القضاء يرفض عزل شيخ الأزهر بعد تعمد السيسي إهانته (شاهد)
القاهرة- عربي21- هاني عبد الله30-Apr-1704:14 PM
شارك
السيسي أهان شيخ الأزهر أحمد الطيب بحضرة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول- أرشيفية
رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، دعوى تطالب بإصدار حكم قضائي، يلزم رئيس الوزراء بإعفاء شيخ الأزهر، أحمد الطيب، من منصبه، وذلك في وقت أبدى فيه نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي اندهاشهم من الإهانة الشديدة التي وجهها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إليه، بحضرة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، في اللقاء الذي جمعهم بفندق، ترحيبا بزيارة الأخير لمصر، الجمعة.
وأكدت المحكمة في أسباب حكمها أن المادة السابعة من الدستور نصَّت على أن شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، وهذا يعني أن الدستور ضَمِنَ استقلال منصب الأزهر، وعدم قابليته للعزل، باعتبار الأزهر الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي، ودراسته، وجعلته المرجع النهائي، في كل ما يتعلق بشؤون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته.
وأضافت المحكمة: "كما أن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي تشملها؛ لم يتضمن أي نص يلزم الجهة الإدارية بإصدار قرار بإقالة شيخ الأزهر من منصبه، ومن ثم لا يجوز إصدار قرار بإقالة شيخ الأزهر، ولهذا فإن المحكمة تصدر حكمها بعدم قبول هذه الدعوى، لانتفاء القرار الإداري".
وكان المحامي الموالي للسلطات، عبد الوهاب توفيق، رفع دعوى تطالب بإعفاء شيخ الأزهر من منصبه؛ قائلا إنه تم تعيين الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر بقرار رئيس الجمهورية رقم 62 لسنة 2010، وبعد ثورة 25 يناير أصدر شيخ الأزهر "وثيقة الأزهر" التي تضمنت مبادئ تخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
"السيسي يهين شيخ الأزهر بحضور البابا"
وكان مؤسس حملة "أبناء مبارك"، سامح أبو عرايس، استنكر، عبر تدوينة بحسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ما سماه "جلوس البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بجانب السيسي، في الوقت الذي جلس فيه شيخ الأزهر بالأسفل".
وبحسب قوله: "تخيلوا أنني كنت أتفرج على مؤتمر السيسي مع بابا الفاتيكان، ومعايا ضيوف أجانب.. واستغربوا أن السيسي مقعد البابا على المنصة جنبه، ومقعد شيخ الأزهر تحت". وأضاف: "تخيلوا ان الأجانب اللي مش عرب ومش مسلمين استغربوا وشايفين أنها إهانة لشيخ الأزهر، وأن ده وضع غلط؟ بينما بعض اللي محسوبين علينا عرب ومسلمين بيبرروا؟"، وفق رأيه.
كلمة قوية للطيب أمام البابا
وكان شيخ الأزهر ألقى كلمة وصفها مراقبون بأنها قوية، في ختام "مؤتمر السلام العالمي"، الذي أقامه الأزهر، وحضره بابا الفاتيكان، لدى زيارته إلى مصر، الجمعة، وذبَّ فيها الطيب عن الإسلام، وقال إنه: "يجب ألَّا نُحاكِم الأديان بجرائمِ قِلَّةٍ عابثةٍ من المؤمنين بهذا الدِّين أو ذاك".
وشدد الطيب على أن "المآسي التي كتب علينا أن ندفع ثمنها الفادح من أرواحِنا ودمائنا، لا يبدو لها سبب معقول ومقبول، سوى تجارة السلاح وتسويقه، وضمان تشغيل مصانع الموت، والإثراء الفاحش من صفقات مريبة، تسبقها قرارات دولية طائشة".
وأضاف: "يلزمنا العمل على تنقِية صورة الأديان مما علق بها من فهوم مغلوطة، وتطبيقات مغشوشة وتدين كاذب؛ يؤجج الصراع ويبث الكراهية ويبعث على العُنف.. وألَّا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة من المؤمنين بهذا الدين أو ذاك".
وأردف: "ليس الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه، وأولوها تأويلا فاسدا، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويعيثون في الأرض فسادا، ويجدون من يمدهم بالمال والسلاح والتدريب.. وليست المسيحية دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير".
وتابع شيخ الأزهر: "ليست اليهودية دين إرهاب بسببِ توظيف تعاليم موسى عليه السلام، وحاشاه، في احتلال أراضٍ، راح ضحيته الملايين من أصحاب الحقوق من شعب فلسطين المغلوب على أمره، بل ليست الحضارة الأوروبية حضارةَ إرهاب بسببِ حربين عالميتين اندلعتا في قلب أوروبا وراح ضحيتها أكثر من سبعين مليونا من القتلى، ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته من تدمير البشر والحَجَرَ في هيروشيما ونجازاكي".
واستطرد الطيب: "هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان وعن منطق الحضارات وهذا الباب من الاتهام لــو فُــتِـحَ، كما هو مفتوح على الإسلام الآن، فلَنْ يسلم دين ولا نظام ولا حضارة بل ولا تاريخ من تهمة العُنف والإرهاب".
صدام متأجج
يذكر أنه على مدار العامين الماضيين، كان الصدام بين شيخ الأزهر الحالي في مصر، أحمد الطيب، ورئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يأخذ شكل المناورات أو المواجهة المدفونة.
لكن الصدام أصبح علنيا اليوم بعد أن فرقهما ما يسمى بـ"تجديد الخطاب الديني" الذي يطالب به السيسي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك قبل أن يحتل منصب رئيس مصر، بعد انقلاب دموي قاده، بتأييد من شيخ الأزهر هذا نفسه، في الثالث من تموز/ يوليو عام 2013.
وبلغت المواجهة بن السيسي والطيب ذروتها، أخيرا، مع تقدم محمد أبو حامد، عضو "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، بمشروع قانون ينظّم الأزهر من جديد، في محاولة للتخلّص من الطيب من جهة، وكي تكون آليّة العزل بمثابة أداة ضغط على أي شيخ للأزهر يأتي بعد ذلك، من جهة أخرى، وفق تقارير إعلامية.