ملفات وتقارير

آل سعود متحدون خلف ولي العهد الجديد.. الآن

أ ف ب- أرشيفية
أنهى صعود الأمير محمد بن سلمان ليصبح ولي عهد السعودية عامين من التكهنات بشأن تنافس وراء الكواليس مع الرجل الثاني في المملكة، لكن لا يزال يتعين عليه إقناع الأقارب الأقوياء ورجال الدين ورجال القبائل.

وكان الأمير محمد نجل الملك سلمان، البالغ من العمر 31 عاما، هو بالفعل الحاكم الذي يدير الشؤون اليومية للمملكة بسلطات واسعة على الدفاع والطاقة والاقتصاد حتى برغم أن ابن عمه الأمير محمد بن نايف (57 عاما) كان يشغل منصبا أكبر، وهو منصب ولي العهد.

وعلى مدى عامين، أثار الصعود السريع للأمير محمد بن سلمان حديثا عن توترات ومنافسة بين الأميرين.

انتهى كل ذلك يوم الأربعاء، عندما توحد آل سعود علنا حول الأمير محمد بن سلمان عقب تصعيده بموجب أمر ملكي. وكان الأمير محمد بن نايف، الذي أعفاه الأمر الملكي من منصبي ولي العهد ووزير الداخلية، بين أوائل الذي بايعوا الأمير محمد بعد إعلان تصعيده لولاية العهد.

لكن تبقى التساؤلات عن كيفية تعزيز الأمير الشاب شبكة سلطته وتأييده.

وأي نزاع على السلطة بين ورثة مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود يخفى بعناية خلف الأبواب المزخرفة للقصور الملكية. ويحرص الأمراء على تجنب نشوب صراع داخلي كامل، مثل الذي أسقط أسرتين سعوديتين حاكمتين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

وقال جريجوري جوس، الخبير في شؤون الخليج بجامعة تكساس أيه آند إم: "نعرف أن هناك تبرما، ونعرف أن هناك استياء، لكن حتى الآن يصطف الجميع". وأضاف أنه لا يرى حتى الآن أي مؤشر على "أزمة" عائلية.

وللملك عبد العزيز الذي أسس السعودية عام 1932 ما لا يقل عن 45 ابنا، ظل منهم على قيد الحياة بعد سن البلوغ 36. ومنذ أن توفي الملك عبد العزيز في عام 1953 حكم البلاد ستة منهم.

وسيكون الملك القادم هو الأول من الجيل التالي، ولا توجد قواعد رسمية تحدد كيفية اختيار خليفة من بين أحفاد الملك عبد العزيز، وهم بالعشرات.

وأثارت التعديلات الأخيرة تكهنات بأن الملك سلمان، وهو في الثمانينات من عمره، قد يتنازل عن العرش لابنه؛ لضمان أول انتقال للسلطة بين الأجيال منذ 64 عاما دون صراع.

وقال مأمون فندي محلل الشؤون العربية المقيم في لندن: "هناك احتمال كبير جدا أن الملك يريد أن يرى انتقالا وهو على قيد الحياة. يجري وضع خطة كبيرة للانتقال".

تحديات قليلة

إزاحة الأمير محمد بن نايف من طابور الخلافة يهمش أقوى عضو في أحد أقوى الأفرع الذي يضم أبناء الشقيق الأكبر للملك سلمان الأمير نايف، الذي أدار وزارة الداخلية السعودية لعقود، وكان وليا للعهد عندما توفي عام 2012.

وخليفة الأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية أحد أحفاد نايف، وعمره 33 عاما، لتبقى قوات الأمن الداخلية في أيدي فرع نايف. لكن محللين يقولون إن وزير الداخلية الجديد الذي لا يملك خبرة حكومية تذكر، ولديه شبكات شخصية قليلة، سيبقى على الأرجح مدينا بالفضل للملك وولي العهد.

أما الأمراء الآخرون الذين يمكن النظر إليهم كمنافسين فهم: متعب بن عبد الله ابن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وخالد بن سلطان وهو ابن ولي عهد سابق، ومقرن بن عبد العزيز أصغر أمير على قيد الحياة من جيل الملك سلمان، وقد أعفي من ولاية العهد في 2015. وباتت أي محاولة من أي منافس للوصول إلى العرش أكثر صعوبة بعد مبايعة الأمير محمد بن نايف الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد.

وقال مراقب سعودي، طلب عدم نشر اسمه: "اللعبة انتهت؛ لأن محمد بن نايف هو من كان يمكن أن يقاوم. لكن ما دام قبل، فلا معنى لاعتراض خالد بن سلطان أو متعب بن عبد الله".

وتابع يقول "آل سعود لن يلجأوا إلى القوة لتسوية خلافاتهم. ذلك لن يحدث أبدا".

ومع قيام الملك سلمان بإبعاد منافسين محتملين لابنه بالاستعانة بخبراء تكنوقراط ليحلوا محل كبار الأمراء في الحكومة، أصبح الأمير متعب آخر عضو كبير من الأسرة المالكة بالحكومة لا يرتبط بعلاقة وثيقة بالملك أو بابنه.

ويرأس متعب الحرس الوطني المؤلف من 100 ألف فرد، لكن دبلوماسيا غربيا كبيرا قال إن محمد بن سلمان سيدمج على الأرجح الحرس الوطني في وزارة الداخلية؛ ليهمش متعب فعليا.

ولا مجال لمعرفة طبيعة ما جرى وراء الكواليس قبل قرار هيئة البيعة يوم الأربعاء.

وأقرت الهيئة المؤلفة من ممثلين عن فروع أسرة أبناء الملك عبد العزيز تولية محمد بن سلمان منصب ولي العهد بموافقة 30 ومعارضة ثلاثة أعضاء. ويبدو أنه جرت مكافأة معظم الفروع القوية في الأسرة بمناصب كبيرة.

وقال المراقب السعودي: "لا أحد ممن قالوا نعم خرج من الغرفة خالي الوفاض". وعلاوة على احتفاظ فرع نايف بوزارة الداخلية أصبح أمراء من فرعي الملك فيصل والملك فهد مستشارين في الديوان الملكي.

خلاف

يقول محللون إنه للحفاظ على السيطرة يتعين على الأمير محمد بن سلمان تنفيذ وعوده بالإصلاحات الداخلية، التي تهدف للتخلي عن الاعتماد على النفط، وأيضا ترتيب السياسة الخارجية للمملكة التي تشمل حربا مكلفة في اليمن، وتوترات متزايدة مع إيران خصم المملكة اللدود، وأخيرا قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.

وقال جوس، الخبير في شؤون الخليج: "إذا نظر إليه على أنه يؤدي عمله بشكل جيد، فسيكون من الصعب بشدة تعبئة الرأي العام ضده".

وعليه أيضا الحفاظ على شعبيته بين الناس وجماعات المصالح الرئيسية. وعلى الرغم من احتفاظه على ما يبدو بثقة شبان كثيرين، أثار الأمير الشاب غضب رجال دين محافظين وزعماء قبائل، في الوقت الذي أثار فيه قلق بعض رجال الأعمال.

وعلى مدار عقود، لم يلحظ أحد من خارج الأسرة الحاكمة أي خلاف عند اختيار الملك الجديد من بين مجموعة صغيرة من أبناء الملك عبد العزيز إلا في مناسبات عارضة.

وخلع مجموعة من الأمراء الملك سعود عام 1964، ونصبوا مكانه الملك فيصل لأسباب منها الخوف من سعي لتأسيس الولاية تبعا للأبناء وليس الأشقاء. واغتيل الملك فيصل على يد ابن أخيه عام 1975.

والآن ضعف نفوذ الأمراء الآخرين على مدار عقود، مع تشعب نسل الملك عبد العزيز إلى عشرات الأبناء ومئات الأحفاد، ما يجعل من الصعب القيام بتحد من الداخل.

وقال المراقب السعودي: "الحكم في السعودية في الماضي كان مسؤولية مجموعة من الأشقاء الكبار يتولى أحدهم العرش".

وتابع يقول: "الآن محمد بن سلمان هو الحاكم الوحيد، وكل من بالحكومة تحت إمرته. إنهم جميعا في خدمته".