نشر موقع "الجزيرة" الإنجليزي مقالا لمحلل شؤون الدفاع في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل نايتس، يقول فيه إن هناك حديثا دائما عن إلغاء مركزية الأمن والإنفاق والإدارة، بصفته وسيلة لتخفيف التوتر في عراق ما بعد
تنظيم الدولة.
ويقول الكاتب إن "المنطق خلف هذا الطرح جدير بالاهتمام؛ فإن استطاع السنة والأكراد إدارة شؤونهم، فإنه سيكون من صالحهم التعاون مع بغداد، وستكون هناك فرص أقل لتنظيم الدولة بأن يعمل بين خطوط الانقسام في
العراق، بين الوسط والشمال والغرب".
ويضيف نايتس أن "الحديث عن هذا الموضوع أسهل من الفعل، حيث يكمن الشيطان في التفاصيل كما يقولون، فكم ستكون نسبة مشاركة بغداد في عملية التجنيد لقوات الأمن المحلية مقابل السلطات المحلية؟ وما هي مسؤوليتها عن ميزانيات الوزارات؟ وما هي مسؤولية السلطات المحلية؟ وكم ستكون ميزانية السلطات المحلية؟ ومن الذي يسيطر على النفط؟".
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "مناقشة هذه القضايا تتم في العراق، وعادة ما تولد النقاشات مشاعر قوية، فكركوك متنازع عليها بين الأكراد والتركمان والعرب، وقد رحب حاكم المحافظة نجم الدين كريم بالنقاش المفتوح حول كيفية إدارة المحافظة في المستقبل".
ثلاثة خيارات
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك ثلاثة خيارات أمام كركوك، بحسب نتيجة الاستفتاء فيها، فبإمكانها الانضمام لإقليم
كردستان العراق، ويمكن أن تبقى إحدى المحافظات الخمس عشرة التي تديرها بغداد، والخيار الثالث، الذي يسوق له كريم، هو أن تتخذ خطوة مؤقتة لتصبح مثل كردستان العراق إقليما بحكم ذاتي محدود لعدة سنوات".
ويتساءل نايتس: "فماذا يحصل إن أصبحت كركوك إقليما؟ قد يؤجل قرار (الوضع النهائي)، الذي يتعلق بعلاقة الاقليم ببغداد أو كردستان، وتستطيع كركوك المؤقتة الحصول على مزايا، مثل إدارة دخلها، وقد تستطيع تصدير النفط مثل إقليم كردستان، وتستطيع تشكيل قوات أمن خاصة بها، وتحصل على تدريب ومساعدات دولية، مثل البيشمركة الكردية".
ويبين الموقع أن "كركوك ستحصل على المزيد من السيطرة الإدارية على الخدمات في المحافظة، بالإضافة إلى أنه يمكن لأجزاء كركوك، مثل الحويجة التي يقطنها العرب، المطالبة بأن تصبح إقليما بحد ذاتها، كما هو الحال في إقليم كردستان، الذي ينقسم إلى أقاليم (اربيل، والسليمانية، ودهوك، وحلبجة)".
ويستدرك المقال بأن كثيرا من العراقيين يخشون مثل هذه النتيجة أيضا، ومن المرجح ألا ترحب بغداد بخسارة السيطرة على كركوك ونفطها، أو تراجع الدور الذي تؤديه في كركوك، لافتا إلى أن الفصائل الكردية تخشى أن يكون تشكيل إقليم كركوك المقدمة لانفصالها تماما عن إقليم كردستان العراق، ونتيجة لذلك وجد المحافظ كريم نفسه مهاجما من جميع الجهات.
ويقول الكاتب: "الآن، وبسبب اقتراب معركة
الموصل، التي قد يتم تحريرها قبل نهاية العام، فإن هناك نقاشا يدور الآن حول إقليم نينوى، الذي يركز على الموصل، وما إذا كان ينبغي أن يصبح شبه مستقل، مثل إقليم كردستان العراق، ويحتوي على عدة مناطق محلية".
ويجد الموقع أن "هناك بعض القيمة في هذه الفكرة، حيث تعيش في الموصل وفي المناطق النائية في نينوى مجموعات اجتماعية وقبلية متميزة، فمنطقة سنجار يعيش فيها اليزيديون، وتلعفر تعيش فيها غالبية تركمانية، بما في ذلك بعض الشيعة التركمان، في الوقت الذي يعيش في سهول نينوى شرق الموصل مسيحيون وشبك ويزيديون".
ويعلق نايتس قائلا إن "هذا الأمر قد يصبح واقعا يوما ما، لكن من المبكر ومن الخطير مناقشة هذه القضية الآن، فأهل الموصل سيكونون في حالة صدمة عندما يتم تحرير مدينتهم، وسيراقبون ليروا إن كانت عودة قوات خارجية إلى مدينتهم لصالحهم أم لا، فإن هذا وقت للطمأنة، واتخاذ خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح، وليس لإعادة رسم الخارطة".
ويستدرك المقال بأنه "بالرغم من أن كل مجموعة قد تستفيد من حكومة محلية في نينوى، إلا أن الجميع سيكون قلقا على المدى القصير، حول ماذا يعني التغيير، وكيف يمكن تطبيقه، ومن القابل للجدل أن نينوى والموصل ليستا مستعدتين لهذا المجهول في أشهر ما بعد التحرير، كما أنه من غير الواضح كيف سيكون رد فعل بغداد، فعندما بدأت محافظتا ديالى وصلاح الدين بخطوات قانونية نحو تشكيل حكم ذاتي، فإن الحكومة الفيدرالية قامت بفرض قانون الطوارئ في هاتين المحافظتين".
ويورد الموقع نقلا عن مؤيدي الانفصال قولهم إنه ليس هناك وقت جيد لبدء هذه العملية الحساسة، مستدركا بأن الوقت الحاضر هو أسوأ الأوقات؛ بسبب هشاشة البلد، والخلافات السياسية في بغداد وفي المناطق الكردية.
ويرجح الكاتب ألا يوافق الشركاء الدوليون على جهود انفصال الموصل أو كركوك؛ بسبب احتمال التأثير السلبي في التعاون بين بغداد ومناطق كردستان العراق، وتعقد التوترات المحلية في المناطق المحررة، مشيرا إلى أن الصيغة الأفضل في هذه الظروف تكمن في مطالبة الأقاليم المختلفة بتطبيق أوسع لإجراءات
اللامركزية في القانون العراقي لعام 2008، في المناطق غير المنظمة في أقاليم.
ويفيد الموقع بأن ساسة بغداد يفضلون هذه الصيغة؛ لأنها لا تهدد بإيجاد أقاليم دائمة، لديها دستورها المحلي، وقواتها المسلحة، وسياسات الطاقة الخاصة بها، مثل إقليم كردستان العراق، حيث إن الأقاليم التي مثل إقليم كردستان، التي تملك برلماناتها الخاصة، تحتاج إلى كثير من الجهد لتتطور، منوها إلى أن الأكراد أنشؤوا هذه المؤسسات على مدى عقد من الزمان، عندما كانوا منفصلين عن عراق صدام حسين.
ويخلص ناينس إلى القول إن "بناء مثل هذه المؤسسات في كركوك، المجردة من الموارد، أو الموصل، المحررة حديثا، قد يكون غير عملي في الوقت الحاضر، وفي الوقت الذي تلوح فيه معركة تحرير الموصل في الأفق، فإنه قد يكون من الحكمة تأجيل النقاش في موضوع استقلال الأقاليم المثير للجدل".