مدونات

لمن يسأل عن هويتي

جامع الجند في اليمن - أرشيفية
جامع الجند في اليمن - أرشيفية
إنسان ينتمي للإنسانية في زمن اللا إنسانية، ولدتني أمي في بقعةٍ من الجغرافيا، مسلما بالفطرة التي فطرني الله عليها. لا تهمني جنسيتي كثيرا، بقدر ما يهمني انتمائي للإنسان ومبادئ الإسلام التي أمرتني بذلك. مسلم أنا في زمن الكفر والتكفير، وكافر بتقسيم الجغرافيا الذي رسمه اتفاق سايكس بيكو قبل مائة عام.

سأظل حلبيا في اليمن، وتعزيا في فلسطين، ومقدسيا في العراق، صعيديا في الجزائر، وحجازيا في السودان، بيروتيا في أفغانستان، أكرانيا في البوسنة، طشقنديا في نيجيريا.

وكما أرفض التقسيم الجغرافي، أرفض التقسيم الحزبي الذي صنع ألف سايكس بيكو داخل الوطن الواحد، وصنع من القضية الواحدة آلاف القضايا، لأن حزبي الذي يمثلني وضع التقوى معيارا للتفاضل بين الناس، أمرنا بالتوّحد، ونهانا عن التفرق إلى شيع وأحزاب.

هويتي إنسانية بحتة، لاعلاقة لها بالانتماء العرقي، أتألم من منطلق الشعور بالآخر والجسد الواحد، وليس من منطلق الألم بحد ذاته.

الألم الذي غمرني، ذات صباح، لمجزرة في حي الشجاعية في غزة في العدوان الأخير، هو الألم نفسه الذي تسلل إلى مشاعري قبل ذلك في مجزرة الكرامة في صنعاء ومحرقة الحرية في تعز، ومجزرة التريمسة في حماة، ومجزرة الكيماوي في غوطة دمشق، ومذبحة الإنسانية في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، وتطول قائمة الألم لتشمل مجازر الطائفيين الجدد على أبواب بغداد، وجرائم القتل الجماعي في ليبيا، وإزهاق الأرواح في بورما وكابول، وكثير غير ذلك مما لا يطيقه الضمير الحي، وتتسع له بشاعة قاتل تجرّد من الانتماء الفعلي للإنسانية.

أكره الظلم كما أكره النفاق، لأنهما قرينان يجتمعان دوما في حضرة الحاكم الظالم، وزمرة النفاق التي تلتف حوله، وتحول بينه وبين صراخ الشعب. مؤمن بكذبة الديموقراطية التي يسوّقها الغرب في أوطاننا على طريقته، كإيماني بالشمس في وضح النهار.

أنتمي لكل المشاعر، حين تخضع لمعايير الإنسانية التي كرّمها الله، حزنت لرحيل فريد تعز وحمزة درعا وشباب الربيع، لأنهم قتلوا ظلما وعدوانا، وسعدت بمقتل القذافي وسجن مبارك لأن في ذلك استمرار حياة آلاف الأبرياء.

أرفض استخدام حياة الإنسان المدني كهدف للقتل في شوارع باريس أو بروكسل أو لندن، لأن القرآن لم يأمرنا بمواجهة الأبرياء المسالمين، وأقف إجلالا لإنسان واجه المحتل وجها لوجه أو في عقر ثكناته، وجاهد دفاعا عن الدين والوطن في زمن الوطنيين الجدد.

لا فرق عندي بين صهاينة العرب والصهاينة الأصل من منظور القضية الفلسطينية، كونها لا تقبل المساومة باعتبارها قضية الأرض والإنسان.

مسلم لا أهتم كثيرا بالأوصاف، بقدر ما يهمني التزامي بمبادئ الإسلام دين الله في الأرض، ومؤمن بسلاح القلم والكلمة في بقعة واسعة من العالم، لكنني أكثر إيمانا بسلاح المدفعية في فلسطين والعراق وسوريا واليمن، نظرا لأن العدو في هذه المناطق لا يعرف سلاح القلم والكلمة الحرة، كونه يضعهما في خانة المحرمات، عدو لا يقيم للإنسانية أي معنى، ولا يعترف إلا بلغة القوة.
2
التعليقات (2)
محمد كيموش الجزائر
الإثنين، 16-01-2017 03:18 م
يا اخي منذر في الانسانية اننا نتالم مثلك من اوضاعنا المتردية ،لكننا لا نجعل الدين هويتنا تجنبا لحروب الاديان ، التاريخ خير شاهد على ذلك ،نعم للهوية و الاخوةالانسانية. لا للهوية الدينية فنحن في عصر العولمة ، وما هو قادم اعظم . شكرا على مقالك : لمن يسال عن هويتي ،فقد امتعتنا بافكارك رغم اختلافنا معك في بعضها .
محمد المصري
الجمعة، 16-12-2016 07:30 م
إذاً انت اخواني