كتاب عربي 21

تركيا.. وضرورة مراجعة الموقف من أزمة اليمن

1300x600

قام رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان؛ بزيارة للكويت وقطر، بعد زيارته لروسيا لإجراء مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي حول العلاقات الثنائية بين البلدين والأزمة السورية. وتم استقبال الرئيس التركي في العاصمتين الخليجيتين بحفاوة.

كانت علاقات تركيا مع كل من الكويت وقطر متينة، إلا أن الأزمة الأخيرة التي فجّرتها الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، المعروفة إعلاميا بــ"دول الحصار"، أدَّت إلى تقارب غير مسبوق بين أنقرة والدوحة، كما دفعت الكويت إلى تعزيز علاقاتها مع تركيا في جميع المجالات.

 

الأزمة الأخيرة التي فجّرتها الدول الأربع أدت إلى تقارب غير مسبوق بين أنقرة والدوحة، كما دفعت الكويت إلى تعزيز علاقاتها مع تركيا في جميع المجالات

 

وقفت أنقرة منذ بداية الأزمة إلى جانب قطر، ودعمتها لتتجاوز آثار هذه الأزمة المفتعلة، وأعلنت تأييدها للوساطة التي يقوم بها أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لحل الأزمة. وهناك دولة أخرى في الساحل الغربي للخليج؛ اتخذت موقفا من الأزمة مشابها للموقف التركي، ويمكن أن تؤدي الظروف الراهنة إلى تعزيز تركيا علاقاتها معها، وهي سلطنة عمان.

وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو زار في أواخر الشهر الماضي، العاصمة العمانية مسقط، ليلتقي نائب رئيس الوزراء العماني لشؤون مجلس الوزراء، فهد بن محمود آل سعيد، ونظيره العماني يوسف بن علوي بن عبد الله. وبحث الجانبان التركي والعماني في تلك اللقاءات سبل تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين في شتى المجالات، وتبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية. وأكد الوزير التركي في تصريحاته للصحفيين في العاصمة العمانية؛ أن البلدين يعملان معا لحل مشاكل المنطقة، مشيرا إلى أن مواقفهما متطابقة من ملفات المنطقة.

خلال تلك الزيارة، أعلن تشاووش أوغلو أن سلطان عمان، قابوس بن سعيد، وجَّه دعوة إلى رئيس الجمهورية التركي لزيارة مسقط. ولم يتأكد حتى الآن موعد هذه الزيارة، إلا أن المتوقع والمأمول أن تفتح زيارة أردوغان للعاصمة العمانية صفحة جديدة في العلاقات التركية العمانية.

اتخذت سلطنة عمان في الأزمة الخليجية الأخيرة موقف الحياد الإيجابي، ولم تشارك في الحصار الذي تسعى الدول الأربع إلى فرضه على قطر. كما أن مسقط لها مواقف تختلف عن مواقف دول الخليج الأخرى، والسعودية على وجه الخصوص، في الملفات العديدة كملف اليمن.

وقفت تركيا إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن، ورفضت الانقلاب على الرئيس المنتخب، وأعلنت تأييدها لمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة، إلا أن موقف أنقرة هذا لم يعد صالحا، وبحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة في ظل المتغيرات والظروف الراهنة.

 

لا يمكن الحديث عن موقف خليجي موحَّد من الأزمة اليمنية، فهذا يعني أن المبادرة الخليجية لحل الأزمة انتهت، ولا داعي أن تلتزم بها تركيا وتدعمها

الأزمة التي فجرها قطع دول الحصار الأربع؛ علاقاتها مع قطر في 5 حزيران/ يونيو الماضي، دقت آخر مسمار في نعش مجلس التعاون الخليجي. وما دام المجلس لم يعد قائما، ولا يمكن الحديث عن موقف خليجي موحَّد من الأزمة اليمنية، فهذا يعني أن المبادرة الخليجية لحل الأزمة انتهت، ولا داعي أن تلتزم بها تركيا وتدعمها.

وبالإضافة إلى الانقسام الحاد في البيت الخليجي، هناك أنباء تتحدث عن أن الرياض تمنع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، من العودة إلى عدن. وكانت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، قد كتبت في تغريدة على حسابها في تويتر؛ أن هادي أبلغ زواره بأنه "تحت الإقامة الجبرية" في الرياض، مضيفة أن "هادي رهن الإقامة الجبرية في الرياض، وأن التحالف يرغمه على التقيّد بالتصريحات التي يريدونها منه، وتحرك إلى نيويورك بأمر من التحالف ثم سيعود غير مخير الى الإقامة الجبرية في الرياض". وإن نفى الرئيس اليمني أن يكون رهينة لدى السعودية، فإن طريقة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري؛ تعزز الشكوك المثارة حول وضع الرئيس اليمني. وإن صحت تلك الأنباء، فمعناها أن دعم تركيا لهادي لم يعد دعما للرئيس المنتخب الذي يمثل إرادة الشعب اليمني.

 

لا بد من موقف جديد ومبادرة يمكن أن تطلقها تركيا بالتعاون والتنسيق مع سلطنة عمان وقطر والكويت

تركيا تقف إلى جانب الشعب اليمني، وترسل مساعدات إنسانية إلى هذا البلد الذي تربطه بها أواصر تاريخية ودينية، إلا أن ذلك لا يكفي ولا يعالج المشكلة. ولا بد من موقف جديد ومبادرة يمكن أن تطلقها تركيا بالتعاون والتنسيق مع سلطنة عمان وقطر والكويت؛ لإنقاذ اليمنيين من أتون الحرب وأثارها الكارثية. ويرجى أن تفتح زيارة أردوغان لمسقط؛ بابا لهذا التحول الإيجابي في الموقف التركي من الأزمة اليمنية.