سياسة دولية

بعد دعوة كوشنير لإلغاء الأونروا.. هل تملك واشنطن شطب "العودة"

احتجاج لموظفين مفصولين من عملهم في وكالة الأنروا بغزة- جيتي

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب وعبر صهره جاريد كوشنر بالتعاون مع أعضاء في الكونغرس يسعون لـ"تصفية" وضعية ملايين اللاجئين الفلسطينيين من خلال وقف عمل وكالة الغوث "الأونروا".

ولفتت المجلة نقلا عن مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين قولهم إن مساعي إدارة ترامب بشأن "الأونروا" تهدف لـ"إزاحة ملف اللاجئين عن طاولة أي مفاوضات قادمة".

وأشارت إلى أن مشروعي قانونين يطرحان في الكونغرس حاليا للدفع بهذا الاتجاه.

وكشفت المجلة عن رسائل بريد إلكتروني حصلت عليها دارت بين كوشنر ومسؤولين في الإدارة "دعا فيها بشكل صريح لضرورة وقف الأنروا" وقال: "إنها فاسدة وتديم الوضع الراهن ولا تساعد في السلام".

وقالت: "كوشنر أثار القضية خلال لقاء مع مسؤولين في الأردن في حزيران/ يونيو الماضي وقام بالضعط على عمان لتجريد أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني من صفة اللجوء لتصبح الأنروا عديمة الفائدة".

وأشارت المجلة إلى حصولها على رسالة بريد إلكتروني أخرى من طرف فيكتوريا كوتس إحدى مستشارات جيسون غرنيبلات مستشار ترامب مرسلة لفريق الأمن القومي تقول فيها إن الإدارة الأمريكية "تدرس طريقة إنهاء عمل الوكالة".

وكتبت كوتس في رسالتها: "يجب أن تبلور الأونروا خطة لتحل بها نفسها وتصبح جزءا من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحلول عام 2019".

وقالت "فورين بوليسي" إن "الكثيرين من أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة يرون الأونروا كركيزة دولية هدفها الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين وإشعال الأمل فيهم بالعودة لوطنهم، في خطوة لا ترغب فيها إسرائيل".

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" في خبر نشرته، قبل أيام، عن عضو في الكونغرس الأمريكي قوله إنه يسعى لسن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين أربعين ألفا فقط.

ويهدف العضو في مجلس النواب "داغ لمبورن" عن الحزب الجمهوري إلى تخفيض الدعم الأمريكي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عن طريق حصر تعريف اللاجئين الفلسطينيين في أنهم من تشردوا خلال النكبة فقط واستثناء نسلهم من الأجيال اللاحقة.

وبحسب "يسرائيل هيوم" تقول "الأنروا" إن عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم هو خمسة ملايين ومئتا ألف لاجئ، هم اللاجئون الأصليون وأبناؤهم وأحفادهم.

 

محاولة عبثية

 

رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور جواد الحمد قال إن المحاولات الأمريكية لشطب حق العودة تعد "عبثية" بسبب العديد من العوامل المرتبطة بهذا الملف.

وأوضح الحمد لـ"عربي21" أن إلغاء وكالة الأونروا لا يعني إنهاء حق العودة ووضع اللاجئين الفلسطينيين في العالم قانونيا وسياسي وحتى عرفيا.

وأشار إلى أن السعي المتكرر وراء إلغاء هذه الوكالة الدولية مسار خيالي تقف خلفه الإيديولوجيا الخاصة بالإدارة الأمريكية في مسعاها لشطب كل ما له علاقة بالفلسطينيين كشعب وحقوق.

ولفت الحمد إلى أن إسرائيل وأمريكا لم تدخرا وسعا منذ سنوات طويلة في الإضرار باللاجئين ووجهت لهم ضربات قاسية في كل مكان لكن ما حدث كان زيادة الإصرار على التمسك بحق العودة وتصاعد حضورا في العديد من المحافل.

وقال الحمد إنه على الرغم من عدم تأثير إلغاء الأونروا على قانونية قضية اللجوء إلا أنه لا يمكن بحال التغافل عن النتائج السلبية لهذا الأمر والذي يتعلق بمصالح آلاف اللاجئين الفلسطينيين العاملين فيها وما يتصل بذلك من تبعات.

وشدد على أن الفلسطينيين منذ النكبة رفضوا مرارا ربط قضية العودة بأي منظمة أو هيئة والملف يتصل بقرارات أممية أكبر من الأونروا وبموقف موحد من الفلسطينيين والعرب والمسلمين الداعمين لهم.

 

مساع قديمة


بدوره قال رئيس الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين كاظم عايش إن ما كشفته مجلة "فورين بوليسي" واحد من مساع قديمة قامت بها الولايات المتحدة وإسرائيل لإنهاء هذا الملف كجزء من شطب حق العودة وقضية اللجوء عموما.

وأوضح عايش لـ"عربي21" أن الأونروا هي الشاهد الدولي الوحيد على مأساة اللاجئين عبر احتفاظها بسجلات لتعدادهم حول العالم وارتبط إنشاء الوكالة بالقرار الدولة 194 الذي ينص على حق العودة للاجئ الفلسطيني مع تعويضه.

ولفت إلى أن إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية تسعى لشطب ملف اللجوء وإعادة تعريف من هو اللجوء لتصبح أمام أؤلئك الذين خرجوا عام 1948 فقط دون اعتبار للأبناء والأحفاد ويسهل تعاملها مع قرابة 40 ألف لاجئ فقط.

ورأى عايش أن إدارة الأونروا تساوقت كثيرا مع الرغبة الإسرائيلية وحاول كبار الموظفين فيها والمطلعين على خططها إبعاد الفلسطينيين إلى أكبر قدر عن قضيتهم وتغيير المشاعر الوطنية واعتبار مكان سكنهم الحالي في اللجوء هو الوطن.

وأضاف: "لكن المحاولات فشلت أمام إصرار اللاجئين الفلسطينيين العاملين في الأونروا التمسك بحقهم القانوني والشرعي بالعودة لديارهم التي هجروا منها وقاوموا على الدوام تلك المحاولات".

وأشار إلى أن الأونروا عملت بشكل ممنهج عن إنهاء دورها كوكالة للاجئين الفلسطينيين عبر تقليصات متواصلة للمساعدات والخدمات المقدمة واقتصرت الآن على بعض الحالات المعدمة وبشكل غير منتظم.

وبشأن شطب صفة لاجئ عن الفلسطينيين الموجودين في الأردن قال عايش "وفقا لإحصاءات الأونروا فإن هناك 3 ملايين فلسطينيين لاجئ مسجل في سجلاتها وشطب هؤلاء يعني منحهم المواطنة الكاملة وهو ما يعني خلق أزمة سياسية واقتصادية وهذا ما لا يريده الأردن ولا يريده اللاجئون حتى".