نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تقريرا قالت فيه إن إدارة الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب وضعت حدا لتقليد أمريكي استمر منذ سنة 1805، يتمثل في دعوة المسلمين على حفل إفطار لإحياء
رمضان وعيد الفطر، في رسالة تسامح ووحدة وتقدير لهذه الديانة.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمه "
عربي21" ، إن هذا التقليد بدأ للمرة الأولى حين دعا الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون سفير تونس بأمريكا سيدي سليمان ميليميلي للإفطار في
البيت الأبيض، بحضور مجموعة من المسؤولين والمشرعين.
وأضاف التقرير أن سبب هذه الدعوة كان لتكريم ميليميلي الذي كان يصوم شهر رمضان أثناء تواجده في الولايات المتحدة، وهي عادة استمرت لأكثر من 200 سنة، ويعتبرها كثيرون تجسيدا لمبادئ الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، المتمثلة في احترام الحرية الدينية.
وأشار التقرير إلى أن بعض المتشددين من اليمين المتطرف انتقدوا عادة دعوة المسلمين للإفطار في شهر رمضان، وكثيرون منهم شككوا في صحة الرواية وادعوا أن ذلك العشاء لم يكن احتفالا بشهر رمضان أو تكريما للمسلمين، وهو ما أدى في النهاية إلى وضع حد لهذا التقليد بعد قدوم ترامب للبيت الأبيض.
وذكر التقرير أنه للمرة الأولى منذ وقت طويل، يأتي شهر رمضان وينتهي دون أن يقوم البيت الأبيض بأي حركة للتعبير عن تقدير هذا الشهر المقدس، من خلال الدعوة لحفل إفطار أو إحياء ليوم العيد، وهو الأمر الذي دأبت عليه الإدارات السابقة في عهد بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما.
وأشار التقرير إلى أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون؛ كان قد ذكر في أيار /مايو الماضي أن الإدارة الأمريكية سوف تنهي هذا التقليد العريق، ولن تنظم حفل العشاء السنوي في شهر رمضان.
واعتبر التقرير أن هذه المواقف التي اتخذها تيلرسون ورئيسه ترامب، والتهنئة المقتضبة التي صدرت عنهما بهذه المناسبة، تمثل تناقضا واضحا مع مواقف الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان قد أصدر خطابا مطولا بمناسبة احتفالات
عيد الفطر، كما تتناقض أيضا مع
الاحتفالات التي احتضنها البيت الأبيض خلال العشرين سنة الأخيرة.
وبالعودة للإفطار الذي تناوله الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون مع السفير التونسي، ذكر التقرير أن مذكرات الرئيس الأمريكي تضمنت تفاصيل مثيرة حول إعجابه بميليميلي، حيث قال عنه: "إنه كان مبهرا، حيث كانت رائحته زكية مثل الأزهار، وكانت لحيته طويلة على عكس مرافقيه الاثنين الذين لديهم شوارب فقط، كما أنه كان يخدم نفسه بنفسه على الطاولة ولا يطلب من الخدم مناولته الطعام، وكانت تصرفاته في غاية اللباقة والنبل، رغم أنه لم يكن يتحدث الإنجليزية، بل يعتمد على مترجم".
وذكر التقرير أن هيلاري كلينتون، إبان تقلدها منصب سيدة أمريكا الأولى في سنة 1996، كانت قد جددت هذا التقليد في البيت الأبيض وأضفت عليه أبعادا جديدة، حيث أنها دعت في شهر شباط/فبراير من ذلك العام حوالي 150 ضيفا لحفل بمناسبة عيد الفطر.
وقد ذكرت حينها هيلاري أن الشخص الذي يجب شكره على تثقيفها حول الإسلام، هو ابنتها المراهقة تشيلسي كلينتون، التي كانت في السنة السابقة قد درست التاريخ الإسلامي. وقد وصفت هيلاري ذلك الحفل بأنه كان تاريخيا وكان من الضروري منذ وقت طويل، من أجل تحقيق فهم أفضل لمبادئ الإسلام لدى الشعب الأمريكي عامة، ومزيد توطيد العلاقات بين مختلف الأديان.
وأضافت هيلاري حينها أن "القيم التي يدور حولها شهر رمضان هي الإيمان وتقوية الروابط العائلية، والاندماج بالمجتمع المحلي والشعور بالمسؤولية تجاه الأقل حظا".
أما الرئيس جورج بوش فقد اعتبر خلال استضافته الأمريكيين المسلمين للإفطار في سنة 2001، أي في ذروة الغضب من هجمات 11 أيلول/سبتمبر، أن العالم يواصل الاستفادة من هذا الدين وإنجازاته، ورمضان يمثل فرصة للتقارب بين الأديان وتعلم الكثير. كما أكد بوش حينها أن إقامة هذا الحفل "ليست حركة رمزية بل هي حقيقية".
وأشار التقرير إلى أن هذا التقليد بدأ يتعرض لهجمات المتطرفين في عهد أوباما، حين استعرض هذا الأخير ذكرى حفل العشاء الذي أقامه توماس جيفرسون على شرف السفير التونسي، وقال إن رمضان يذكرنا بأن الإسلام كان دائما "جزء من أمريكا".
ونقل التقرير عن رمانة أحمد، موظفة البيت الأبيض التي شاركت في تنظيم حفلات إفطار عديدة مع الرئيس أوباما، تعبيرها عن حزنها العميق من قرار دونالد ترامب وضع حد لهذا التقليد.
وقالت رمانة: "إن الهدف من تلك الاحتفالات بشهر رمضان وعيد الفطر كانت تتنوع من عام لآخر، وكانت أحيانا تكريم الشباب الأمريكي المسلم، والاعتراف بمساهمة الجالية الإسلامية في دعم الاقتصاد الأمريكي، وتوجيه رسالة إدماج واحترام لكل المسلمين".