رئيس وزراء إثيوبيا في البرلمان المصري.. مناورة أم خطوة للحل؟

تباينت قراءة المصريين لزيارة رئيس وزراء إثيوبيا، هايله مريم ديساليغنه، لإلقاء خطاب أمام البرلمان المصري، المقررة بداية كانون الأول/ديسمبر المقبل، بين مؤكد أن الزيارة ستكون مفتاحا أمام الطرف المصري للملف المغلق، وبين معتبر أنها مناورة وخدعة لكسب الوقت.
 
وشهدت أروقة مجلس النواب المصري الثلاثاء، حضور سفير إثيوبيا بالقاهرة تايي أمادي، للجلسة العامة وذلك بطلب منه، فيما اجتمع السفير مع أعضاء لجنة الشؤون الإفريقية، وأعلن عن رغبة رئيس وزراء بلاده هايلى ماريام ديسالين، في إلقاء كلمة أمام البرلمان المصري أثناء زيارته للقاهرة.
 
وتشهد العلاقات المصرية الإثيوبية، شدا وجذبا خلال تصريحات الطرفين على خلفية ملف مياه النيل الأخطر بالنسبة للمصريين والإثيوبيين على حد السواء، وخاصة بعد فشل المفاوضات الفنية بين الدولتين بالإضافة للسودان حول سد النهضة الإثيوبي.
 
وأكدت أمين سر لجنة الشؤون الإفريقية، مي محمود، أن السفير الإثيوبي أعلن أنهم ملتزمون بالتفاوض والمصلحة المشتركة، وقالت عبر فضائية "النهار" الاثنين، إن اللقاء كان لطمأنة مصر، ولكن الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء هي التي ستحمل الكثير من المعاني.

 

شافعي: إثيوبيا دائما ما وضعت مبدأ تواصل تطبيقه وهو أنه لا شيء سيعرقل بناء السد

 
وفي قراءته لمضمون الزيارة قال خبير الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية، سعد الزنط: "في تقديري ربما تكون هذه الزيارة حاسمة للملف"، مطالبا البرلمان عبر صفحته بـ"فيسبوك"، بالإعداد الجيد لكلمة رئيس وزراء إثيوبيا وتجهيز أعضاء متخصصين وعلى درجة من الوعي مناسبة للضيف وحساسية اللقاء.
 
من جانبها قرأت الناشطة عفاف عدس، زيارة وإلقاء المسؤول الإثيوبي كلمة بالبرلمان، بأنها تراجع إثيوبي وإحساس بالخطر المصري، وقالت عبر "فيسبوك": "أه لو مصر غضبت؛ لا يخطر على عقلكم ما سيحدث".
  
وتابعت: "إثيوبيا حست بالخطر وبالغضب المصري"، مضيفة أن "إثيوبيا حثت السودان لمناشدة مصر العودة للمفاوضات التي أكدت أنها لن تعود إلا بضمانات"، مشيرة إلى أن سبب قلق إثيوبيا أنه "لأول مرة رسميا مجلس الوزراء يقول إن كل الخيارات مفتوحة مع أزمة سد النهضة"، معتبرة أن الزيارة هي آخر فرصة لإثيوبيا.
 
على الجانب الآخر، اعتبر الكاتب الصحفي محمد السطوحي، زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لمصر مناورة لكسب الوقت وإنهاء بناء السد، قائلا عبر "فيسبوك": "خطأ كبير يضاف لسلسلة الخطايا في التعامل مع هذا الملف"، موضحا أنه "ليس له أن يدخل القاهرة ويتحدث أمام البرلمان بدون حسم العديد من الأمور المتعلقة بسد النهضة، وإلا أصبحت الزيارة مناورة جديدة للتخدير وكسب الوقت كما حدث في اتفاقية الخرطوم".
 
من جانبه يرى أستاذ هندسة السدود بجامعة يونتين- ماليزيا‏، الدكتور محمد حافظ أنه بغض النظر عن أية أحداث أو مواقف فإن إثيوبيا تمضي في طريقها في بناء سد النهضة وما يليه من 3 سدود علوية بهدف حرمان مصر تحديدا من أي نقطة ماء قادمة من نهر النيل الأزرق.
 
مناورة لكسب الوقت

واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أن الزيارة وخطاب البرلمان هما "مناورة متفق عليها لكسب الوقت".
 
وهو ما أكده الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور بدر شافعي، بقوله إن "زيارة السفير الإثيوبي للبرلمان وما هو مقرر من إلقاء ديسالين خطابا بمجلس النواب المصري؛ مناورة إثيوبية لا تعني سوى كسب الوقت فقط".
 
شافعي، أكد لـ"عربي21"، أن "إثيوبيا دائما ما وضعت مبدأ تواصل تطبيقه وهو أنه لا شيء سيعرقل بناء السد"، مشيرا إلى أن "هذا المبدأ ظهر جليا منذ الحديث عن إمكانية تشكيل لجان مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا لمتابعة آثار بناء السد".
 
وأضاف شافعي أنه "حتى بعد الاتفاق على المكاتب الاستشارية التي تبحث الآثار السلبية للسد على مصر والسودان، لم يعرقل عمل هذه المكاتب لمدة سنة بناء السد، ودليل ذلك أن 60 بالمائة من عمليات البناء قد انتهت".
 
وأشار أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في تسوية وإدارة الصراعات، إلى أن إثيوبيا فقط تحاول عمل مسكنات وتهدئة للجانب المصري.
 
وحول مدى إدراك مصر لهذا المعنى أم أن النظام مدرك ومستفيد من الزيارة، قال شافعي: "لو أن مصر لا تدرك هذا المعنى فهذه مشكلة كبيرة، ولكنها قطعا تدرك أن هذه مناورة ومسكن إثيوبي".
 
ويعتقد شافعي أن مصر "ربما تتيح لنفسها مجالا لوساطة طرف مثل إسرائيل، وتحاول أن تجعل الطرف الإثيوبي أكثر مرونة باستمالته من خلال استقباله وإلقاء كلمة البرلمان"، مضيفا: "ولكن النظام يعرف أن هذه الأمور لا تجدي نفعا وربما يكون فيها شيء من الضحك على الشعب المصري".
 
نقاط القوة لدى المصريين

وأكد الباحث السياسي عبدالله النجار، أنه يجب على الدولة المصرية استخدام نقاط قوتها الاستراتيجية بمقابل إثيوبيا، معربا عن أسفه "لما أضعناه كثيرا من مصادر قوتنا بسوء الإدارة وسوء التقدير".
 
وقال النجار لـ"عربي21": "أولا: مصر لديها الكثير جدا من مصادر القوة الاستراتيجية مقارنة بإثيوبيا، ولكن لابد من توافر شرطين: وهما وعي الحكومة بمصادر قوتها، وكيفية توظيفها لمصلحتها"، مضيفا: "وثانيا: أن تكون لدى مصر النية والقدرة على استخدام كافة مصادر القوة لديها بما فيها القوة الخشنة (العسكرية) إذا اقتضى الأمر ذلك".
 
وأكد أنه "لابد أن يعي الطرف الآخر بقدرة الحكومة وإرادتها في استخدام قوتها للدفاع عن مصلحتها، لأن علم إثيوبيا بعدم نية مصر استخدام قوتها يجعل تأثير هذه القوة والعدم سواء".
 
وأوضح النجار أن من بين نقاط القوة لدى مصر هي السودان، مضيفا أنه "كان ينبغي للقاهرة أن تدرك أن موقف الخرطوم بقضية سد النهضة لا يقدر بالمليارات فالمياه في نهر النيل تماما مثل الدماء بعروق المصريين".
 
وأشار إلى أنه "كان يمكن لملف (حلايب وشلاتين) أن يكونا مثالا للتعاون والتكامل بين البلدين، وكان يمكن لمصر التفاوض حول مثلث حلايب وشلاتين لكسب السودان التي تحتاجها مصر لممارسة أي ضغوط خشنة على إثيوبيا كالتهديد باستخدام القوة أو تقديم مساعدات اقتصادية وإعلامية وحتى عسكرية للمسلمين بإثيوبيا الذي يشكلون أكثر من نصف السكان ويحرمون من حقوقهم".