سياسة عربية

بعد تصريحاته.. تصعيد إعلامي مصري ضد عمر البشير

نفت مصر اتهامات البشير لها بدعم المتمردين- أ ف ب
لجأت السلطات المصرية إلى الرد الدبلوماسي، والتصعيد الإعلامي، الذي بلغ حد التهديد، ردا على اتهامات الرئيس السوداني عمر حسن البشير لها بدعم حركات التمرد في دارفور غربي السودان، بعد إعلان السودان مصادرة مدرعات مصرية من المتمردين.

وجاءت تصريحات الرئيس السوداني قبل زيارة يجريها وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور إلى القاهرة، يوم 31 أيار/ مايو الحالي، بهدف تخفيف حدة التوتر بين البلدين، وبحث قضايا أبرزها مثلث "حلايب وشلاتين" المتنازع عليه بين البلدين، وشروط تأشيرات السفر بين البلدين، والخلاف حول حظر الواردات الزراعية المصرية للسودان.

وكان البشير قال، أمس الثلاثاء: "الجيش السوداني صادر مركبات مصرية مدرعة من المتمردين في منطقة دارفور بغرب البلاد"، مضيفا: "حاربنا معهم (المصريون) منذ 1967، وظللنا نحارب لمدة 20 سنة، ولم يدعمونا بطلقة، والذخائر التي اشتريناها منهم كانت فاسدة".



رد دبلوماسي

وردا على تصريحات الرئيس السوداني، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا، مساء الثلاثاء، قالت فيه إن "مصر تحترم سيادة السودان على أراضيه، ولم ولن تتدخل يوما في زعزعة دولة السودان الشقيقة أو الإضرار بشعبها".

وشدّد المتحدث باسم الوزارة، أحمد أبو زيد، على أن سياسة مصر الخارجية "تتأسس على احترام القانون الدولي، ومبادئ حسن الجوار، وعدم الاعتداء على الغير، لاسيما عند التعامل مع دول تربطها بمصر علاقات أخوية خاصة مثل السودان".

وأضاف البيان أن "القاصي والداني يعلم جيدا أن مصر كانت الداعم الرئيس لوحدة السودان شمالا وجنوبا، وبذلت كل الجهود لجعل خيار الوحدة هو الخيار الجاذب لشعب جنوب السودان قبل الاستقلال".

وأعربت مصر عن "أسفها لإطلاق مثل تلك الاتهامات، في الوقت الذي وظفت فيه مصر دبلوماسيتها على مدار قرابة الخمسة عشر عاما للدفاع عن السودان ضد التدخلات الأجنبية، ومحاولات فرض العقوبات على المسؤولين السودانيين، وإدانة السودان في المنظمات والمحافل الدولية"، بحسب البيان.

وأردف أبو زيد: "مصر شاركت في جميع مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية وحركات التمرد الدارفورية، ولديها قوات على الأرض حاليا ضمن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لدعم الاستقرار، والسلام في دارفور".

تصعيد إعلامي

وبالتوازي مع الرد الدبلوماسي، لجأ نظام حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى تصعيد الخطاب، عبر أذرعه الإعلامية، الذي بلغ حد تهديد الرئيس السوداني.

وفي هذا الصدد قال الإعلامي خيري رمضان، في برنامج "آخر النهار"، عبر فضائية "النهار"، إن الرئيس السوداني، واصل تصريحاته المستفزة على مصر، معقبا: "البشير بيوصل مع مصر لنقطة مش كويسة".

وتابع: "الرئيس البشير بيقدم عربون (لقطر) هيدفع ثمنه، ولم نكن نتمنى ذلك علشان الشعب السوداني الشقيق، بس هذا العربون، وخسارة مصر؛ خسارة فادحة، وثمنها كبير"، وفق وصفه.

وأضاف رمضان: "هذه اللغة تشبه لغة إثيوبيا عندما ذهبت إليها قطر"، مردفا: "السودان ستبقى في القلب حتى لو انحرف البشير عن الاتزان في تصريحاته عن مصر".


"عد إلى عقلك"

ومستخدما اللغة الحادة نفسها التي استخدمها رمضان، عقَّب أحمد موسى، على تصريحات البشير، قائلا: "يبدو أن الرئيس السوداني قرر أن يدخل في أزمة مع مصر، ويلعب لعبة مش بتاعته، وفي حد زقه يعمل مشكلة مع مصر".

وشدّد موسى، في برنامج "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، على أنه "على الرئيس السوداني أن يعلم أن مصر دولة كبرى لا تدعم متمردين"، واصفا حديث البشير بالأوهام، والكلام الفارغ.
 
واستطرد: "لا يليق برئيس دولة شقيقة، إلقاء الاتهامات على مصر بهذا الشكل"، مؤكدا أن تصريحات البشير عن مصر "خطر، ولا تليق"، وأن الرئيس السوداني لديه مشكلات داخلية، ويريد الخروج منها على حساب مصر، بحسب تعبيره.

وأردف: "لو كانت مصر تريد عمل عداء مع السودان لفعلت ذلك عقب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1995".

ووصف الرئيس السوداني بأنه نسي التاريخ، وقال إن مصر طالما دعمت السودان، وكانت ضد مبدأ التقسيم. وأضاف أنها حمت الرئيس السوداني حينما كان مطلوبا للعدالة الدولية منذ عام 2009، مشيرا إلى زيارته لها مرات عدة.

"أسافين الفتنة؟"

وبأسلوب مختلف، يميل للتهدئة، علَّق وائل الإبراشي، على التصريحات السودانية بالقول: "هزة كبيرة جدا في العلاقات المصرية السودانية"، مطالبا "الدولة" بالتعامل مع المشكلة بحكمة، ودون إهانة، وفق تعبيره.

وتساءل، في برنامجه "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم": "إيه اللي بيحصل ده، ومن يدق أسافين الفتنة بين مصر والسودان؟وليه بعدما تطورت العلاقات بين السودان وقطر تحدث كل هذه المشاكل؟".



"تحريض واستفزاز"

ومن جهتهم، أدلى خبراء عسكريون موالون لسلطات الانقلاب، بتصريحات قالوا فيها إن هناك حملة تحريضية من السودان، وإن تصريحات البشير محاولة لاستفزاز مصر.

وقال الخبير العسكري، اللواء حسام سويلم، في تصريحات صحفية، إن هناك حملة ممنهجة واضحة من قِبل السودان ضد مصر، مشيرا إلى أن الأمر لم يقتصر على دعم السودان لإثيوبيا فيما يخص بناء سد "النهضة".

في السياق ذاته قال الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، إن مزاعم الرئيس السوداني هي محاولة منه لاستفزاز مصر، وليس لها أساس من الصحة، مشيرا إلى أن تصريح الرئيس السوداني ليس اتهاما لمصر وحدها، بل يشمل كلا من مصر وليبيا وجنوب السودان.

"يحتاج لرد"

من جانبها شنت صحف مصرية موالية للسلطات هجوما لاذعا على الرئيس السوداني، وقالت "اليوم السابع": "في إطار توظيفه (البشير) السياسي الدائم لملف العلاقات بدول الجوار، للهروب من أزماته الداخلية وتجاوزات نظامه في دارفور وبحق معارضيه".

وفي حوار، قبل أيام، مع برنامج "8 الصبح"، عبر فضائية "DMC"، قال رئيس تحرير صحيفة "الدستور"، محمد الباز، إن تصريح  الرئيس السوداني بأن صبره طال على مصر، يحتاج "لرد قبيح".