قرر النظام الانقلابي بمصر الذي يقوده عبدالفتاح
السيسي، في مطلع تموز/ يوليو الجاري، فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 بالمئة على الهدايا والمتعلقات الشخصية التي يصطحبها المصريون العائدون من الخارج معهم، إضافة إلى فرض
جمارك على هذه المتعلقات بنسب تتراوح بين 30 و60 بالمئة، حسب نوع السلعة.
وأعلنت وزارة مالية الانقلاب قائمة بعشرات السلع الخاضعة للجمارك، والتي ضمت ما أسمتها سلعا "شائعة الورود" ولم تستثن أي سلعة من الجمارك سوى ما كانت قيمتها في حدود ألف و500 جنيه، أي نحو 85 دولارا فقط.
وأثار هذا القرار غضب وانتقادات العديد من المصريين، خاصة وأنه تزامن مع قرار السعودية بفرض رسوم جديدة على المقيمين الأجانب ومرافقيهم، كما أنه تزامن مع موسم الإجازات الصيفية، وعودة أعداد كبيرة من
المغتربين لزيارة أقاربهم في مصر، الأمر الذي ضاعف هموم ومتاعب آلاف المصريين المقيمين في الخارج، وخصوصا في السعودية.
وبعد تزايد الانتقادات لهذا القرار؛ أصدرت مصلحة الجمارك بيانا الجمعة الماضي، نفت فيه تعديل الإجراءات الجمركية الحالية، مشددة على أن قواعد التعرفة الجمركية مستقرة، ولم يتم إجراء أي تعديل على قوائمها.
وأوضحت أن القائمة الاسترشادية للسلع "شائعة الورود" مع الركاب لعام 2017، تم نشرها مؤخرا بغرض "إعادة التذكير، لتحقيق العدالة وتوحيد المعاملة؛ بما يساعد على تحقيق الشفافية والوضوح الذي تعمل به وزارة المالية ومصلحة الجمارك" على حد تعبيرها.
لكن نشطاء ومسافرين قالوا إن موظفي الجمارك أصبحوا أكثر تشددا، حيث يرفضون استثناء أي سلعة من الجمارك، بما في ذلك الملابس والمتعلقات الشخصية، مؤكدين أن النظام يفتش في جيوب المصريين بالداخل والخارج؛ عبر تحصيل
الضرائب والجمارك الباهظة، بالإضافة إلى رفع أسعار الخدمات بحجة سد عجز الموازنة.
هموم مضاعفة
وكانت السلطات السعودية قد أعلنت السبت الماضي، بدء تطبيق رسوم تقدر بـ100 ريال شهريا على كل مرافق للعامل الوافد في العام الأول، على أن تتضاعف كل عام حتى عام 2020.
وزادت هذه الإجراءات الأخيرة من هموم آلاف المصريين المغتربين بالسعودية، الذين تمنعهم الأحوال السياسية والاقتصادية المتدهورة في مصر من العودة إلى بلادهم، وأصبح كثير منهم يبحث عن مكان آخر للهجرة إليه، بينما اضطر آخرون للعيش بمفردهم في المملكة؛ فأعادوا زوجاتهم وأبناءهم إلى مصر لتقليل مصروفاتهم، بحسب مراقبين.
ويبلغ عدد المصريين المقيمين في السعودية؛ أكثر من مليوني شخص، حسب بيانات وزارة القوى العاملة.
وفي هذا السياق؛ حذر الخبير الاقتصادي زهدي الشامي في تصريحات إعلامية، من أن "الإجراءات السعودية الأخيرة ستدفع عشرات الآلاف من الأسر المصرية إلى العودة للبلاد، ما يعني مزيدا من الضغط على الاقتصادي المصري".
النظام يدهس المصريين
وتعليقا على هذه الإجراءات؛ قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة، إن "جميع المصريين القادمين من الخارج يعانون من هذه الإجراءات، وليس القادمون من السعودية فقط".
وأوضح لـ"
عربي21" أنه "بعد قرار الحكومة زيادة الجمارك على السلع الاستفزازية بنسبة 200 بالمئة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ أصبحت معظم المتعلقات الشخصية للمصريين القادمين من دول الخليج بشكل عام تندرج تحت بند السلع الاستفزازية".
وأضاف أن "هناك تعنتا واضحا من إدارة الجمارك والموظفين العاملين فيها، حيث يتعمدون وضع جمارك مضاعفة على السلع التي تدخل تحت بند الاستخدام الشخصي"، مشيرا إلى أن "الدولة تعتمد على تحصيل الضرائب والجمارك بشكل أساسي لسد عجز الموازنة، حيث زادت إيرادات الجمارك بما يقارب ثلاثة مليارات جنيه منذ تطبيق القرار الأخير".
وأكد عطوة أن "الدولة لا تعبأ بأوضاع المصريين أو أحوالهم الاقتصادية، سواء كانوا في الداخل أو في الخارج"، مشيرا إلى أن "النظام الحالي يسير في سياساته الاقتصادية بما يرضي صندوق النقد الدولي فقط، ويدهس جميع المصريين في سبيل ذلك".
المسؤولون يبحثون عن المنح السعودية
من جانبه؛ قال الباحث السياسي محمد شوقي، إن "الأوضاع في دول الخليج عموما، والسعودية بشكل خاص، أصبحت سيئة للغاية على المغتربين المصريين والأجانب على حد سواء"، مشيرا إلى أن "هناك اتجاها واضحا في هذه الدول لإلغاء نظام الكفيل، واستبدال نظام آخر به؛ لزيادة رسوم الأجانب العاملين هناك".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدأ في تنفيذ هذه الخطة منذ عامين؛ بعدما رأى أن المملكة تعاني من أزمة اقتصادية، وأن احتياطات النفط توشك على النفاد، وفي نفس الوقت تعاني البلاد من بطالة عالية بين السعوديين، وهو ما جعل المملكة تستغني عن العمالة الأجنبية تدريجيا، وفي مقدمتها العمالة المصرية، ولذلك تفرض عليها رسوما مرتفعة، كنوع من أنواع الفصل التعسفي غير المباشر".
وانتقد شوقي تجاهل نظام عبدالفتاح السيسي مشاكل المصريين في السعودية، مشيرا إلى أن "هذه التغيرات بدأت منذ خمس سنوات، إلا أن الحكومة المصرية كانت غافلة، بينما سفارتها لا تعبأ بأوضاع رعاياها في المملكة، ولا يهمها سوى المنح والهدايا التي تحصل عليها من المسؤولين السعوديين" على حد قوله.