ملفات وتقارير

مبادرة لمنظري التيار الجهادي للمصالحة بإدلب.. ما فرص نجاحها؟

الشرعيون ومنظرون يقودون مبادرة للمصالحة بين الفصائل المعارضة وتحرير الشام- أرشيفية

أطلق بعض مشايخ ومنظري التنظيمات الجهادية مبادرة عرفت باسم "والصلح خير"، تهدف لتحقيق المصالحة بين التيارات المتنازعة، خاصة تلك التي على خلاف مع هيئة تحرير الشام

ووفق ما حصلت عليه "عربي21" من معلومات، فإن مطلقي هذه المبادرة يريدون "تحقيق مصالحة عامة بين جميع الفصائل السورية القريبة من الجهاديين، وحتى البعيدة عنهم نسبيا".

وتعدّ أبرز أهداف هذه المبادرة، الوصول إلى تسوية بين التيار المؤيد للقاعدة في سوريا، وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا).

وحول هذه المبادرة وفرص نجاحها، يقول القيادي المقرب من "تحرير الشام" الأسيف عبد الرحمن: "هذه المبادرة لا تدعو للصلح بين تيار معين وآخر، بل بحسب البيان الذي تضمنها، فهي تعنى بالصلح بين كل الفصائل العاملة في سوريا، فهي إذا شاملة".

ويضيف القيادي في حديث لـ"عربي21"، أنه في بداية المبادرة الكثير أيدها وجاءت بيانات التأييد من الجميع، لكنها الآن تسير بتجاه الفشل للأسف.

وأكد أن نجاح المبادرة متوقف على موافقة تحرير الشام عليها، فتحرير الشام لم ترفضها ولم توافق عليها، لكنها أبدت بعض التوضيحات التي هي أقرب للرفض، وفق قوله.

أما عن نقاط الخلاف بين تحرير الشام والمؤيدين للقاعدة في سوريا، يقول القيادي: "كل الخلاف يدور حول حقيقة فك الارتباط مع القاعدة، هل تم بموافقة مجلس شورى القاعدة؟ أم تم فك الارتباط بغير رضاه؟ وهل الصورة التي نقلت لهم كانت مغايرة للواقع؟".

واعتبر أن الكثير من شرعيي تحرير الشام والعسكريين فيها كانوا يرون أن هذا الصلح يصب في صالح الهيئة، لكن قيادة تحرير الشام ليس لها موقف حتى الآن منه.

 

المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني


وحول وجود المنظر البارز في التيار الجهادي، أبو محمد المقدسي، في مبادرة الصلح، يقول القيادي: "هناك من اعتبر أن وجود المقدسي في هذه المبادرة سيكون عامل فشل لها، لكن الكثير رفضوا هذه الفكرة، باعتبار أنها بالأصل مبادرة صلح، ويجب أن تشمل كل الأطراف بما فيهم المقدسي، الذي له أتباع، وهناك من يسمعه ويطيعه، وبالتالي وجوده ضروري ليكتمل الصلح، لاسيما أن هناك خلافا بين المقدسي والكثيرين في التيار الجهادي".

وحول عودة القيادات التي تركت تحرير الشام، يقول القيادي: "أتوقع أن عودتهم في الوقت الحالي صعبة للغاية"، مستبعدا قيام فرع للقاعدة في سوريا "باعتبار أن الظواهري لن يقبل بهذا الأمر لمصلحة خاصة في هذا الوقت"، وفق قوله. 

وبيّن أن "تحرير الشام لن تسمح بتشكيل فرع للقاعدة، ولا لغيرها، وأنه أمر حسم في الهيئة".
 
من جهته، يرى الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الجهادية، شمس الدين النقاز، أن المبادرة التي أطلقها رموز التيار الجهادي دعت هيئة تحرير الشام وأحرار الشام، والمؤيدين لتنظيم القاعدة في بلاد الشام ممن رفضوا الالتحاق بالهيئة وجميع الفصائل والجماعات إلى ترتيب أوراقهم ترتيبا صحيحا وبناء أنفسهم بناء قويا، لتحمّل الأمانة كما سموها. 

وتابع بأن المبادرة تأتي أيضا من أجل كبح جماح الفتنة ورصّ الصف، واجتماع الكلمة، والإثخان في الأعداء، كما جاء في بيان المبادرة الذي وقع عليه كل من أبي محمد المقدسي وأبي قتادة وأبي محمود الفلسطيني، وكثير ممن يسمون بـ"علماء الجهاد".

ويقول الكاتب النقاز في حديثه لـ"عربي21": "إن انسحاب أبي قتادة الفلسطيني من المبادرة أكد الشرخ الكبير، والتيه الفكري الذي يعاني منه التيار السلفي الجهادي التقليدي، فبعد يومين من صدور هذا البيان، انسحب الفلسطيني التزاما منه بعدم التدخّل في الشأن السوري، في وقت يلاحظ من يتابع فتاواه وكتاباته ودروسه أن ذلك مخالف للحقيقة"، وفق قوله.

وأضاف: "لعلّه شعر بأن هذه المبادرة لن يكتب لها النجاح، ولن ترى النور، بسبب عمق الخلافات" بين من أسماهم "إخوة المنهج الواحد".

واعتبر أن هناك خلافات بين تحرير الشام والتيار المؤيد للقاعدة في سوريا، وأن "المؤشرات تؤكد أن الخلاف بين هيئة تحرير الشام والقاعدة لم يكن بسبب فكّ الارتباط فقط، بل إن الخلاف أعمق بكثير، ويظهر ذلك في الكلمات الأخيرة لزعيم القاعدة أيمن الظواهري الذي أبدى استياء كبيرا جدّا مما قامت به تحرير الشام".

ولفت إلى أن "هيئة تحرير الشام نجحت نسبيا في إيقاف الحملة الدولية عنها بفضل فكّ ارتباطها، لكن كل ذلك يبقى مؤقتا، إلى حين الانتهاء من تواجد تنظيم الدولة، في وقت تنتظر القاعدة فيه الفرصة السانحة لتشكيل نفسها، والإعلان عن تواجدها من جديد داخل سوريا، وهو ما قد يحدث شرخا كبيرا في صفوف "الهيئة".

ويضيف الكاتب، أنه من الواضح أن الخلاف بين هيئة تحرير الشام والقاعدة قد تسبّب في أزمة كبيرة في صفوف التيار السلفي الجهادي الذي أصبح "مُتشظّيا" بعد أن تفرّق إلى فرق تدّعي كلّ واحدة منها أنها "على المنهج الحقّ" وأنها "الطائفة المنصورة". 

وقال إن هذا يأتي "في وقت ظهرت فيه مؤشرات قويّة تؤكد أن أطرافا مخابراتية ودولية نجحت في اختراق التيار الجهادي، إما بتدجينه ونزع مخالبه كما حدث مع جبهة النصرة بمختلف مسمّياتها، وإما بنشر الغلوّ في صفوفه مثلما حدث مع تنظيم الدولة الذي نخر جسده التيار الحازمي".