ملفات وتقارير

لماذا حذفت واشنطن مصطلح "الأراضي المحتلة" من تقرير دولي؟

تقرير الخارجية الأمريكية حذف مصطلح "الأراضي المحتلة" واستبدله بمفردات "غزة والضفة الغربية"- جيتي

في سابقة هي الأولى من نوعها أسقطت وزارة الخارجية الأمريكية مصطلح (الأراضي المحتلة) من تقريرها السنوي الذي يتناول أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم للعام 2017.


التقرير الذي صدر عن مكتب شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، استحدث عددا من المصطلحات ضمن الفصل الخاص بتقييم أوضاع حقوق الإنسان في فلسطين، بحيث تم تقسيم المناطق في هذا التقرير إلى (إسرائيل وهضبة الجولان، الضفة الغربية وقطاع غزة)، خلافا للصيغة التي كانت متبعة في مثل هذه التقارير وهي (إسرائيل والأراضي المحتلة).


وبررت وزارة الخارجية الأمريكية ما جرى بأنه يأتي في "سياق تغيير تقني تم تبنيه في الشهور الأخيرة من قبل عدة وكالات وهيئات في الإدارة الأمريكية".


استنكار فلسطيني

 

وسارعت السلطة الفلسطينية عبر المتحدث الرسمي باسمها نبيل أبو ردينة إلى التعبير عن رفض السلطة لحذف مصطلح "الأراضي المحتلة" من هذا التقرير، معتبرا ذلك "محاولة أمريكية لتغيير الحقائق وفرض سياسية الأمر على الفلسطينيين بما يخدم مصالح الجانب الإسرائيلي".


أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، فاعتبر ما جاء في التقرير "محاولة أمريكية لنفي صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية وتأكيدا للانحياز الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي".


وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن "الإدارة الأمريكية تحاول من خلال هذا التقرير أن تجمل من صورة الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يتوانى عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، وبهذه السياسية لم تعد الإدارة الأمريكية تحظى بالثقة والمصداقية التي كانت تتمتع بها في السنوات الأخيرة".


وأكد المجدلاني أنه "في حال استمر الوضع القائم دون تدخل دولي لكسر الاحتكار الأمريكي للعملية السياسية فإن ذلك يعني مزيدا من ضياع الحقوق للفلسطينيين، وعلى الإدارة الأمريكية أن تتحمل تداعيات ونتائج هذه السياسية".


القبول بحل الدولة الواحدة


ويطرح هذا التطور في الموقف الأمريكي تساؤلات حول تداعيات وانعكاس هذه الخطوة على المستوى السياسي والدبلوماسي للموقف الفلسطيني.


وفي هذا الشأن، تقول أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبير ثابت، أن "حذف مصطلح "الأراضي المحتلة" من تقرير الخارجية الأمريكية "يعطي إشارة واضحة على تبني المؤسسات الأمريكية لرؤية الرئيس ترامب بشأن حل الصراع الفلسطيني_ الإسرائيلي والمتمثل في حل الدولة الواحدة وما يترتب على ذلك من تداعيات منها تصفية قضية اللاجئين وتحييد مدينة القدس من ملفات الحل النهائي عبر الاعتراف بها كعاصمة لدولة إسرائيل."


وتابعت في حديثها لـ"عربي21" أن "تقسيم المناطق الفلسطينية في هذا التقرير إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بدلا من مصطلح الأراضي المحتلة يعكس بصورة كبيرة الرغبة الأمريكية المتمثلة في فصل المناطق الفلسطينية لتشكيل أرضية لقبول الفلسطينيين في مشروع الدولة الواحدة، وفي حال رفضوا القبول بهذا المشروع عليهم تحمل تداعيات الانفصال السياسي بين شطري الوطن".


وأكدت أن "الخطر الحقيقي الذي يواجه الفلسطينيين هو قيام دول العالم بتبني الموقف الأمريكي تجاه هذه القضية، خصوصا وأن العديد من دول العالم قد أعربت في وقت سابق عن استعدادها لتبني الموقف الأمريكي سواء بنقل السفارة أو تغيير المصطلحات السياسية والجغرافية الخاصة بالأراضي الفلسطينية كما حدث في تقرير الخارجية الأمريكية".


انتهاك للقوانين الدولية

 
بدوره اعتبر الدبلوماسي الفلسطيني والوكيل السابق لوزارة الخارجية، محمود العجرمى، على الخطوة الأمريكية "تجاوزا للقوانين الدولية التي لا تعطيها الحق في أن تقرر أسماء الدول خلافا لمسمياتها الرسمية، فـ"الأراضي المحتلة" هو مصطلح سياسي تبنته الأمم المتحدة لفلسطين ثم تطور بعد ذلك إلى أراضي السلطة الفلسطينية ثم دولة فلسطين، وبذلك يشكل هذا التقرير انتهاكا للمواثيق الأمم المتحدة وكسرا لكل الأعراف والمواثيق الدولية".


وأضاف العجرمي في حديث لـ"عربي21" أنه "منذ تولي الرئيس دونالد مقاليد الحكم في البيت الأبيض تغيرت السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وهذا التغيير سيؤثر على مجمل المنظومة السياسية وخطط الحل النهائي، حيث لم تعد حدود 1967 هي التي سيبنى عليها التفاوض، بل إن الحلول وفق منظور ترامب وفريقه الرئاسي تأتي من خلال الصفقات التي لا تراعي موازين القوى."