قضايا وآراء

قراءة سريعة بعد بيان شفيق وتسخين المشهد السياسي المصري

1300x600
الظرف السياسي المصري وواقع مصر على الأصعدة كافة، سياسيا واقتصاديا وأمنيا ودوليا، يجعل بيان الفريق أحمد شفيق على قدر كبير من الأهمية.

وأعتقد، وفقا لخلفيات الفريق شفيق السياسية وطبيعته الشخصية، أنه لم يكن ليصدر هذا البيان إلا بعد دراسة متأنية وإشارات داعمة، حتى من الإمارات نفسها، التي ربما منعته من السفر كإجراء مؤقت؛ رفعا للحرج في علاقتها مع السيسي، وتدوينة قرقاش تؤشر إلى هذا الأمر. وأعتقد أن هذه المشكلة في طريقها للحل.

هناك أسئلة مهمة يستدعى طرحها، مع إعلان الفريق شفيق الترشح، وهي: لماذا أعلن الترشح ورغبته في مغادرة الإمارات الآن؟ وما هو الهدف أو المغزى من وراء ذلك؟ هذا ما يجب البحث فيه والرد عليه.

إن الأوضاع الحالية المتأزمة في مصر على الأصعدة كافة؛ باتت تجعل خيارات النظام محدودة للغاية، خاصة في ظل الالتزامات الداخلية والإقليمية والدولية؛ التي بدا أن النظام لم يعد قادرا على الوفاء بها، ومن ثم فإن حاجة النظام لشخصٍ آخر وواجهة جديدة؛ أصبحت مصيرية، والفريق شفيق يمثل فرصة كبيرة تصب في هذا الاتجاه.

مصر بوضعيتها الحالية؛ أقرب ما تكون للدولة الرخوة، بحسب تعبير البعض، ومن ثم فالحاجة للدفع بشخص في وزن الفريق شفيق يمثل إنقاذا وإعادة مأسسة لتداول السلطة، بطريقة سلمية عبر الانتخاب، ويعيد التوازن بين مراكز القوى في مصر.

بغض النظر عن الأشخاص والإيدلوجيات، فلو استمر الفريق شفيق في طريقه نحو الترشح، فهذا سيمثل معطى جديدا، وتغييرا جوهريا في مصلحة البلاد، في ظل حالة اليأس والجمود التي سيطرت على مصر خلال السنوات الماضية.

في مصر مؤسسات القوى الصلبة هي التي تتحكم في المشهد، وليس السيسي منفردا. وأكثر ما يقلق السيسي هو تخلي هذه المؤسسات عنه.

قد يكون من الصعب التنبؤ بموقف جميع مؤسسات القوة في مصر، لكن لو عاد شفيق ربما يخلق ذلك حالة من الحياد، مع العلم أن مجرد عودة شفيق تمثل طوق نجاة للنظام في مصر.

ووفقا لحساب الفرص، فإن الفريق شفيق لن يكون مجرد سنيد أو محلل لانتخابات رئاسية، فلديه فرصة حقيقية أكثر من غيره. فالرجل لديه تحالفات داخلية وإقليمية تمكنه - لو أحسن إدارة المشهد - أن يحقق نجاحا، ويتفوق بفوارق كبيرة عن السيسي.

في مصر هناك مجموعة من القوى يمكنها أن تساهم في حسم الأمر لمصلحة الفريق شفيق في حال الترشح، وتتمثل في: منظومة عهد مبارك، ورجال الأعمال، وقطاعات عريضة من المواطنين وجميعهم من المتضررين من المرحلة الحالية، إضافة إلى جزء كبير من المؤسسة العسكرية، وأيضا المعارضة المصرية، ومحور السعودية والإمارات المتشكك في مواقف السيسي.

في مصر فكرة التغيير الثوري للمعطيات على الأرض؛ تشير إلى أنها غير قابلة للتطبيق الآن. ويوجد داخل القوى كافة من يُؤْمِن بفكرة التغيير التدريجي، التي قد يمثل فوز الفريق شفيق في انتخابات رئاسية - إن أجريت - حلقة من حلقاتها.

الظرف السياسي الحالي يؤشر إلى أن القوى السياسية المعارضة لا يمكنها إحداث تغيير للنظام على الأرض، واستمرار الوضع على ما هو عليه سيكون على حساب مصر والدولة المصرية، ومن ثم فإن المعارضة السياسية في حاجة إلى التخندق التكتيكي خلف الفرصة المواتية، التي لن تمثل هدرا لها بقدر ما تمثل هدرا لقوى الطرف الآخر، وتمكنها من حيازة بعض أوراق القوة في المعادلة السياسية الحالية.