تعاني العديد من البلدان العربية من وطأة ارتفاع الدين العام بعد سنوات من الاضطراب السياسي أثرت سلبا على الأداء الاقتصادي لتلك البلدان، علاوة على استمرار معضلاتها الموروثة منذ عقود مضت، التي تتعلق باحتياجاتها لجذب استثمارات بشكل أكبر وتعزيز قدراتها الإنتاجية، وتحديث السياسات الاجتماعية لتصبح أقل تكلفة وأكثر إفادة للمواطنين.
ووفقا للبرنامج الإصلاحي الذي تتبناه تونس في الوقت
الحالي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، في إطار اتفاق قرض في 2016، فإن البلاد
تستهدف أن يكون الدين العام عند مستوى أقل من 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي
بحلول 2020، مقابل 72.1 بالمئة متوقعة للعام الحالي.
ووفقا لصحيفة "الشرق الأوسط"، تمثل ديون
العملة الأجنبية العامة الجزء الأكبر من عبء الدين التونسي، فحسب بيان صندوق
النقد، من المتوقع أن تمثل هذه الديون في 2018 نحو 70.6 بالمئة من إجمالي الديون،
في ظل ما تعانيه البلاد من استنزاف لاحتياطات النقد الأجنبي وتذبذب في قيمة العملة
المحلية أمام الدولار.
ووصل حجم الدين الخارجي في نهاية سنة 2016 إلى نحو
28.7 مليار دولار، وهو ما يعني أنه تضاعف أكثر من مرة بالمقارنة مع سنة 2010، حين
لم يتجاوز حدود 13.4 مليار دولار، وتفرض هذه الديون ضغوطا قوية على الوضع
الاقتصادي في البلاد، بسبب خدمة الديون الخارجية بالعملة الصعبة التي تعرف بدورها
ارتفاعا قياسيا خلال الفترة الماضية.
أزمة الدعم في مصر
تواجه مصر أيضا تحديات تفاقم الديون العامة، مع
ارتفاع إجماليها إلى 103 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017،
وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.
ويأمل الصندوق الذي أبرم اتفاقا مع البلاد على
برنامج إصلاحي في 2016 أن تنخفض المديونية إلى 86.7 بالمئة في العام المالي 2019،
مع تطبيق إجراءات لكبح الإنفاق العام.
ويمثل الدعم والأجور أحد مصادر الإنفاق الرئيسية في
مصر أيضا، وتستهدف الدولة الحد من الإنفاق عليهما لتقليل تكاليف الأجور.
وبحسب بيانات الصندوق، فإن الأجور مثلت نحو 6.5 في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال العام المالي 2017، بينما مثل الدعم
8 بالمئة.
ويتركز الجزء الأكبر من تكاليف الدعم في دعم الطاقة
الذي مثّل في العام نفسه نحو 4.1 بالمئة من الناتج الإجمالي، لذا فإن الدولة
تستهدف منذ العالم المالي 2015 تحرير دعم الطاقة بشكل تدريجي.
الأردن.. الأزمة تتفاقم
اقرأ أيضا: صفقات العقارات السعودية تتراجع 31 بالمئة خلال الربع الأول
على صعيد الأردن، فقد بلغ حجم الدين العام حتى نهاية
شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، بحسب آخر نشرة لوزارة المالية الأردنية، نحو 95.6
بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب أحدث أرقام صادرة عن وزارة المالية الأردنية،
فقد بلغت قيمة إجمالي الدين العام في نهاية الشهر الأول من العام الحالي 27.44
مليار دينار (ما يعادل 38.69 مليار دولار).
ويرى مراقبون أن هناك علاقة قوية بين القفزات
الحاصلة في الدين العام الأردني، وبين الأوضاع السائدة في المنطقة، خصوصا بعد
الربيع العربي.
إضافة إلى تأثير تداعيات الأزمة المالية العالمية
2008، فقد زاد الدين العام، وفق الإحصاءات الرسمية، من 2008 ولغاية 2011، بنحو 7
مليارات دينار ليصل إلى 19 مليار دينار.
إصلاحات مطلوبة
وتحتاج عدة بلدان عربية لتعزيز إيراداتها الضريبية
كبديل عن الاستدانة لتوفير الموارد المالية للحكومة، وتبدو مصر من ضمن الأكثر
احتياجا لذلك بالنظر إلى تدني نسبة إيرادات الضرائب إلى الناتج الإجمالي، حيث وصلت
في العام المالي 2017 لنحو 13.3 بالمئة من الناتج وفقا لتقديرات صندوق النقد.
وقد اعتمدت مصر بقوة خلال الفترة الأخيرة على تعزيز
إيراداتها الضريبية عبر التوسع في ضرائب الاستهلاك من خلال إصدار قانون ضريبة
القيمة المضافة في عام 2016، الذي رفع السعر العام للضريبة من 10 بالمئة إلى 14 بالمئة،
لكن البلاد لا تزال تحتاج لتعزيز مصادرها الضريبية من ضرائب الدخل من خلال مكافحة
التهرب الضريبي، والتوسع في إخضاع الثروات والدخول المرتفعة للضريبة، حتى يستفيد
الاقتصاد من معدلات النمو القوية التي حققها مؤخرا، التي بلغت 5 بالمئة خلال عام
2017، وهو الأعلى منذ 2010.
وتتفوق تونس على المتوسط العالمي لنسبة الضرائب من
الناتج الإجمالي، حيث وصل في 2017 لنحو 22.2 بالمئة، وفق تقديرات صندوق النقد، بينما
يبلغ المتوسط العالمي وفق أحدث تقديرات موقع البنك الدولي 15 بالمئة عن عام 2015.
وكانت حكومة رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد
استهدفت في موازنة 2018 زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة واحد في المئة، ورفع
الضريبة على عدة سلع مثل المشروبات الكحولية والعطور والمكالمات الهاتفية، إضافة
إلى فرض ضريبة على الإقامة بالفنادق.
وتصل نسبة إيرادات الضرائب من الناتج الإجمالي في
الأردن إلى نحو ما يقرب من 17 في المئة في 2016، وفق تقديرات صندوق النقد، وتقول
المؤسسة الدولية إن نحو 95 بالمئة من السكان لا يسددون ضرائب دخل، داعية البلاد
إلى تطبيق إصلاحات ضريبية تعالج هذا الخلل.