غادرت المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل القاهرة، الجمعة، عقب زيارة لمصر استغرقت يومين، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ ثماني سنوات، ناقشت خلالها العديد من الملفات مع قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي.
وقالت وكالة الأنباء الألمانية، إن ميركل ركزت في زيارتها على قضية
اللاجئين غير الشرعيين، وأوضاع
حقوق الإنسان في
مصر، والاستثمارات الألمانية، والدور المصري في الأزمة الليبية.
ورأى مراقبون أن صفقة تم إبرامها في القاهرة بين قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وبين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تتضمن تصدي مصر بشكل أكبر لظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، والسماح للمؤسسات المدنية الألمانية بالعمل في مصر، في مقابل مساعدات اقتصادية ألمانية لنظام السيسي، بالإضافة إلى غض الطرف عن الانتهاكات الهائلة في ملف حقوق الإنسان بمصر.
المصالح تغلبت على المبادئ
وقال المحامي والناشط الحقوقي، محمد زارع، إن الطابع الاقتصادي وتغليب المصالح التجارية؛ كان طاغيا على زيارة ميركل للقاهرة، وخاصة بعد العقود الضخمة التي حصلت عليها شركة سيمنز الألمانية لإنشاء مجموعة من محطات الكهرباء العملاقة في مصر.
وشهدت ميركل والسيسي افتتاح مشروعات كهربائية نفذتها شركة سيمنز في مصر؛ بقدرات إجمالية بلغت 14.4 ألف ميغاوات، باستثمارات ستة مليارات يورو.
وانتقد زارع تقديم ألمانيا مساعدات بأكثر من 500 مليون دولار للنظام المصري دعما لـ"خطة الإصلاح الاقتصادي" التي بدأتها مصر "في الوقت الذي يقر فيه العالم كله بأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد تشهد تدهورا غير مسبوق، في ظل قانون الجمعيات الأهلية الذي صدر مؤخرا، والذي يقيد أي مؤسسة حقوقية تريد أن تعمل في مصر".
وقال لـ"
عربي21" إن المؤسسات المدنية الألمانية العاملة في مصر "لن تحصل على صلاحيات إضافية، بل ستعمل تحت سمع وبصر النظام، وخاصة الأجهزة الأمنية".
وأشار زارع إلى أن ميركل ناقشت مع السيسي مواجهة الهجرة غير الشرعية، خاصة أن ألمانيا تعاني بشدة من تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين لديها، الأمر الذي يشير إلى أن "الزعيمين قد توصلا إلى صفقة لمعالجة هذه الأزمة".
صفقة
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية، مصطفى كامل، إن "الزيارة جاءت لجس النبض من جانب ألمانيا، للوقوف على حقيقة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، حيث يعتبر النظام المصري نفسه صديقا مؤيدا لترامب"، مشيرا إلى أن "ألمانيا تحاول استمالة السيسي للمعسكر الأوروبي الذي تتزعمه ميركل، التي وقفت بشكل علني ضد ترامب في العديد من المواقف".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الغرب يهمه دائما متابعة حالة حقوق الإنسان في مصر وأن لا تتدهور بشكل كبير، لذلك فقد بحثت ميركل هذا الملف مع السيسي، إلى جانب العديد من الملفات الأخرى".
وأكد كامل توصل السيسي وميركل إلى صفقة تعمل بموجبها مؤسسات ألمانية على رصد حالة حقوق الإنسان في مصر، مقابل مساعدات مالية ألمانية لمصر كدعم للوضع الاقتصادي، بالإضافة إلى استثمارات ألمانية في مجالات عديدة، وخاصة البنية التحتية وقطاع الكهرباء.
وأعلنت المستشارة الألمانية تقديم بلادها 250 مليون دولار دعما لبرنامج مصر الاقتصادي، بالإضافة إلى مبلغ مماثل العام المقبل.
إطار قانوني لعمل المؤسسات الألمانية
وقالت ميركل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع السيسي، الخميس، إنهما بحثا قضايا حقوق الإنسان، وعمل المؤسسات المدنية الألمانية في مصر، مشيرة إلى أنه سيتم إبرام اتفاق قريبا في ألمانيا؛ يعطي إطارا قانونيا لعمل المؤسسات المدنية الألمانية في مصر.
وشددت ميركل على أن منظمات المجتمع المدني لها دور مهم جدا في تطوير البلاد، والقضاء على التطرف.
ومن بين المنظمات التي حظرت الحكومة المصرية عملها في البلاد؛ مؤسسة "كونراد أديناور" التابعة للحزب المسيحي الديمقراطي الألماني، التي أصدر القضاء المصري حكما بالسجن على مديرها الألماني عام 2013، ما تسبب في توتر العلاقات بين البلدين.
وقال موقع "دويتشه فيله" الألماني، إن السيسي وافق على تخفيف القيود المفروضة على المؤسسات التي ترى ألمانيا أنها تساهم بشكل جدي في تنمية المجتمع المدني.
والتقت ميركل مجموعة من النشطاء العاملين في مجال حقوق الإنسان في مصر، لمناقشة أوضاعهم المتدهورة، حيث أكد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عبر "فيسبوك" دعوته لاجتماع مع المستشارة الألمانية يضم عددا من المنظمات الحقوقية.
وقف تدفق اللاجئين
ولفتت "دويتش فيله" إلى أن ميركل طالبت السيسي بالحد من تدفق اللاجئين إلى بلادها، مشيرة إلى أن الحدود المصرية مع ليبيا تعد بمثابة ثغرة ينفذ منها المهاجرون غير الشرعيين، وغالبيتهم من السوريين، كطريق سهل للانتقال إلى أوروبا.
وأكدت صحيفة "دير شبيغل" أن السيسي وعد ميركل بالعمل بشكل أكبر على تأمين الحدود المصرية مع ليبيا، ومنع تهريب اللاجئين عبرها.
وبحثت ميركل مع السيسي أوضاع الأقباط في مصر، وخاصة بعد تعرضهم للعديد من الهجمات في شمال سيناء، ما أدى إلى تهجير المئات منهم من منازلهم.