ملفات وتقارير

كيف خذلت المحكمة الدستورية المصريين منذ ثورة يناير؟

مكي: المحاكم الدستورية في الدول ذات الحكم الفردي أداة يستخدمها الحاكم لنقض الأحكام النهائية

أعاد حكم المحكمة الدستورية بمصر بشأن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الجدل حول دستورية فصل المحكمة في القضية برمتها، وإلغاء حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود التي تنازلت الحكومة المصرية بمقتضاها عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر.

وقضت المحكمة الدستورية العليا، السبت، بعدم الاعتداد بكافة الأحكام القضائية الصادرة، سواء من المحكمة الإدارية أو القضاء المستعجل بشأن اتفاقية تيران وصنافير، ويترتب على الحكم سريان الاتفاقية.

وأوقفت المحكمة الدستورية، في وقت سابق، حكمين متناقضين في شأن اتفاقية تيران وصنافير بين كل من مصر والسعودية.

وكانت المحكمة الإدارية العليا أيدت، في نيسان/ أبريل الماضي، حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية "تيران وصنافير".

"ليست المرة الأولى"

وفي معرض تعليقه، قال وزير العدل السابق، المستشار أحمد مكي، لـ"عربي21: "إن المحكمة الدستورية هي إحدى محاكم مذبحة القضاء عام 1969 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأنشئت لهكذا أحكام، وكانت تسمى المحكمة العليا، وجاء في المذكرة الإيضاحية لإنشائها أنها تراقب أحكام المحاكم التي تخرج أحكامها على مبادئ الثورة، والتي تحولت في عام 1971 إلى المحكمة الدستورية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات".

لافتا إلى أن إنشاء المحكمة "قوبل وقتها بالهجوم من قبل المحامين ونادي القضاة، وأساتذة القانون، وقيل إنها جريمة يعاقب عليها القانون، إلا أن مرتكبها المشرع نفسه".

واعتبر أن "المحاكم الدستورية في الدول ذات الحكم الفردي أداة يستخدمها الحاكم لنقض الأحكام النهائية"، مؤكدا أنه "لا استقلال للقضاء إلا في ظل الديمقراطية، واستقلاله بشكل كامل عن قرارات السلطة التنفيذية، وأنه لا توجد مؤسسات مستقلة في ظل حكم الفرد، سواء تشريعية أو رقابية أو قضائية بجميع أنواعها".

وأوضح أن "القول بأن القضاء الإداري غير مختص في نظر اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية غير صحيح؛ لأن نص الدستور في شأن المعاهدات يكفل لها هذا الدور، في حالة التنازل عن أملاك الدولة".

وكشف أن "المحكمة الدستورية لديها سابقة في إصدار مثل هكذا أحكام؛ فلأول مرة تقوم المحكمة الدستورية في عام 2012 بحل مجلس الشعب، وهو ليس من اختصاصها، وليس من حقها إلا الفصل في دستورية قانون الانتخابات وليس حل البرلمان".

"حل المحكمة الدستورية"

وطالب المحامي والسياسي، عمرو عبدالهادي، "بضرورة محاكمة أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وإلغاء المحكمة برمتها، بعد سلسلة الأحكام التي أصدرتها ضد إرادة الشعب والقضاء المصري"، مضيفا أن "حكم اليوم هو حكم إثبات الخيانة على أعضاء الدستورية".

ووصف في تصريحات لـ"عربي21" أعمال المحكمة الدستورية "بأنها طعنة في ظهر الثورة المصرية، ثورة 25 يناير، التي وافقت في 30 حزيران/ يونيو على تعطيل دستور 2012، وشرعت للانقلاب العسكري، وما تلاه من تداعيات، وخيانة للثورة والشهداء والوطن، وتواطؤ على إرادة الشعب والديمقراطية".

مؤكدا أن "حكم ما يسمى الدستورية العليا بإبطال قرار المحكمة الإدارية العليا سابقة؛ لأنه أبطل حكما موضوعا من الإدارية العليا أمام حكم قضاء مستعجل لا يختص بالموضوع، وعليه لا يمكن الاعتداد بمثل هكذا حكم".

"مؤيدة للثورة المضادة"

الكاتب الصحفي، قطب العربي، قال إن دور المحكمة الدستورية هو تعطيل الأحكام التي لا يريدها الحاكم، وأضاف لـ"عربي21": "المحكمة الدستورية كانت محل رفض من المنظومة القضائية المصرية عند تأسيسها عام 1969، وكان وجه الاعتراض أن عملها تقوم به إحدى دوائر النقض، لكن النظام حرص على إيجادها؛ لتمرير ما يشاء من أحكام".

واتهم المحكمة الدستورية "بالقيام بما يطلبه الحاكم، وقد وفّت المحكمة بذلك، خاصة بعد ثورة يناير؛ حيث قامت بحل أول برلمان ديمقراطي حر ونزيه للثورة، رغم أن القضية التي كانت معروضة عليها تتعلق بجزء بسيط من الثلث الفردي للمرشحين، لكنها تصدت لحل المجلس كله".

واختتم حديثه بالقول: "وها هي المحكمة الدستورية تفعلها مرة أخرى بدعم موقف النظام الذي تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم أن ما كان معروضا أمامها هو الفصل في تنازع بين حكمين، أحدهما للإدارية العليا، والآخر القضاء المستعجل".


اقرأ أيضا: الدستورية المصرية تنحاز للنظام حول تيران وصنافير