شهدت صفحات التواصل الاجتماعي على "فيسبوك" بتونس ردود فعل ساخرة من
بيان نشره حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد على خلفية نشر المكتب الإعلامي لرئيس حزب حركة
النهضة، راشد الغنوشي، لصورة تُظهر الأخير وهو يُصافح نائب الأمين العام للحزب.
وقال حزب "الوطد"، وهو أحد مكوّنات الجبهة الشعبية (أقصى اليسار)، في بيانه الذي نشره، الأربعاء، إن "الأمر لا يعدو أن يكون محض صدفة أثناء مراسم إحياء العيد الوطني للجمهورية الألمانية، وهو سلوك أملته رفعة أخلاق الرفيق "محمد جمور" في التعامل مع وضعيات عفوية كهذه"، وفق نص البيان.
واعتبر الحزب في بيانه أن "النشر السريع وغير البريء لهذه الصورة" يندرج ضمن سياق التوظيف لمختلف جوانب الحياة الإنسانية في جانبه الاجتماعي والديني لأغراض "سياسوية ضيقة"، مُضيفا أن الهدف من نشرها هو "إيهام الرأي العام الوطني والدولي بمصالحة كاذبة تسعى حركة النهضة إلى الحصول عليها دون المرور بالمحاسبة القانونية والسياسية على ما ارتكبته من جرائم في حق الوطن والشعب".
وختم البيان الذي حمل إمضاء الأمين العام لحزب الوطنيين الدّيمقراطيين الموحد بالتأكيد على أن هذه الصورة لا تعكس تغير موقف الحزب من تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية لحركة النهضة في اغتيال شكري بلعيد ومن موقفه من قيادتها لحكومة الترويكا ومن وجودها الحالية في حكومة الائتلاف.
سخرية من البيان
وسبّب موضوع البيان
سخرية عدد واسع من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي عبر تعاليقهم وسموه بـ "بيان المُصافحة"، حيث علّق الباحث سامي براهم عبر صفحته الخاصّة قائلا: "بيان تاريخيّ .. فصل المقال في ما بين المصافحة والسياسة من اتصال ..".
من جهته، كتب الإعلامي، مهدي الجلاصي، على صفحته في "فيسبوك" مُستنكرا ما اعتبره "طفولية بعض الأحزاب السياسية".
وأضاف: "بيان لتبرير مصافحة القيادي محمد جمور لراشد الغنوشي كأنه صافح بنيامين نتنياهو، طبعا هذه ليست سوى مزايدات فارغة ومرضا مزمنا خاصة لما نتذكر أن هذا الحزب يجلس يوميا مع حركة النهضة في البرلمان وغيره، ويمضي معها في توافقات، وسبق وأن جلس معها على طاولة المفاوضات خلال الحوار الوطني مباشرة بعد اغتيال أحد رموزهم للتفاهم حول رئيس الحكومة".
وتابع: "نواب الجبهة أراهم يوميا يتجاذبون أطراف الحوار وبكل ودّية مع نواب النّهضة في البرلمان .. هي ليست سوى مزايدات".
وعلّق الناشط السياسي اليساري، نور الدّين الهمامي، قائلا: "مشكلة اليسار الطّفولي في
تونس هي أنّه لا يخاطب شعبه بل قواعد الحزب المنافس/ الشريك .. بالله عليكم هل الشعب يهمّه أن جمّور أخطأ وصافح الغنوشي؟".
عقلية استئصالية
وفي تعليقه حول البيان، وصف بشير النفزي، القيادي بحزب حراك تونس الإرادة المُعارض، البيان بأنه "مسخرة بأتم معنى الكلمة"، معتبرا أنه يعكس مشكلة نفسية عميقة لحزب ممثل في المجلس النيابي وأحد المكونات الأساسية للجبهة الشعبية والتي هي على الورق الأكبر في مستوى المعارضة.
وأضاف النفزي، في تصريح لـ"
عربي21"، أن هذا البيان يطرح على الطاولة ماهية حدود القاسم المشترك الوطني بين التونسيين، كحساسيات سياسية وإيديولوجية، مشيرا إلى أنه، والحديث عن البيان، يبعث على التخوف، لأن عقلية صراع الجامعة في العقود الماضية لازالت حاضرة بكل مخاطرها في هكذا بيان وبالتالي هذا الحزب هو أبعد ما يكون عن القبول بالقاسم المواطني الأدنى، وفق تعبيره.
وفي إجابة عن سؤال "
عربي21" حول مدى إمكانية أن يكون البيان مُتسرّعا أو كنتيجة ضغط القواعد الحزب، قال النّفزي بأن البيان هو مزيج من كل ذلك، مُشيرا إلى أن "العقلية الاستئصالية" لحزب الوطد لم تخفف وجهها ولم تغلف في أي وقت مضى ببعض الدّبلوماسية، مُعتبرا أن هذه العقلية سارعت وتسرعت بإصدار بيان لا يرتقي لمستوى بيان حزب سياسي، وفق تقديره.
وتابع: "إذا كان ضغط القواعد أحد الأسباب لإصدار بيان كهذا فتلك مصيبة أكبر حيث يحيلنا الأمر إلى مجموعة تجتمع حول مبدأ الاستئصال ورفض الآخر وأكثر من ذلك الجنوح للعنف لا قدر الله".
يُذكر أن حزب الديمقراطيين عُرف بدعواته المتكررة بضرورة تحميل حركة النهضة المسؤولية السياسية لاغتيال زعيمه شكري بلعيد الذي تم اغتياله في شباط/ فبراير 2013.
ولم يتسن لـ"
عربي21" الحصول على تعليق من حزب "الوطد" ولا من حزب النهضة على ما جاء في البيان.