حقوق وحريات

اعتراف حكومي بالتعذيب في سجون مصر.. روايات مؤلمة

وزير مصري: حالات التعذيب لا تزيد عن 72 حالة ولا يمكن وصفها بالظاهرة- أ ف ب

في اعتراف هو الأول من نوعه أكد وزير شؤون مجلس النواب المصري عمر مروان، وجود حالات تعذيب في السجون المصرية، ولكنه أعلن أنها لا تزيد عن 72 حالة وبالتالي لا يمكن وصفها بالظاهرة.


"عربي 21" ألتقت بعدد من المعتقلين السابقين والذين كشفوا عن وسائل التعذيب التي تعرضوا لها من أجل الاعتراف بتفاصيل ليس لهم علاقة بها، من بينهم "كرم ناصر" الذي قال إنه اعتقل من أمام مقر عمله بإحدى الهيئات التابعة لمحافظة الجيزة وتم اقتياده لمقر تابع للأمن الوطني على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي وتعاقب على تعذيبه عدد من الضباط والمخبرين بالضرب بالسياط والصعق بالكهرباء وإجباره على تناول الملح بكميات كبيرة مع منعه من شرب المياه لعدة أيام، موضحا أنه فقد 30 كليو جراما خلال الشهر والنصف التي قضاها بالمقر الصحراوي، ومازالت آثار التعذيب بادية على جسده.


وأوضح ناصر، الذي أطلقت السلطات المصرية سراحه في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد حكم ببراءته من الاتهامات التي وجهها له الأمن الوطني، خلال حديثه لـ "عربي21"، أنه لم يتعرض للتعذيب داخل السجن ولكنه قابل عددا من الذين تم تعذيبهم داخله، مثل عادل حباره الذي تم إعدامه في ديسمبر / كانون الأول 2016، وكذلك المتهمين بقتل النائب العام والنائب العام المساعد.

 

اقرأ أيضا: "الثوري المصري" يدعو لملاحقة دولية للمتهمين في جرائم التعذيب

وقال سيد مرسي أحد أعضاء تنظيم بيت المقدس لـ "عربي 21" إنه تعرض للتعذيب في سجن العازولي الحربي بالسويس، حيث ظل فيه 45 يوما قبل ترحيله لسجن الاستقبال بالقاهرة، موضحا أنه سبق اعتقاله قبل ثورة يناير 2011، وقد سُجِنَ بعدد من السجون إلا أنه لم يشاهد مثل سجن العازولي الحربي، والذي يرفع فيه المعتقلون شعار: "الداخل مفقود والخارج مولود."


وأضاف مرسي أنه شاهد أربعة معتقلين ماتوا أمامه نتيجة التعذيب على يد ضباط المخابرات الحربية الذين يجاهرون بمعصية الله وتحديه، وأن أحدهم قال له: "لو نزل الله لما أنجدك مني"!.


وعن أشكال التعذيب أوضح مرسي أنها تتنوع بين السجن في زنازين تحت الأرض ومنعهم من النوم لأيام متصلة، ومنع الأكل والشرب عنهم، وضربهم بكل ما يقع بأيدي الضباط والعساكر، وصعقهم بالكهرباء في أماكن حساسة، وتشريح بعض أجزاء الجسم لإجبارهم على الاعتراف، وقد تعرض عدد من المعتقلين للاعتداء الجسدي المباشر، وفي بعض الأحيان كانوا يتم سجنهم مع كلاب بوليسية وثعابين وعقارب سامة، مشيرا إلى أن الإنسان ليس لديه قيمة عندهم، وحتى طبيب السجن لا يختلف في إجرامه عن الضباط الذين يقومون بالتعذيب.


وأشار المحامي والحقوقي أسامة علي إلى أنهم تقدموا بشكاوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان عن التعذيب الممنهج الذي تعرض له المسجونون السياسيون في سجن العقرب خلال الفترة من آذار/ مارس 2015 وحتى آب/ أغسطس 2017، وقد فوجئوا بقرار صادر من وزير الداخلية بتوقيع جزاء إداري ضدهم طبقا لنصوص قانون السجون بمنع الملح والسكريات، وتقليل الوجبات الغذائية الرسمية، ومنع المعتقلين من الشمس والهواء، وحبس عدد منهم في زنازين سوداء ليس بها إنارة.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: وباء التعذيب في مصر توسع تحت حكم السيسي

وقال في تصريحات لـ "عربي 21" إن القانون أتاح لوزير الداخلية اتخاذ هذه العقوبات ضد المسجونين إذا خالفوا لوائح السجون، وقد ترك القانون النصوص لتقدير الوزير، وبالتالي فقد منحهم حق القتل البطيء لمسؤولي الداخلية دون أن يتعرضوا للمساءلة القانونية.


ضحايا القتل البطيء


وأضاف علي: "الإهمال الطبي بالسجون بمثابة قتل مقنن، وقد كان من نتائجه وفاة عدد من المعتقلين، من بينهم الشيخ نبيل المغربي أحد القيادات التاريخية في حركة الجهاد الإسلامي، والذي توفي بعد إصابته بالسرطان في حزيران / يونيو 2015، وقد لحق بالمغربي الذي كان يبلغ من العمر 67 عاما قضى منها 38 عاما في السجن، الشيخ مرجان سالم أحد قادة تنظيم القاعدة، والذي توفي أمام زملائه بسجن العقرب بعد إصابته بجلطة دماغية خلال موجة الحر الشديدة التي شهدتها مصر في آب/ أغسطس 2015، وهو نفس ما جرى مع المهندس عصام دربالة رئيس مجلس الشورى بالجماعة الإسلامية والذي لحق بالشيخ مرجان بعد عشرة أيام لنفس السبب وفي نفس السجن بل وفي نفس العنبر".

 

وتابع: "وقد سبقهم في الوفاة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد الدكتور فريد إسماعيل عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة والذي توفي في نيسان /ابريل 2015 لإصابته بجلطة دماغية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد طوال أكثر من شهرين كان يعاني فيهما من ترد واضح في الكبد، وكذلك الدكتور طارق الغندور الذي توفي في كانون الأول/ يناير 2015 بسجن أبو زعبل لتدهور حالة الكبد بعد رفض مصلحة السجون إجراء جراحة عاجلة له، وغيرهم العشرات الذين يفقدون حياتهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمد".