يؤدي مئات الفلسطينيين يوميا الصلاة عند مداخل
المسجد الأقصى في
القدس المحتلة أمام قوات الأمن الإسرائيلية، رافضين الامتثال لإجراءات أمنية فرضت إثر هجوم لثلاثة شبان أسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين.
وبعد أسبوعين تقريبا على بدء التوتر إثر إجراءات أمنية إسرائيلية على مداخل المسجد الأقصى، بدأ
الفلسطينيون اتباع جدول شبه يومي في المكان.
ويرفض الفلسطينيون دخول المسجد الأقصى بعد أن وضعت السلطات الإسرائيلية بوابات كشف المعادن أمام مداخله بعد 14 تموز/ يوليو، إثر هجوم أقدم عليه ثلاثة شبان من فلسطينيي أراضي 48 أسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين من الطائفة الدرزية، والشبان الثلاثة.
وتدعي إسرائيل أن الإجراءات الأمنية متعلقة بأمن المكان مؤكدة أن مهاجمي 14 تموز/ يوليو هربوا مسدسات إلى الحرم القدسي وانطلقوا منه لمهاجمة الشرطة.
ويوميا، يؤدي المئات الصلاة خارج مدخل المسجد عند باب الأسباط أحد مداخل البلدة القديمة في القدس. ويقولون إنهم يدافعون عن الهوية الإسلامية للحرم القدسي. ويأتي كثيرون من مناطق بعيدة.
وتصل مجموعة من نحو 50 امرأة من مدينة الناصرة في شمال الأراضي المحتلة، يوميا على متن حافلة لأداء الصلاة في المسجد الأقصى الذي يبعد نحو 200 كيلومتر عن مدينتهم. وتنطلق الحافلة في تمام الساعة السادسة صباحا وتعود حوالي التاسعة ليلا.
وتقول أم معاذ: "نغادر في الساعة السادسة صباحا ونعود بعد صلاة العشاء"، مؤكدة رفض الجميع لبوابات كشف المعادن وحتى للتقنيات المتطورة.
وخلال الصلاة، يراقب عشرات من رجال الشرطة الإسرائيلية المصلين، ويقوم بعضهم بتدخين السجائر أو اللعب بهواتفهم المتنقلة. ويقوم بعض الفلسطينيين حتى بتوزيع الطعام والمشروبات للذين يتجمعون هناك.
وتقول أم زهير التي شاركت في تظاهرة للنساء خارج الحرم: "كشعب يعيش تحت الاحتلال، عليهم أن يعطونا حرية العبادة وحرية الدخول إلى الأماكن المقدسة، دون إذلال".
ويبدأ التوتر في العادة مع حلول المساء. ويزداد عدد المصلين عند صلاة المغرب قرابة السابعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي.
وعند صلاة العشاء قرابة التاسعة مساء، يتواجد آلاف من الفلسطينيين عند باب الأسباط.، ويأتي معظمهم بهدف الصلاة في حين يصل عدد من الشبان الذين يبدؤون المواجهات.
وقد يقوم شاب فلسطيني برمي المفرقعات، ثم تقوم الشرطة بمحاولة تفريق الناس واستخدام قنابل صوتية وغيرها.
وليل الثلاثاء، قامت الشرطة بإلقاء قنابل صوتية لتفريق المصلين واعتقلت صحافيا فلسطينيا.
ويدعي المسؤولون الإسرائيليون أن الإجراءات الأمنية أمر معتاد عليه في العديد من الأماكن الأخرى، بما في ذلك حائط المبكى، بينما يرى الفلسطينيون أن الأمر يتعلق بالسيادة على الحرم القدسي.
وقالت نائب وزير الخارجية الإسرائيلية تسيبي حوتوفلي لـ"بي بي سي": "نود إنقاذ حياة الناس. وصول المسلمين، إلى جانب اليهود، إلى جانب السياح القادمين من جميع أنحاء العالم إلى هذا الموقع المقدس الذي يعتمد على الأمن الذي تقوم إسرائيل بتوفيره".
يضمّ الحرم القدسي المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين، ويقع في ما تسميه إسرائيل بـ"القدس الشرقية" التي احتلتها عام 1967 وضمتها في خطوة لم يعترف بها دوليا.
ويعتبر اليهود حائط المبكى (حائط البراق) الذي يقع أسفل باحة الأقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمره الرومان في العام 70 وهو أقدس الأماكن لديهم.
وتسمح السلطات الإسرائيلية لليهود بزيارة الباحة في أوقات محددة وتحت رقابة صارمة، لكن لا يحق لهم الصلاة هناك. وتبدو الحركة خفيفة في شوارع البلدة القديمة في القدس.
ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، للدخول إلى الموقع وممارسة شعائر دينية والمجاهرة بأنهم ينوون بناء الهيكل مكانه.
ويتخوف الفلسطينيون من قيام إسرائيل بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي.
وقال هوسيب وهو أرمني يعمل في متجر سياحي يبيع تذكارات دينية مسيحية ويهودية: "كانت الأمور تتحسن في الأشهر الأخيرة لكن مع ما حدث في الأقصى، بالطبع شهدنا انخفاضا (في المبيعات)".
وفي ظل حالة الغليان، ترافقت الاحتجاجات التي امتدت إلى الضفة الغربية المحتلة مع صدامات أسفرت عن مقتل خمسة فلسطينيين. وليل الجمعة، طعن فلسطيني أربعة مستوطنين إسرائيليين فقتل ثلاثة منهم في الضفة الغربية المحتلة.
وتثير أي إجراءات إسرائيلية في الحرم القدسي ومحيطه غضب الفلسطينيين.
وفي العام 2000، أدت زيارة زعيم المعارضة آنذاك أرييل شارون إلى الحرم إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي دامت أكثر من أربعة أعوام.