صحافة دولية

أتلانتك: ما تبعات مواصلة استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية؟

أتلانتك: استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية سيتسبب بزيادة التوتر بين أمريكا وروسيا- أ ف ب

نشر موقع مجلة "ذا أتلانتك" تقريرا للصحافي كريشناديف كالامور، يقول فيه إن المحققين التابعين للأمم المتحدة ينظرون في التقارير التي تقول إن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية على بلدتين يسيطر عليهما الثوار على الأقل في الأيام الأخيرة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذه هي المرة السادسة على الأقل التي يستخدم فيها نظام بشار الأسد مثل هذه الأسلحة ضد مراكز سكانية.

 

ويورد الكاتب نقلا عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسوريا، قولها يوم الثلاثاء إنها استقبلت عدة تقارير تفيد بأن "قنابل يدعي أنها احتوت على الكلور، استخدمت في مدينة سراقب في إدلب وفي دوما في الغوطة الشرقية". 

 

وتقول المجلة إن هذا الادعاء سيتسبب في الغالب بزيادة التوتر بين أمريكا وروسيا في مجلس الأمن، حيث أن البلدين عضوان ثابتان في المجلس، ولكل منهما حق استخدام الفيتو، ما يمنع أي فعل ضد استخدام رئيس النظام السوري لأسلحة محظورة دوليا.

 

وينقل التقرير عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، قولها يوم الاثنين في مجلس الأمن: "صحيح أن روسيا اضطرتنا للرجوع إلى المربع الأول في جهودنا لإنهاء استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، لكننا لن نتوقف عن بذل الجهد لمعرفة الحقيقة حول نظام الأسد، والتأكد من الوصول إلى الحقيقة، وأن يتم التعامل معها من المجتمع الدولي". 

ويعلق كالامور قائلا إن "هذا التعليق هو تكرار لما قاله وزير الخارجية ريكس تيلرسون في أواخر شهر كانون الثاني/ يناير، بعد حادث شبيه اتهم فيه الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية، حيث قال تيلرسون حينها: (بغض النظر عمن ارتكب الهجوم، فإن روسيا في المحصلة تتحمل مسؤولية الضحايا في الغوطة الشرقية وعدد لا يحصى من السوريين الآخرين، الذين استهدفتهم الأسلحة الكيماوية منذ أن تدخلت روسيا في سوريا)، وكان تدخل روسيا في الحرب الأهلية في سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 رجح الكفة على نحو حاسم لصالح الأسد".

 

وتذكر المجلة أن الهجمات الكيماوية تتكرر بالرغم من اتفاق في عهد أوباما بين أمريكا وروسيا في 2013، يقضي بتدمير ترسانة الأسلحة النووية التي يملكها الأسد، مشيرة إلى أن سوريا وافقت بموجب تلك الاتفاقية على التخلص من مخزونها من الأسلحة الكيماوية. 

 

ويورد التقرير نقلا عن تقارير إخبارية قولها في حينه بأنه كان لدى سوريا ألف طن من الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك غاز الخردل وغاز السارين وغاز الأعصاب VX، لافتا إلى قول المفتشين الدوليين إن نظام الأسد تخلص من الأسلحة الكيماوية، التي قال إنها كانت لديه بشكل كبير، مع أن هناك شكاوى مستمرة حول السرعة التي تطبق فيها بنود الاتفاقية. 

ويستدرك الكاتب بان تلك الاتفاقية لم تتضمن غاز الكلور؛ لأن نظام الأسد لم يضفها إلى قائمة مخزونه من الأسلحة الكيماوية، التي سلمها للمراقبين الدوليين، مشيرا إلى أنه بحسب التقارير، فإن معظم الهجمات الأخيرة استخدمت الكلور بشكل أو بآخر.

 

وتنقل المجلة عن جين باسكال زاندرز، الذي يرأس منظمة "ترينش" المتخصصة في دراسات نزع السلاح والدراسات الأمنية، قوله إن جزءا من المشكلة يكمن في أن للكلور استخدامات سلمية، مثل تنقية المياه، ويرى أن استخدام الأسد للكلور "ربما بدأ باستغلال مادة كيماوية سامة.. ثم بعد ذلك تم إنشاء نظام إنتاج متخصص، خاصة تصميم البراميل والقنابل والمقذوفات المختلفة التي تقوم بنشر الكلور بشكل واسع". 

ويجد التقرير أنه مع أن الكلور لم يذكر في قائمة الأسلحة الكيماوية لدى سوريا، إلا أن استخدامه لا يزال خرقا لالتزام سوريا باتفاقية الأسلحة الكيماوية، مبينا أن استمرار الأسد في استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى يشكك في فعالية الاتفاق لتخليص سوريا من الأسلحة الكيماوية، وبشكل عام سياسة أوباما الأوسع تجاه سوريا.

 

ويورد كالامور ما كتبه جيفري غولبيرغ في "ذا أتلانتك" في نيسان/ أبريل الماضي، بعد أن اتهم الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب، وردت إدارة ترامب على ذلك بضربة انتقامية، قائلا: "اتفاقية تجريد الأسد من أسلحته الكيماوية كانت فاشلة.. ولم تكن فشلا تاما، حيث تم نقل كميات من مخزونه، لكن الأسد أبقى ما فيه الكفاية ليستمر في قتل المدنيين بغاز السارين، وحجة أن أوباما توصل إلى اتفاقية شاملة بشأن التخلص من أسلحة الدمار الشامل دون الذهاب للحرب.. لم تعد قائمة".

 

وتقول المجلة إن "ما سوف يذكر عن سياسة أوباما تجاه سوريا هو ربما فشله في تطبيق الخطوط الحمراء بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية، فعندما استخدم الأسد غاز السارين ضد المدنيين في آب/ أغسطس 2013 اختار أوباما، الذي قاوم أن يضرب الأسد مباشرة، الاتفاقية بشأن مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية، لكن عندما استخدم الأسد غاز السارين في نيسان/ أبريل، لم يظهر ترامب ترددا في استخدام القوة ردا على ذلك، لكن تلك الضربة -والتهديد باستخدام المزيد من القوة- لم توقف استخدام هجمات الكلور".

 

ويلفت التقرير إلى أن الكثير في سوريا تغير منذ الضربة الأمريكية في نيسان/ ابريل الماضي ضد قوات الأسد، وأحد هذه التغييرات أنه تمت هزيمة تنظيم الدولة، ونتيجة لهذا أصبح الأسد يسيطر على معظم المراكز السكانية في البلد، وإن كان بمساعدة روسية إيرانية.

 

ويرى الكاتب أنه في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي للتفاوض لإنهاء الصراع السوري، فإن استخدام الأسد للأسلحة التقليدية لاستهداف المستشفيات والمناطق السكنية يشكل أيضا أولوية، حيث أن تلك الهجمات تسببت بقتل مئات آلاف الناس.

 

وتبين المجلة أن "موضوع أن تقف تلك الهجمات، بالأسلحة التقليدية أو غيرها، في اتفاقية سلام موضوع مختلف تماما عما إذا كان مرتكبو تلك الهجمات سيعاقبون أم لا، ففي حالة الأسلحة الكيماوية فإنه ليست هناك سوابق محاسبة يقاس عليها". 

 

وتختم "ذا أتلانتك" تقريرها بالإشارة إلى قول زاندرز: "لم تكن هناك أي حرب استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية (أدت إلى) محاكمة دولية للحرب الكيماوية.. لم تحصل بعد الحرب العالمية الأولى، ولم تحصل بعد الحرب العالمية الثانية، ولا اليابانيين في الصين، ولا في الحرب العراقية الإيرانية، وهذه هي الحقيقة المحزنة التي علينا التعامل معها".