قضايا وآراء

رؤية حسن نافعة للتغيير.. بين موقف الجيش والإخوان

1300x600
الدعوة التي وجهها أستاذ العلوم السياسية، الدكتور حسن نافعة، عبر موقع "عربي21"، إلى المعارضة المصرية كي تتولى مسؤولياتها في رسم خريطة طريق للمستقبل، تستند إلى تحليل دقيق ونافذ للوضع الحالي في مصر والمنطقة والعالم الخارجي، وبالتالي تستحق كل التأييد والتشجيع، والأفضل كثيرا تستحق العمل على تحقيقها، حيث نشهد كلاما كثيرا من الجميع ونتائج عملية قليلة.

يرى الدكتور نافعة أن "المصالحة المجتمعية" ربما لن تحدث إلا إذا اقتنعت المؤسسة العسكرية من ناحية والإخوان من ناحية أخرى بها، وهو ما لن يحدث إلا إذا أجبرت الظروف والتطورات كليهما على ذلك. ورغم صحة ذلك بشكل عام، فأتصور أن على المعارضة أن تأخذ بزمام المبادرة وألا تنتظر الظروف؛ لأنه كلما طال الانتظار كلما زاد التدهور، وزادت أخطار الانهيارات في المجتمع المصري.

الدكتور نافعة يرى -عن صواب- أن أفضل ما يمكن أن يقوم به الإخوان لصالحهم قبل أن يكون لصالح الوطن هو الإعلان عن تخليهم عن التدخل في السياسة، على أن يكون للتيار الإسلامي عموما الحق في تكوين حزب سياسي مدني وعلني يخضع لكل القوانين المنظمة لعمل الأحزاب العلنية.

أعتقد أن هذه نقطة بدء فعالة للغاية، لكنها تحتاج إلى شجاعة سياسية وأدبية من القيادات العليا للإخوان، والتي تتحمل مسؤولية تربية أجيال من شبابها على نظرية معينة، وتشعر الآن بحرج شديد أن تقول لهؤلاء بعد كل ما تحملوه من معاناة؛ إن ما ربتهم عليه لم يكن صحيحا 100 في المئة، أو أنها تتراجع عنه، أو أنها اكتشفت أن نظرتها للأمور على مستوى العقيدة السياسية لم تكن سليمة بشكل مطلق كما كان معتقدا.

لكن في أوقات الأزمات الوجودية الخطيرة، كما هو الحال في مصر، أعتقد أن نفس قيادات الإخوان التي حكمت خلال سنة الرئيس السابق مرسي؛ مدينة للوطن بمثل هذه الخطوة وبشكل واضح لا مواربة فيه.

هناك أقوال تتردد بأن هذه القيادات تفكر جديا في التواري عن العمل السياسي، لكن دون إعلان واضح عن ذلك يصبح تأثير هذا القرار على المشهد السياسي ضئيلا للغاية. هذا لا يعني أنه لا يتعين على مختلف الفصائل السياسية الأخرى التقاعس عن إجراء مراجعات شاملة، كل ما في الأمر أن الإخوان يتحملون مسؤولية أكبر، نظرا للدور الذي قاموا به في مجريات الأمور منذ كانون الثاني/ يناير 2011 مرورا بسنة حكمهم القصير وحتى الآن.

مسألة الحوار المجتمعي التي دعا إليها د. حسن نافعة لا بد أن تستمر على كافة الأصعدة وبين كافة التيارات. وفكرة أن مثل هذه الحوارات لم تتمخض حتى الآن عن نتيجة عملية ملموسة، لا تعني أنه لا فائدة ترجى منها.

نعم الحوارات بين المختلفين كثيرا ما تصل إلى طرق مسدودة، لكن خبرة التحاور بين المختلفين والخصوم السياسيين حين تتراكم وتتراكم، فإنها تصل إلى النقطة الحرجة التي تفتح مجالا حقيقيا للعمل المشترك من أجل الصالح العام وتخطي النظرة الحزبية الضيقة.

لا ننسى أننا نتاج ثقافة لا تشجع الحوار أساسا، والكل نتاج بدرجات متعددة لهذه الثقافة، فالناس تتعلم الحوار تحت ضغط ظروف قاسية، وستأتي اللحظة التي ينتج فيها الحوار شيئا ذا قيمة للبلد.

الخلاصة، أنني أؤيد تماما ما جاء باقتراحات الدكتور حسن نافعة، وأتفق مع تحليله للأمور.