صحافة دولية

لوفيغارو: كيف تشدد الصين رقابتها على الأديان وخاصة الإسلام؟

الصين ديانة مسيحية

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الرقابة المشدّدة التي تخضع لها الأديان في الصين، على غرار المسيحية والإسلام، في الوقت الذي تلقى فيه البوذية معاملة خاصة من قبل السلطات.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الزوار الصينيين يتوافدون على معبد لينجي البوذي الذي كان يديره الراهب، شييومينغ، حتى وفاته في سنة 2010، وهو الذي كانت تجمعه علاقة صداقة بالرئيس الصيني، "شي جين بينغ". وتجدر الإشارة إلى أن نص تقديم المعبد يذكر الزيارة التي أداها زعيم الحزب الشيوعي الصيني للراهب خلال سنة 2005، في الوقت الذي تغيب فيه الصور التي توثق هذا الحدث.

وبيّنت الصحيفة أنه من الواضح أن جهودا بُذلت لإخفاء العلاقة الوثيقة التي جمعت بين الرجلين، حيث "كانا صديقين، كما أننا نحتفظ بالصور التي تجمعهما معا، ولكننا لا نستطيع نشرها نظرا لأنها تتعلق بزعيم الحزب الشيوعي"، وفقا لما أفاد به راهب مقرب من إدارة المعبد. عموما، سيؤدي نشر مثل هذه الصور إلى التعتيم على المنهج الذي يفرضه شي جين بينغ نفسه، الذي يحتم رسميا تبني "إلحاد متشدد" من قبل أعضاء حزبه، والذي كثف حملة القمع التي طالت الديانات منذ توليه رئاسة البلاد أواخر سنة 2012.

وأوردت الصحيفة أن صداقة الرجلين تعود إلى سنة 1982، حين تم تعيين شي جين بينغ نائب الرئيس الحزب في مقاطعة تشنغدينغ. وتجدر الإشارة إلى أن الراهب يومينغ، الذي وصل إلى المعبد خلال الفترة ذاتها، أراد تجديد المبنى الديني لتفضي تلك الفترة إلى قيام تحالف بين الشخصيتين البارزتين. وخلال السنة ذاتها، أصدر الحزب نصا يدعو إلى إعادة إحياء المعابد والمساجد والكنائس التي تدمرت على نطاق واسع تحت حكم ماو تسي تونغ، بالإضافة إلى إعادة تأهيل السلطات الدينية.

وأوضحت الصحيفة أنه من خلاله تنقله إلى ذلك المكان بانتظام، قدم جين بينغ "دعما مهما لتجديد المعبد، حيث إنه أزاح الكثير من العقبات البيروقراطية مستخدما علاقاته في الحكومة المركزية"، وفقا لما أفاد به الراهب. علاوة على ذلك، ساهم "الأمير الأحمر" في أن يصبح المكان، الذي أعيد فتحه للعامة خلال سنة 1983، مُعترفا به كمكان رسمي للعبادة من قبل سلطات بكين، وعلى رأس إدارته الراهب يومينغ.

ونقلت الصحيفة عن أحد الراهبين في معبد لينجي أن الجهود التي بذلها الرئيس الصيني لم تخل من ميول شخصية، نظرا لأن "جين بينغ كان يخوض طلاقا مع زوجته الأولى، وقد ساعدته نصائح يومينغ على تجاوز تلك الفترة الصعبة". ووفقا لما أفاد به صديق لجين بينغ خلال فترة الشباب، "أظهر الرئيس الصيني افتنانا بفنون الدفاع عن النفس البوذية، ورياضة الكي غونغ وغيرها من القدرات الغامضة التي من المفترض أن تكون مفيدة لصحته، بالإضافة إلى اطلاعه على المواقع البوذية المقدسة".

وأوردت الصحيفة أنه في الوقت الراهن، وعلى الرغم من خضوع جميع المذاهب لإشراف مشدد، إلا أن البوذية الصينية (الديانة الأولى في البلاد) والطاوية تتمتعان بمعاملة خاصة مقارنة بالمسيحية والإسلام والبوذية التبتية، وهي ديانات تخضع لتأثير أجنبي، من وجهة نظر الخبراء. وقد وضع النظام البوذية في مقدمة الأديان، حيث لم يتوان الرئيس الصيني، خلال زيارته لباريس سنة 2014، عن الإشادة بالأثر الإيجابي لهذه المدرسة الفكرية على ثقافة بلاده.

وأضافت الصحيفة أن الزعيم الصيني شدد خلال السنة الفارطة على ضرورة مقاومة "القوى الأجنبية التي تستخدم الديانات للتغلغل داخل المجتمع"، وهو ما يعلل رغبته في إضافة "الصفة المشؤومة" على المعتقدات المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. وضمن مؤتمر الحزب التاسع عشر خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصر شي جين بينغ على ضرورة "توافق هذه المعتقدات بشكل أفضل مع الواقع الصيني والمجتمع الاشتراكي، فضلا عن أنه يعتزم "قمع الأنشطة الدينية المتطرفة بكل حزم".

وأشارت الصحيفة إلى أن الحزب الشيوعي الصيني، الذي لا يتسامح مع الأديان إلا في حال كانت ترزح تحت وصايته، بادر بنشر قواعد جديدة لتأطير حرية العبادة خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي. وتحظر هذه التوجيهات، التي ستدخل حيز التنفيذ في شباط/فبراير سنة 2018، قبول أي تبرعات من مصادر خارجية، في حين تفرض غرامات مالية عالية في حال بادرت إحدى الجهات بتنظيم تظاهرة غير مصرح لها. في الأثناء، تشعر الصين بالقلق بشكل خاص إزاء الوضع في مقاطعة سنجان، حيث يعيش ما يربو عن 10 ملايين أويغوري، من الطائفة المسلمة.

وأفادت الصحيفة أن السلطات، اعتمدت تدابير أمنية مشددة، في حين ضاعفت من حجم القيود المفروضة على الأفراد، حيث تم حظر النقاب والسماح للرجال بإطالة اللحى بشكل "غير اعتيادي". في الوقت نفسه، يعمل النظام على مراقبة الرهبان التبتيين بشكل مستمر، فضلا عن ترهيب الكهنة الكاثوليكيين "المتسترين". وقد تجلت مظاهر انعدام الثقة تجاه الكاثوليكيين في مقاطعة تشيجيانغ، التي كانت تعتلي كنائسها آلاف الصلبان، في قيام الحكومة في السنوات الأخيرة بإزالتها بعلة أنها مبهرجة للغاية.

 

في الختام، أكدت الصحيفة أن وسائل الإعلام الحكومية نددت بما بدر من قبل بعض المسؤولين الذين "يتوجهون في بعض الأحيان إلى الأديرة، لأداء الصلاة وتبجيل بوذا". في المقابل، ليس هناك أي أمر من شأنه أن يمنع الشعب من ممارسة طقوسه الدينية، شريطة أن يظل مخلصا للنظام ولشي جين بينغ.