتقدت انتشار ظاهرتي الاعتقال العشوائي والاختفاء القسري في مصر. وقد وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ما يحدث في مصر بأنه "أخطر أزمة حقوقية عاشتها أرض النيل منذ عقود".

 

من جهتها، التزمت كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي الصمت حيال انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.


وتابعت بأن قادة العالم الغربي يعتبرون الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمثابة صمام أمان في وجه الإرهاب والهجرة غير المنظمة. على هذا الأساس، قدمت الحكومة الأمريكية مساعدة مالية لنظيرتها المصرية بقيمة 195 مليون دولار.

 

وفي شهر آذار/مارس الفارط، قرر وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، تجميد هذه المساعدات على خلفية تردي الوضع الحقوقي في مصر.


وذكرت الصحيفة أن الحكومة الإيطالية غضت الطرف عن قضية مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي، جوليو ريجيني، في مصر مقابل استغلال شركة إيني الإيطالية لحقول الغاز على السواحل المصرية. في هذا الصدد، أورد أحد المدونين المصريين أن "ريجيني ضحى بنفسه من أجل تمتع بلاده بالغاز المصري".


وفي الختام، بينت الصحيفة أن مصر تعتبر من أكبر مستوردي الأسلحة الألمانية، حيث تبلغ قيمة ديون الحكومة المصرية لفائدة نظيرتها الألمانية حوالي 4.6 مليارات دولار. من جانبها، لم تشترط ألمانيا على مصر الالتزام باحترام مبادئ حقوق الإنسان في أرض النيل مقابل تقديم الدعم المالي لها.