نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للكاتب ديفيد غراهام، يتحدث فيه عن كتاب مايكل وولف "نار وغصب: في داخل بيت ترامب الأبيض"، الذي نشر هذا الأسبوع.
ويبدأ غراهام مقاله بالقول: "إنه لمن المفارقة أن يكون نشر كتاب وولف، النار والغضب، هذا الأسبوع هو الذي بلور حقيقة قلة قراءة ترامب، وعدم اهتمامه بالكلمة المطبوعة، ومدى وآثار تفضيله للتواصل الشفوي بدلا من المكتوب، وهو ما يستحق نظرة أدق".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن وولف كتب عن ترامب أنه لا يعالج المعلومات بأي شكل تقليدي، "إنه لا يقرأ، ولا حتى يمر سريعا (على النصوص)، ويعتقد البعض أنه شبه متعلم من ناحية عملية".
ويبين غراهام أن وولف يستشهد بما كتبه المستشار الاقتصادي غاري كوهن في بريد إلكتروني له، حيث قال: "إن الأمر أسوأ مما تستطيع أن تتصور.. ترامب لن يقرأ شيئا، ولا حتى مذكرات من صفحة واحدة، ناهيك عن أوراق الإيجاز السياسي، لا شيء، ويقف في وسط الاجتماعات مع زعماء العالم لأنه أصيب بالملل".
ويجد الكاتب أنه "مع أن حلفاء ترامب وبعض الصحافيين من التيار الرئيسي هاجموا دقة كتاب وولف، إلا أن حساسية ترامب للقراءة هي واحدة من التأكيدات التي وردت في الكتاب، وعليها أدلة من أكثر من مصدر".
ويلفت غراهام إلى أن محرري هذه المجلة نشروا مقالا، قالوا فيه: "يبدو أن المرشح الجمهوري لا يقرأ"، وقال ترامب قبل تنصيبه لموقع "أكسيوس" الإخباري: "أحب النقاط ولا أريد تقارير مؤلفة من 200 صفحة حول شيء يمكن أن يختصر في صفحة"، مشيرا إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريرا في شهر شباط/ فبراير، بأنه صدرت تعليمات لأعضاء مجلس الأمني الوطني بألا تزيد أوراق السياسات على صفحة واحدة، وتضمين الكثير من الخرائط والرسوم، بالإضافة إلى أن موقع "ماذر جونز" قام بمراجعة بعض المعلومات السرية، التي تشير إلى أن الإيجاز الذي يقدم لترامب هو ربع ما كان يقدم لأوباما.
ويذكر الكاتب أن تقريرا لوكالة "رويترز" للأنباء قال في شهر آذار/ مارس، بأن كتّاب الإيجاز يقومون بوضع اسم الرئيس بشكل استراتيجي في الإيجاز ليستطيعوا الحصول على تركيز الرئيس المتقلب، كما نشرت "أسوشيتد برس" تقريرا في أيلول/ سبتمبر، يقول إن كبار المستشارين قرروا بأن ترامب يحتاج إلى دورة مكثفة في الدور العالمي الذي تؤديه أمريكا، ورتبوا لذلك محاضرة مدتها 90 دقيقة في البنتاغون كانت مدعمة بالعديد من الخرائط والرسوم البيانية.
وينوه غراهام إلى أن مقدم البرامج في "أم أس أن بي سي" جو سكاربرو كتب مقالا يوم الجمعة، في ظل الضجة التي أحاطت كتاب وولف، قال فيه إنه في أيلول/ سبتمبر 2015 واجه ترامب بخصوص أدائه الضعيف في المناظرة، وقال له: "هل تستطيع القراءة؟"، وعندما لم يجبه قال له مرة أخرى: "أنا جاد يا دونالد، هل تقرأ؟ ولو كتب لك أحدهم ورقة عن السياسة من صفحة واحدة، هل تستطيع قراءتها؟"، أجاب ترامب برفعه إنجيلا من والدته، وقال أقرأه دائما، "ربما كان مازحا، حيث يظهر جهلا شديدا بالإنجيل".
ويعلق الكاتب قائلا إن "قصة سكاربرو هي الأغرب؛ لأنه مر عليها حوالي عام ونصف، كما أنه استمر في تشجيع ترشح ترامب وبقي ينصحه سرا، (كما قال جيمس فالوس إن أكبر فضيحة كشفها كتاب وولف هي أن هناك الكثير من الناس الذين كان لديهم ارتياب شديد حول ترامب لكنهم لم يرفعوا أصواتهم)، ولسوء الحظ أيضا أن ترامب من ناحية حرفية متعلم، بل يظهر تمكنا من استخدام اللغة، وإن كان بشكل ضبابي، ونصوصه مليئة بالأخطاء المطبعية على (تويتر) كل يوم تقريبا".
ويقول غراهام: "أما المدافعون عن ترامب فيستخدمون أعذار، مثل القول إنه قادم من عالم الأعمال، ومستوى استيعابه للمعلومات هو مثل رجال الأعمال، وقالت (أسوشيتد برس) إن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس استخدما الخرائط والرسوم البيانية؛ لأن تلك (طريقة يقدرها رجل أعمال تحول إلى سياسي)".
ويفيد الكاتب بأنه "كانت هناك حالات سابقة، فمثلا اشتهر عن بيل كلينتون أنه كان يحب الإيجازات الطويلة إلى درجة أن مستشاريه كانوا ينزعجون من تركيزه على التفاصيل، لدرجة أنه لا يرى الصورة الكبيرة، ومع أن أوباما أيضا كان يحب إيجازات طويلة -أوراق سياسات مؤلفة من ثلاث إلى ست صفحات وإيجازات رئاسية مطولة- إلا أنه كان يطلب من مستشاريه أن يقدموا له المذكرات التي تحتاج إلى قرار منه تبين الخيارات على شكل قائمة".
ويبين غراهام أن "جورج بوش الابن أتى من خلفية تجارية أيضا، حيث درس في كلية التجارة في جامعة هارفارد، وكان بوش يطلب إيجازا شفويا، بالإضافة إلى الإيجاز الرئاسي اليومي المكتوب، الذي كان يختصر إلى ما لا يزيد على 10 صفحات، بحسب فيليب شينون، وكتب رون سوسكيند بأن رأي بوش كان يرسي في العادة على الايجاز الشفوي الأخير الذي تلقاه".
ويستدرك الكاتب بأن "هناك فروقا كبيرة بين بوش الابن وترامب، وهو ما يجعل ناقدي بوش الابن يحنون إلى أيامه، وكان منتقدو بوش ينتقدونه بسبب الإيجاز المختصر الذي كان يتلقاه، لكن إيجاز ترامب أقصر وبدائي أكثر، كما أن سابقة بوش ليست مريحة لأي شخص حريص على يد ثابتة على مقود المركب: فحرب العراق تبقى أكبر خطأ أمريكي في السياسة الخارجية منذ فيتنام، وعبر ترامب عن حيرته بشأن الحرب التي يبدو الانتصار فيها غير ممكن في أفغانستان، التي ورثها عن بوش من خلال أوباما".
ويقول غراهام إن "بوش كان يقرأ للتسلية وللمعرفة أيضا، وإن كان يركز على الكتب ذات الفكرة الثابتة، ويتجنب الأفكار الحرجة، بحسب ما قال عنه ريتشارد كوهين، لكن لا يمكن التخيل بأن ترامب يقرأ أي كتاب ما لم يكن كتبه هو أو كان عنه، كما أن هناك حديثا كبيرا عن مشاهدة ترامب المفرطة للتلفاز، ويحب الإيجاز الشفوي والمكالمات الهاتفية والتلفزيون؛ لأنها كلها تتم عن طريق السماع دون الحاجة للقراءة".
ويورد الكاتب نقلا عن وولف قوله في كتابه: "عندما لا يكون لديه موعد عشاء مع ستيف بانون الساعة السادسة والنصف، وما يفضله هو أن يلجأ للفراش ومع تناول بيرغر بالجبن يشاهد الثلاث شاشات أمامه، ويقوم بالاتصالات الهاتفية -فالهاتف هو نقطة اتصاله بالعالم- مع عدد صغير من الأصدقاء الذين يقيسون مستويات الاهتياج لديه، ويقارنون ملاحظاتهم مع بعضهم".
ويستدرك غراهام بأنه "بالرغم من حب ترامب للتواصل الشفوي، فإنه حبه لـ(تويتر) لا يبدو متناقضا؛ لأن (تويتر) كان يحدد التغريد بـ140 حرفا والأن أصبح العدد 280 حرفا، وعادة ما تكون تغريداته متأثرة بما يشاهده على التلفاز، كما أنها صادرة فقط، فلا يحتاج الرئيس أن يقرأ حتى يغرد، ولذلك فإن طريقة التواصل على (تويتر) تتناسب مع طريقة عمله".
ويجد الكاتب أنه "مع أن هناك أكثر من كتاب يحمل اسم ترامب بصفته مؤلفا لها، إلا أنه لم يكتبها، وهاجمه الكاتب الشبح توني شوارتز لكتابه (فن الصفقة) بشكل قوي عندما ترشح؛ (لأنه قال خلال إعلانه للترشح أن أمريكا تستحق أن يقودها من كتب كتاب فن الصفقة)، فغرد شوارتز قائلا: (شكرا لك لأنك تقترحني مرشحا لرئاسة أمريكا)".
ويقول غراهام إن "حب ترامب للتلفزيون ملاحظ، فهو من جيل نشأ على التلفزيون، وواضح أنه لا يزال يحبه، وبحسب مكتب إحصاء العمل، فإن الناس في سن ترامب لا يزالون يشاهدون التلفاز أربع ساعات في اليوم، وهو ما يعني أن مشاهدته للتلفاز من أربع إلى ثماني ساعات أكثر بكثير من العادي، لكن تلك الفئة تقضي أيضا معظم وقت الراحة لديها في القراءة، وهو حوالي ساعة في اليوم، وهي الأكثر بين الفئات العمرية".
ويشير الكاتب إلى أن "أحد الأسباب لكثرة قراءة الفئة العمرية 65 – 74 عاما هو أن معظمهم متقاعدون، وليسوا مضطرين للعمل، لكن بالمقارنة فإن ترامب لديه واحدة من أصعب الوظائف في العالم، فعلى العامل فيها أن يستوعب ويهضم كما استثنائيا من المعلومات من خلال القراءة، وليس هناك دليل على أن ترامب يفعل ذلك، وبدلا من ذلك استخدم ذلك الوقت في المكالمات الهاتفية ولعب الغولف، وهي منتدى آخر للتواصل الشفوي، وبحسب فيليب بامب فإن ترامب لعب الغولف كل 4.7 يوم خلال عام 2017، أي ما يساوي حوالي 10 أيام كاملة وأكثر من أوباما خلال رئاسته كاملة".
ويؤكد غراهام أن ترامب ينكر ذلك، فقال في بداية العام: "طيلة حياتي كنت أسمع أن القرار يختلف تماما عندما تجلس خلف مكتبك في المكتب البيضاوي -أي عندما تكون رئيسا للولايات المتحدة.. ولذلك درست أفغانستان بالتفصيل ومن الزوايا كلها".
ويذهب الكاتب إلى أن "أفعال الرئيس لا تظهر أي علامات تحضير أو دراسة، في الوقت الذي يظهر فيه فهما خاطئا للكثير من الأشياء، فبعد زيارته للسعودية والعلاقات الجيدة التي حققها مع زعماء تلك البلد قام بدعم الرياض بقوة في خلافها مع قطر وقضايا أخرى، بالرغم من معارضة بعض مسؤوليه -حتى أنه خالف تيلرسون في العلن- وفي كانون الأول/ ديسمبر، أصبح فجأة قلقا بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن، كما تبين الحيز الأدنى من التفكير الذي صنع آراء رئيسية يحملها ترامب عن الصين عندما استطاع الرئيس شي جين بينغ أن يغير رأيه تماما بشأن حادثة كوريا خلال 10 دقائق، 10 دقائق من الحديث الشفوي طبعا".
ويختم غراهام مقاله بالقول إن "قراره مؤخرا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، كان مثيرا للجدل، ولكنه لم يفتقد المدافعين عنه، وتصر الولايات المتحدة على أنها لا تقرر الوضع النهائي للقدس في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، لكن يبدو أن المذكرة لم تصل ترامب، أو أنه لم يقرأها؛ لأنه قال في تغريدة له مؤخرا بأن الولايات المتحدة (أزاحت القدس، أصعب أجزاء التفاوض عن الطاولة)، ما أقلق الفلسطينيين والإسرائيليين كلهم".
11 نقطة تلخص كتاب "الغضب والنار" عن ترامب.. تعرف عليها
التايمز: هذا ما كشفه بانون حول صحة ترامب العقلية
إندبندنت: هل حذر بلير ترامب من تجسس البريطانيين عليه؟