صحافة دولية

ديلي بيست: هل تدخل القوات التركية منبج؟

ديلي بيست: قرار ترامب بسحب قواته يلقي بظلال من الارتباك على الوضع في سوريا- جيتي

نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للكاتب روي غوتمان، يتحدث فيه عن الارتباك في الاستراتيجية الأمريكية في سوريا.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعو إلى خروج القوات الأمريكية في الوقت الذي تتحرك فيه تلك القوات إلى بلدة منبج، التي تعد واحدة من المدن المتنازع عليها، لافتا إلى أن القصف الجوي الأمريكي ساعد في عام 2016 المقاتلين الأكراد على دخول المدينة، وإجبار مقاتلي تنظيم الدولة  على الخروج منها، إلا أن تركيا تريد دخولها، وكذلك نظام بشار الأسد. 

 

ويلفت غوتمان إلى أن إعلان ترامب عن الخروج السريع جاء ليزيد من حدة النزاع على منبج والرقة، التي كانت عاصمة ما تعرف بالدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كرر مطالبه يوم الأربعاء بخروج مقاتلي حماية الشعب، الذين يعدهم أتباعا لحزب العمال الكردستاني، من منبج. 

 

وينقل الموقع عن أردوغان، قوله: "لن تتوقف تركيا حتى يتم تأمين المناطق الواقعة تحت سيطرة فرع (بي كا كا) كلها، خاصة منبج"، مشيرا إلى أن ترامب اتصل هاتفيا مع أردوغان يوم الجمعة، في وقت عقد فيه الأتراك والأمريكيون محادثات على مستويات عالية، نوقشت فيها عدة قضايا، ومنها منبج. 

 

ويذكر التقرير أن الإعلام التركي أشار إلى وصول قافلة عسكرية أمريكية من 300 جندي إلى مركز المدنية، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها القوات بدوريات ليلية في المركز، حيث ظلت متمركزة في الضواحي، لافتا إلى أن وزارة الدفاع لم تؤكد الرقم، لكنها لم تنف التقارير عن تحركات الجنود، حيث قالت إن القرار تم اتخاذه بشكل محلي. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون، قوله إن "القادة قاموا بتفويض السلطات والمسؤولية لوضع عدد من القوات والناس والمصادر المطلوبة لتحقيق المهمة وحماية السكان"، فيما قال مسؤولون أمريكيون إن تفاصيل إعادة نشر القوات سرية، إلا أن الهدف منها هو طمأنة قوات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية أنهم محميون وآمنون.

 

ويفيد الموقع بأن مقاتلي حماية الشعب تخلوا عن مواقعهم في شرق سوريا، وانضموا للقتال في عفرين، التي سقطت في منتصف آذار/ مارس الماضي، حيث يحاول مقاتلو الجيش السوري الحر، وبدعم من الجيش التركي، السيطرة على مناطق جديدة، مشيرا إلى أن وكالة "الأناضول" التركية الرسمية تحدثت عن خطط  لبناء قاعدتين عسكريتين في منبج، بشكل يضع القوات الأمريكية في محيط القوات التركية. 

 

ويجد التقرير أن "قرار ترامب بسحب القوات جاء وسط ما يحدث كله ليلقي بظلال من الارتباك والفوضى على الوضع في سوريا، فالمسألة ليست متعلقة بالقوة الأمريكية الصغيرة، ألفي جندي ومئتي مسؤول مدني، إلا أنها متعلقة بكيفية منع انتكاسات استراتيجية ضخمة تنبع من لاعبين آخرين يحاولون ملء الفراغ الأمريكي، ويثير قرار ترامب لو طبق ثلاثة أسئلة مهمة، وإن كانت منفصلة". 

 

ويقول غوتمان إن "السؤال الأول يتعلق بقتال تنظيم الدولة، الذي استغل الفوضى، وسيطر على مناطق جديدة في شرق سوريا، أما الثاني، فهو عن منع النظام السوري وحلفائه الإيرانيين من ملء الفراغ في المناطق التي ساعدت الولايات المتحدة على استعادتها من الجهاديين، أما الثالث فهو عن الدور التركي، وفيما إن سمح لها بملء الفراغ، خاصة في منبج، في ضوء توتر العلاقات".

 

وينوه الموقع إلى أن "التدهور في العلاقات بدأ في عهد أوباما، الذي رفض السماح لتركيا بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، بشكل يسمح بتدفق اللاجئين إليها، وعندما بدأ تنظيم الدولة بالسيطرة على المدن والبلدات فإن تركيا حمّلت النظام السوري المسؤولية، إلا أن واشنطن رفضت الاتهام، وقالت إنها لن تقاتل إلا التنظيم، وليس النظام". 

 

ويشير التقرير إلى أنه علاوة على هذا كله، فإن الولايات المتحدة قررت التحالف مع الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، بزعم أنه القوة الأفضل لقتال تنظيم الدولة، وأثارت حنق الأتراك بتزويده بالسلاح، لافتا إلى أن التوتر زاد عندما ألقت السلطات التركية القبض على المبشر الأمريكي أندرو برانسون، الذي كان يعمل في إزمير، واعتقلت موظفين في السفارة الأمريكية؛ بتهمة التواطؤ مع رجل الدين التركي فتح الله غولن، الذي تحمله أنقرة مسؤولية المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، فيما شن الإعلام المؤيد للحكومة حملة ضد الولايات المتحدة، وقالت صحيفة "ديلي صباح": "ليس سرا أن للولايات المتحدة تاريخا كارثيا في التدخلات العسكرية".

 

ويرى الكاتب أن "تسليم منبج للأتراك، وإن لم يكن مستساغا، إلا أنه أفضل من خيار أكثر ضررا، وهو احتمال سيطرة الأسد على البلدة، بدعم من المليشيات الشيعية، التي سيكون وصولها لمدينة سنية أسوأ من دخول قوات تنظيم الدولة لها عام 2014، وسيكون رحيل القوات الأمريكية من سوريا بمثابة انتصار (لمحور المقاومة)، كما نشرت وكالة أنباء (تسنيم) الإيرانية، قائلة: (لو خرجت القوات الأمريكية من سوريا، كما وعد دونالد ترامب، فسيكون ذلك بمثابة اعتراف واشنطن بالهزيمة، ونصر عظيم لمحور المقاومة في هذا البلد)". 

 

وينقل الموقع عن المحلل حسن هاني زادة، قوله إن "الخروج الأمريكي من سوريا سيقود إلى عزل تدريجي للسعودية وبريطانيا وفرنسا في المنطقة". 

 

وبحسب التقرير، فإن الحرس الثوري يقوم بمحاولات لنباء جسر بري لتزويد حزب الله بالأسلحة، ودعم مواجهته المستمرة مع إسرائيل، منوها إلى أن الولايات المتحدة عبرت عن رغبتها في منع إيران من حرية الحركة في هذا الممر. 

 

ويذهب غوتمان إلى أنه "من المفارقة أن المعركة ضد تنظيم الدولة لم تعد مهمة للولايات المتحدة، خاصة أن هناك أدلة على طلب واشنطن من بغداد إرسال قواتها عبر الحدود السورية؛ لقتال بقايا التنظيم، وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه طرح الفكرة مع القادة العسكريين، وربما دخلت القوات العراقية سوريا، وسيكون المبرر هو مهاجمة تنظيم الدولة الأراضي العراقية من سوريا". 

 

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن السؤال هو إن كانت تلك فكرة جيدة أم لا، حيث تساءل مسؤول أمريكي: "هل نريد حقا دعم عملية غزو دولة لأخرى؟".