صحافة دولية

إيكونوميست: هل سينجح ابن سلمان في التغيير للأفضل؟

إيكونوميست: ابن سلمان قمع في الداخل وتهور في الخارج- جيتي

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا في عددها الأخير، تقول فيه إن الغربيين على تنوع طوائفهم وألوانهم لا يحبون السعودية، فهم يشعرون بالخوف من قوانين الشريعة، ومعاملة المرأة، والنسخة الوهابية التي غذت الجماعات الجهادية، ومنها تنظيم الدولة. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "رجال الأعمال الغربيين يفضلون العمل في دبي على الرياض، فيما ينظر العرب بسخرية للسعوديين على أنهم أثرياء وكسالى ومتعجرفون، ومع هذا كله فإن العالم يهمه مصير السعودية؛ لأنها أكبر مصدر للنفط، وفيها مكة والمدينة، وهما مركزا القداسة لدى المسلمين، وهي مهمة لمنطقة الخليج والعالم الإسلامي". 

وتجد المجلة أنه "بناء عليه، فإن نجاح الإصلاح فيها ربما ساعد على الاستقرار في المنطقة، وتوفير الدينامية للاقتصاديات، وسعودية بأخلاقية عالية قد تؤدي إلى نشر الاعتدال في العالم الإسلامي، وعلى سبيل المثال توقف البترودولار للمتحمسين، وفشل الإصلاحات، سيجلبان الاضطرابات إلى منطقة الخليج، التي تجنبت ثورات الربيع العربي عام 2011". 

ويذهب التقرير إلى أن "المثير للخوف هو حجم التحديات الكبيرة التي تواجه السعودية، التي تعتمد مواردها بنسبة 80% على سوق النفط المتقلب، وحتى في ظل زيادة أسعار النفط الخام، فإن السعودية ستواجه عجزا في الميزانية، ورغم المنافع التعليمية والصحية كلها، ومستوى دخل الفرد، إلا أنها لم تسهم كثيرا، فغالبية السعوديين يعملون في وظائف حكومية مريحة، وأسهمت الثروة النفطية بدعم اقتصاد غير منتج، ونشرت التشدد الديني حول العالم". 

وتقول المجلة إن "ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يتفهم أهمية الإصلاح المطلوب، لكنه أضاف أعباء غير ضرورية لمهمة الإصلاح، وينظر إليه في الخارج على أنه متعجل، فحربه ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، التي تتركز اليوم حول ميناء الحديدة، جلبت المرض والجوع لليمنينين، والصواريخ  الباليستية للمدن السعودية، والإحراج للدول الغربية، التي توفر له الدعم العسكري والمساعدات الأخرى، وفي العام الماضي لطخت السعودية نفسها عندما احتجزت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ولم تفرج عنه إلا بعد ضغوط دولية".

ويلفت التقرير إلى أن "السعودية قادت مع حليفتها الرئيسية الإمارات العربية المتحدة الجهود لعزل دولة قطر جوا وبرا وبحرا، فيما يخطط السعوديون لتحويل قطر إلى جزيرة من خلال حفر قناة بحرية، وقامت الدولتان بهذه الطريقة بتمزيق لحمة مجلس التعاون الخليجي، الذي يعد نادي الملكيات النفطية الخليجية، واستفادت إيران وبقية الأعداء من هذا كله". 

وتبين المجلة أنه "في داخل السعودية طور الأمير محمد (مذاقا/ نزعة للقمع)، فزادت حالات الإعدام، وتم اعتقال عدد كبير من المعارضين، ومن بينهم نساء طالبن برفع الحظر عن قيادة السيارات، وعلى ما يبدو فإنه يجب أن يكون كل شيء هدية من آل سعود، الذين يحمل البلد اسمهم، وهبة النفط، والآن حق قيادة السيارات". 

وينوه التقرير إلى أن "ابن سلمان تبنى فكرة أن الإسلاميين كلهم، حتى جماعات اللاعنف التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، يمثلون خطرا عظيما، مثل خطر الجماعات الجهادية السنية والشيعية، وعليه يخوض السعوديون والإماراتيون الثورة المضادة ضد الربيع العربي وآمال الديمقراطية، وللأسف فإن الولايات المتحدة منحتهم صكا أبيض لعمل ما يريدون". 

وترى المجلة أن "جهود ولي العهد لتقوية ودفع القطاع الخاص تظل -بشكل غريب- مركزية، وحتى عملية الترويج للترفيه تدار من الحكومة، بالإضافة إلى أن تركيزه على المشاريع العملاقة (غيغا)، خاصة الخطط لبناء مدينة المستقبل في شمال غرب البلاد تتمتع بقوانين خاصة، تبدو في خطر عظيم، فالخطط السابقة لتقليد نسخة دبي، التي تعد مركز التجارة والسياحة في الإمارات العربية، لم تثمر إلا الخيبة، والدليل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الخاوية الآن". 

ويعلق التقرير قائلا إن "على الأمير، بدلا من بناء مدينة الحلم، أن يقوم بجعل السعودية مثل دبي؛ تقريبا -مفتوحة على العالم، وصديقة لرجال الأعمال، وتدار بفعالية وليبرالية من الناحية الاجتماعية، ومتسامحة دينيا، وفوق هذا كله تدار من خلال قوانين واضحة- وقد أخاف قراره سجن مئات من رجال الأعمال والأمراء بطريقة تعسفية في سجن ذهبي العام الماضي المستثمرين". 


وتدعوه المجلة لدراسة الفيدرالية الإماراتية، التي تقوم على وحدة بين سبع إمارات منذ عام 1971، و"قد تستفيد السعودية، التي تعد أكبر وأوسع من نقل السلطات للمناطق، حيث ستسمح لكل جزء في البلاد بالتعبير عن هويته بحرية، وتكييف القوانين الدينية لعادات كل منطقة -أكثر حرية في جدة، وأكثر تشددا في الرياض، والسماح بحرية أوسع للشيعة في الشرق- ويسمح هذا النظام بالتجريب في مجال الإصلاح الاقتصادي، ويمكن أن يؤدي إلى أشكال من التمثيل المحلي". 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "تولي الأمير عملية التحول يعني إضعاف قواعد السلطة التقليدية في البلاد، آل سعود والمؤسسة الدينية وطبقة رجال الأعمال، وسيجد عونا من الديمقراطية لبناء شرعية، وتحويل شعبيته، خاصة بين النساء، إلى قوة سياسية، وقد يساعده ذلك على الحكم طويلا عندما يتولى العرش، وفي الوقت الحالي فهو باتجاه التحول لقائد عربي قوي وديكتاتوري، وكما كشف الربيع العربي فإن حكم الاستبداد هش، ومن الأفضل التحول إلى ملك عربي جديد: يعامل شعبه بصفتهم مواطنين لا رعايا".