كتاب عربي 21

الحريري يتراجع عن "بَق البحصة".. إلى متى؟

1300x600

وصلت حدة التنافر في المواقف بين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وحلفاء سابقين له في فريق 14 آذار؛ إلى حد التراشق الإعلامي من القاعدة الحزبية إلى صف الدرجة الثانية من المسؤولين، وكاد هذا الأسبوع أن يرتقي إلى الصف الأول، لو لم يقرر الحريري في آخر لحظة إرجاء مقابلته، ضمن برنامج التوك شو السياسي، "كلام الناس" على شاشة "أل بي سي آي"، حيث أعلن الأسبوع الماضي أنه "سيَبُقّ البحصة" في هذا البرنامج، أي أنه سيكشف للرأي العام ما كتمه في نفسه خلال الفترة الأخيرة حول "غدر" الحلفاء.

يقف في الصف الأمامي لهؤلاء "الغدّارين"، وفق تصنيف الحريري، وزير العدل الأسبق أشرف ريفي الذي استطاع تشكيل حالة سنية مناهضة للحريري في شمال لبنان، والدكتور رضوان السيد، المفكر البيروتي المقرب من دوائر معينة في السعودية، ومن الرئيس السابق لكتلة نواب المستقبل "عديق" الحريري، فؤاد السنيورة.. كما يقف أيضاً حزب الكتائب ورئيسه سامي الجميل، والأمين العام لقوى 14 آذار فارس سعيد، وفي درجة أقل حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع.

 

محتوى اتهام الحريري لهؤلاء، فهو أنهم حاولوا الاستثمار في أزمته الأخيرة من الرياض إلى بيروت؛ لتحسين شروطهم في الداخل والخارج على حسابه


أما محتوى اتهام الحريري لهؤلاء، فهو أنهم حاولوا الاستثمار في أزمته الأخيرة من الرياض إلى بيروت؛ لتحسين شروطهم في الداخل والخارج على حسابه. ويشمل هذا الاستثمار، بحسب الاتهام، الوشاية للسعوديين، وتوصيف الحريري أمامهم بأنه "يتنازل لحزب الله الذي بات يسيطر على المفاصل السيادية؛ في الحكومة التي ترأسها الحريري لحل أزماته وأزمات تياره، وليس لمواجهة المد الإيراني في المنطقة العربية"، كما يتّهمون.

ثمة نصائح داخلية وخارجية تلقّاها الحريري بعدم "بق البحصة"؛ لأن مضار ذلك أكبر من فوائده، فهو سيقدم نفسه من جديد؛ وجبة ساخنة لخصومه الجدد الذين سيردّون على تخوينه لهم بأنه تنازل عن ثوابت ثورة الأرز، لجهة الحرية والسيادة والاستقلال، وحتى عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي اتهمت أفراداً من حزب الله بتدبير اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري عام 2005.

قبل الحريري النصيحة وتراجع مرحلياً عن "بق البحصة"، دون ظهور أية بوادر لتراجعه عن تموضعه الجديد في المرحلة الراهنة؛ التي يعنونها بدعم استقرار لبنان، عبر ربط نزاع متبادل بين تيار المستقبل وحزب الله، ما يخمد الفتنة المذهبية المشتعلة في أكثر من قُطر عربي، ولكن بشرط تطبيق مبدأ النأي بالنفس الذي يجنب لبنان عواصف الخارج؛ التي ألمحت السعودية باستخدامها الشهر الماضي، على لسان الوزير ثامر السبهان. فهل ينجح الحريري في جعل الاستقرار المنشود داخلياً وخارجياً؟

 

قبل الحريري النصيحة وتراجع مرحلياً عن "بق البحصة"، دون ظهور أية بوادر لتراجعه عن تموضعه الجديد في المرحلة الراهنة


كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في حديثه لقناة فرانس 24، واضحاً لجهة اعتبار السعودية حكومة لبنان ورئيسها الآن؛ في مرحلة اختبار جديدة، وربما "مساءلة" لاحقاً، حين قال الجبير إن تراجع الحريري عن استقالته جاء بعد وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري له بأن لبنان سيكون حيادياً في أزمات المنطقة. أضاف الجبير: لذلك نحن سننتظر ونرى.

بكل الأحوال، هناك الكثير من البحص في فم الرئيس سعد الحريري، وفي أكثر من اتجاه.. بعضها يصيب خصومه التقليديين في فريق 8 آذار والقوى الإقليمية الداعمة لهم، وبعضها يصيب حلفاءه السابقين، خصومه الجدد في فريق 14 آذار، وربما القوة الإقليمية الداعمة لهم وله.. فعلى من سيرمي حصاه؟.. إنه وإن تعفّف اليوم لكنه لن يصوم طويلاً، فالآخرون يرجمونه كل يوم، والقاعدة في لبنان تقول.. "يا راجِم، يا مَرجوم".