ملفات وتقارير

ما مستقبل معركة الحديدة بعد التحذير الأمريكي للإمارات؟

اعتبر صحفي يمني أن "هذه العرقة لمعركة الحديدة تهدف لمنح الحوثيين وقت أطول للاستعداد لها"- جيتي

أثار موقف الولايات المتحدة بشأن معركة مدينة الحديدة غربي اليمن، والذي جاء على صيغة تحذير لدولة الإمارات التي تشرف على العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات موالية للحكومة الشرعية اليمنية باتجاه المدينة، تساؤلات عدة عن مآلات هذه المعركة بعد أيام من تمركز تلك القوات على بعد نحو 15 كلم من الميناء الواقع على البحر الأحمر.


وكان متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أعلن أن واشنطن تعارض أي جهود من جانب الإمارات والقوات اليمنية التي تساندها للسيطرة على المدنية.


وقال المتحدث، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة "رويترز"، لأنه ليس مخولا بالحديث عن الأمر: "الولايات المتحدة واضحة وثابتة على مبدأ، أننا لن ندعم أي أعمال من شأنها أن تدمر البنية الأساسية الرئيسية أو يحتمل أن تزيد من تدهور الوضع الإنساني الرهيب الذي اتسع نطاقه في هذا الصراع المتأزم".


وقال مسؤولون أمريكيون الثلاثاء الماضي، إن الولايات المتحدة حذرت حليفتها الوثيقة الإمارات العربية المتحدة من شن هجوم على مدينة الحديدة اليمنية، التي يخشى خبراء الأمم المتحدة من أنها قد تعجل بحدوث أزمة إنسانية جديدة.


اقرأ أيضا: أمريكا تحذر الإمارات من الهجوم على ميناء الحديدة اليمني


من جهته، رأى مدير تحرير صحيفة "المصدر" اليمنية، علي الفقيه أن الرفض الأمريكي لاقتحام الحديدة وتخليصها من سيطرة الحوثيين تحت غطاء المبررات الإنسانية هو "دعم للمليشيات لتستمر سيطرتها على الميناء الأهم في البلد والذي يدر عليها مبالغ طائلة سنويا".


وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن المبررات الإنسانية التي ساقها الأمريكيون تسقط، بالنظر إلى الحالة التي يعيشها سكان محافظة الحديدة ومعاناتهم المستمرة منذ سيطرة الحوثيين على المحافظة قبل أكثر من ثلاث سنوات، فقد اجتاحتها ولا تزال الأوبئة والمجاعة، وتبدو أكثر المحافظات تضررا والأكثر عرضة لمخاطر الأزمة الإنسانية، مؤكدا أن "تحريرها من الحوثيين لن يكون هو نقطة البداية لإنهاء هذه الأزمة".


ويعتقد الصحفي الفقيه أن هذه العرقلة والتأخير لمعركة الحديدة هو بغرض منح الحوثيين فرصة ووقتا أطول للاستعداد للمعركة، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تحرص على إطالة عمر سيطرة المليشيات الحوثية في اليمن وإطالة أمد الحرب.

 

ابتزاز السعودية


وأوضح أن "من يقف على رأس إدارتها اليوم ينظر للأزمات كموسم جيد لبيع بضائعه، وخصوصا الأسلحة والاستشارات وابتزاز السعودية لفترة أطول بهذا الخطر الذي يهددهم من جنوب المملكة".


ووفقا لمدير تحرير صحيفة وموقع "المصدر" فإن الاستنزاف الذي تعرضت له المليشيات خلال الفترة الماضية جعل معركة الحديدة أسهل، ومكن القوات الموالية للحكومة من التقدم بصورة سريعة بالإضافة إلى أن الحديدة ليس فيها حاضنة اجتماعية للمليشيات.


أما توقف المعارك واستمرار سيطرة الحوثيين على الميناء والمدينة بحسب الصحفي اليمني، فإن ذلك يمنح مليشيات الحوثيين دورة حياة جديدة بعد أن انفض من حولها كثير من المقاتلين في جبهة الساحل الغربي وشعر الناس أن نهايتها قد اقتربت بدحرها مما تبقى من مناطق الساحل الغربي.


اقرأ أيضا: ميناء الحديدة.. عين الإمارات على الممرات البحرية اليمنية

 
وبشأن موقف أبو ظبي التي تشرف على الهجوم على مدينة الحديدة، من التحذير، فقد التزمت الإمارات للمسؤولين الأمريكيين بعدم التحرك العسكري في الحديدة، لكن المسؤولين الإماراتيين أكدوا -وفقا لصحيفة واشنطن بوست- أنهم لا يملكون السيطرة على القوات التي تم تدريبها من قبلهم وتتبع الحكومة اليمنية.


ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته قوله بأن الإماراتيين أعادوا التأكيد الأسبوع الماضي أن قواتهم لا تخطط في هذا الوقت للمشاركة في هجوم على ميناء الحديدة، لكن الوضع قد يتغير إذا تعرضوا لأي هجوم من قبل الحوثيين أو استفزاز عسكري من داخل الحديدة.


من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي، حمداني الرحبي إن "الحديدة تمثل العمود الفقري لتمويل الحوثيين بالمال والأسلحة والمساعدات الإغاثية، لذا أغلب المساعدات الإغاثية يتم نهبها من قبلهم لتمويل الحرب التي يشنونها".


وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن التحالف العربي يحاول ألا تكون هناك معركة دامية في الحديدة، وأفسح المجال للجهود الأممية لتسليم المدينة دون حرب ودون إراقة دماء، من خلال ما قدمه من حلول واقعية مناسبة للوضع هناك بتسليم المحافظة والميناء للإشراف الأممي لإدارة العمل الإغاثي".


ووفقا للرحبي فإن الغريب في الأمر، هو موقف الأمم المتحدة، وواشنطن، من الحديدة وتجاهلها معاناة اليمنيين في تعز (جنوب غرب) والبيضاء (وسط) وصنعاء ومأرب (شمال شرق) التي تتعرض لقصف يومي من قبل الحوثيين.


ولفت إلى أن الموقف الأميركي الأخير متناقض مع المواقف المعلنة في دعم التحالف العربي ودعم الحكومة الشرعية، مؤكدا أن هناك ضبابية في الموقف الدولي وكيل بمكيالين تجاه الحوثيين.


كما قلل من المخاوف الأمريكية التي تغلفت بمبررات إنسانية، وقال إن معركة الحديدة ليست بذات الصعوبة، كما هو الحال في جبهتي "نهم وصرواح" شرقي صنعاء، بل إن طبيعة مدينة الحديدة مختلفة تماما، فهي أرض مفتوحة، ويمكن للتحالف العربي السيطرة عليها بسهولة.


تعزيز لموقف الحوثي


وفي هذا السياق، أكد الخبير اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية علي الذهب، أن أي معوقات تجاه تقدم القوات الحكومية المدعومة من التحالف باتجاه الحديدة، من شأنها "تمكين الحوثيين من تعزيز موقفهم القتالي، الذي بدا مرتبكا خلال الأيام القلية الماضية، وانعكاس ذلك، إيجابيا، على موقفهم السياسي، المتمثل في ما سيطرحونه من شروط للقبول بالمفاوضات، التي يقودها المبعوث الأممي الجديد".


وقال في حديث لـ"عربي21": "لم يصدر حتى الآن موقف واضح للبيت الأبيض، فضلا عن أن كل ما يجري من نشاط عسكري في الساحل، يخضع للإشراف الأمريكي، المباشر وغير المباشر؛ حيث تشارك الولايات المتحدة مباشرة، لوجستيا واستخباريا، في عملية إعادة الأمل، ولها فريق عسكري مقيم في المقر المشترك لقيادة التحالف بالرياض".


وأوضح الذهب أن "هنالك تفاهما كاملا بين التحالف والإدارة الأمريكية، وما يصدر من تسريبات أمريكية من قبيل ما أشرت إليه، له أهداف سياسية، وعسكرية، وله ارتباط وثيق بتزامن العمليات في الساحل، وما يجري من حراك سياسي عبر المبعوث الأممي".


أما مخاوف واشنطن من تردي الوضع الإنساني، فقد لفت الخبير اليمني إلى أن "إجرامها بحق المدنيين في البيضاء الواقعة وسط اليمن، وفي سوريا وغيرها، يسقط هذه الادعاءات، إضافة إلى أن ذلك يؤكد الانتهازية الأمريكية، في حال صحة ما يثار من تصريحات بهذا الشأن".