تمر
الليرة التركية بواحدة من أسوأ فترات تراجعها أمام الدولار الأمريكي، إذ فقدت نحو 8 في المائة من قيمتها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف تموز/يوليو الماضي، إضافة إلى كثير من العوامل الداخلية والخارجية.
ويرى خبراء أن الأحداث التي مرت بها
تركيا بدءا من العمليات الإرهابية منذ مطلع العام الجاري ثم محاولة الانقلاب الفاشلة والتوتر بين الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد وطرح النظام الرئاسي للمناقشة ثم الانتخابات الأمريكية والتوتر في العراق وسوريا، كلها عوامل ساهمت في تراجع الليرة لأدنى مستوياتها أمام الدولار منذ نحو 35 عاما.
وشهدت الليرة التركية هبوطا ملحوظا في قيمتها خلال فترة الانتخابات الأمريكية على الرغم من تأكيد بورصة إسطنبول أن مؤشرات الفائدة وميزان المدفوعات يسيران على ما يرام.
وبحسب الخبير
الاقتصادي التركي جنيد باشاران فإن السبب الرئيسي وراء تدني الليرة التركية تمثل في الانتخابات الأمريكية وما توازى معها من حالة قلق دفعت المستثمر في المصارف الأمريكية إلى سحب ودائعه ووضعها في مصارف دول أخرى.
وتابع وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط": "فضلا عن التوقعات برفع قيمة أسعار الفائدة الأمريكية، الأمر الذي صدر الدولار في مقدمة التعاملات المالية، مما قلل من جاذبية الليرة فهبطت وحدث ذلك بشكل متموج وليس ثابتا، حيث حافظت الليرة على قيمتها لفترة وفقدتها في فترة أخرى".
واعتبر خبراء أن توجه البنك المركزي الأمريكي لتحريك الفائدة في بداية العام، مع توقع مزيد من رفع الفائدة في كانون الأول/ديسمبر المقبل أثر على عملات الدول الأخرى، حيث تدنت العملة الماليزية بنسبة 4 في المائة وعملة جنوب أفريقيا بنسبة 3 في المائة خلال الربع الأخير من العام الجاري.
وخفضت شركة "موديز" التصنيف الائتماني التركي وتراجع الطلب على الليرة التركية ما أدى إلى تهاويها وتأثر النمو الاقتصادي بشكل سلبي. وأدى انخفاض الطلب الداخلي والاستثمار الأجنبي في تركيا إلى تراجع النمو الاقتصادي إلى ما دون 3 في المائة في الربع الثالث من العام الجاري، ودفع صندوق النقد الدولي لتوقع أن يهبط النمو الاقتصادي في تركيا لعام 2017 إلى 9.2 في المائة.
وكانت الليرة التركية سجلت في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري تراجعا أمام الدولار بعد توقيف مسؤولين في حزب الشعوب الديمقراطي المدافع عن القضية الكردية، وخسرت الليرة 25.1 في المائة من قيمتها ووصلت إلى مستوى أدنى من الذي سجلته غداة محاولة الانقلاب.
وتتعرض الليرة لضغوط منذ أسابيع بسبب مخاوف من مزيد من التراجع في النمو وعدم الاستقرار السياسي، لا سيما منذ أن أعلنت الحكومة مضيها في مشروع الدستور الجديد لتعزيز صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال الاقتصادي التركي في مكتب "بي جي سي" أوزجور ألتوك إن الليرة التركية في تراجع مستمر منذ أشهر:" نفسيا نحن نعيش حالة نجهل معها إلى ماذا ستؤول الأمور، وبالتالي من الصعب أن نعرف متى سيتوقف نزيف الليرة التركية".
وانعكس انخفاض الليرة التركية أمام الدولار بارتفاع نسبي في أسعار مواد كالملابس وغيرها كما يقول مواطنون، فيما لم يؤثر الارتفاع على المواد الأساسية.
وكانت الليرة التركية قد شهدت ارتفاعا الأسبوع الماضي بعدما رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيفها الائتماني لتركيا إلى مستقر بدلاً من سلبي. لكن الوكالة حذرت من تأثير الخلافات السياسية في البلاد. وتثور تساؤلات عدة حول حقوق الملكية ودور الاستثمار الأجنبي المباشر في تمويل العجز التركي في الحساب الجاري.
ويرى الخبير الاقتصادي التركي إسكندر كوركماز أن تركيا بحاجة إلى دفع عجلة انفتاحها الاقتصادي الذي تعمل على تحقيقه منذ فترة، موضحا أن الحساب الجاري يؤثر سلًبا على الليرة التركية، فكلما ارتفعت قيمة الحساب الجاري السلبية انخفضت قيمة العملة التركية.
وأشار إلى أن تعجيل العمل في مركز إسطنبول التمويلي سيكفل لتركيا تدفق أحجام ضخمة من العملة التي ستزيد الطلب على العملة التركية من خلال اضطرار المستثمر الأجنبي لتحويلها إلى الليرة التركية لاستخدامها في عملية الاستثمار.