صحافة دولية

الغارديان: هكذا انتهت تجربة جيرمي كوربين في البرلمان

الغارديان: كوربين سيقود فريقا لا يريده البقاء في القيادة- أرشيفية
الغارديان: كوربين سيقود فريقا لا يريده البقاء في القيادة- أرشيفية
ناقشت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها تجربة زعيم حزب العمال جيرمي كوربين في البرلمان، وتداعيات استفتاء بريطانيا على البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه على موقعه. 

وتقول الصحيفة: "منذ البداية واجه كوربين مجموعة من الأعداء داخل البرلمان، تريد القتال حتى الموت، وليست مهتمة بالدعم الذي يحظى به كوربين من أعضاء الحزب، حيث انتهز أفرادها كل فرصة للتساؤل عن قدرته على قيادة الحزب، وهي ليست عصابة صغيرة لا يمكن إقناعها، لكنها 81% من نوابه، وتضم نوابا في الوسط واليسار الناعم، وكذلك من اليمين، من الذين دعموا تحركا لسحب الثقة منه، ولم يعد السؤال عما إذا كان على كوربين الاستمرار في القيادة، لكن إن كان في الواقع يقود فعلا، والجواب الذي لا يمكن تجنبه أنه لم يعد يقود بالمعنى الفعلي". 

وتشير الافتتاحية إلى أن "أصدقاءه القلة في البرلمان، والقاعدة الشعبية الداعمة له، لديهم شكوى مشروعة، حيث إنهم يعارضون التحرك ضده بعد الاستفتاء على العضوية في الاتحاد الأوروبي وخسارته، ويرون فيه عقابا عشوائيا لما كان أولا وأخيرا هزيمة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والعقوبة هي نتاج للتصويت العام غير المنظم، ويشعرون بالسخط للطريقة التي تمت فيها استقالة عدد كبير من وزراء حكومة الظل؛ من أجل تحقيق الضرر الأعلى، ويحتجون قائلين إن سجل كوربين الانتخابي هو أفضل مما تم تقديمه، حيث حافظ عليه في الانتخابات التكميلية الأخيرة في توتينغ، وتجنب خسارة فادحة في انتخابات المجالس المحلية الأخيرة، التي تم التوقع لها على نطاق واسع".

وتعلق الصحيفة قائلة: "لكن، لا ينفع التظاهر بأن حزب العمال، الذي يقوده كوربين، يعمل جيدا، حيث إن حصته من الأصوات انخفضت إلى النقطة التي بدأ بها إد ميليباند في عام 2012، وقبل أن يذهب ميليباند ويخسر بشكل فادح، ولم ينجح كوربين في تعبئته لقاعدة الناشطين الجديد، بمن فيهم الشباب، الذين حرموا من السكن والوظيفة الآمنة، بربط  الحزب في مناطق دعم الحزب التقليدية المتداعية، التي انشقت وصوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وعنات حملته الراديكالية من إعادة الشعبية للحزب في أسكتلندا، لكن الحزب غرق إلى عمق أقل مما كان عليه الحال في عام 2015، وهزمه حزب المحافظين".

وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن "كوربين كان معزولا في ويستمنستر، بدعم من النواب المخلصين وعددهم لا يتجاوز العشرين، وحتى الاستفتاء كان قادرا على إدارة نواب المقاعد الخلفية بنصف قدرتهم؛ لأن زملاءه الشاكين به كانوا مستعدين لإعطاء تجربته فرصة، ولم يعودوا، فما تغير لا علاقة له بـ(البريكست)، لكنه مرتبط بإمكانية عقد انتخابات مبكرة، رغم نفي بوريس جونسون".

وتبين الصحيفة أن "كوربين تحدى دعوة زملائه بالتنحي، وعاد إلى قوانين الحزب، التي تضع قرار القيادة في يد أعضائه، الذين يعتقد أنهم لا يزالون موالين له كما في السابق، وفي هذه الفوضى هل يمكن افتراض هذا؟ وأكثر من هذا فإن قواعد الحزب تفقد قيمتها بشكل أساسي عندما تفقد القدرة على القيام بالمهمة الرئيسة، حيث إن قواعد الجمعيات الخيرية مثلا قد تضع قرار المدير التنفيذي في يد مجلس الأمناء، لكن المدير لا يستطيع العمل إن لم يكن الموظفون العاملون معه يريدونه مواصلة عمله".

وتجد الافتتاحية أنه "بالنسبة لكوربين، فإن خيار استبدال (الموظفين) ليس موجودا دون إظهار الاحتقار للناخبين، فهم ليسوا موظفين في الحزب، لكنهم نواب انتخبهم 9.3 مليون من ناخبي حزب العمال، وفي حالة عقدت الانتخابات هذا العام فلن يكون هناك وقت لإعادة انتخاب قائمة موالية لكوربين، حتى لو وعد بتجنب مسار غير حكيم كهذا".

وترى الصحيفة أن "كوربين سيقود فريقا لا يريده البقاء في القيادة، وموازنة القوى في حالته ستكون صعبة، كما في حالة زعيم المحافظين السابق إيان دانكن سميث، حيث إن الخطر الوجودي الذي يواجه حزب العمال من أن آليته التي حددت عمله لقرن، أي ما بين العمل التطوعي والبرلماني، ستنهار لو تمسك كوربين بقيادة الطرف الأول بعد انهيار قيادته للطرف الثاني، ولا يمكن السماح بحدوث هذا، ولا دون أن يتم تقديم تطمينات لداعمي كوربين بما سيحدث بعد، فإن انتخابه في العام الماضي عكس سخطا عاما من العمال الجدد وسياستهم الاقتصادية والخارجية". 

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "يجب على اللجنة التنفيذية الوطنية، الموزعة بشكل متساو بين اليمين واليسار، التأكد من قيام الزعيم المقبل ببناء فريق يضم اليسار، الذي تم تجاهله لمدة طويلة، وعليها ضمان أن تكون إجراءات صنع القرار السياسي أكثر انفتاحا، بالإضافة إلى حوار صريح أكثر مما سمح مشروع حزب العمال الجديد، حيث إن إرث كوربين في ويستمنستر قد انتهى، لكن هذه الطرق قد تورث إرثا مفيدا".
التعليقات (1)
محمد
الأربعاء، 29-06-2016 02:57 م
مؤشرات التغير الجذري في الاتجاه المعاكس للطريق الآمن الذي سلكته بريطانيا؛ الانفصال عن أوربا وإبعاد الرموز التي تتوافق مع متطلبات عصر الوحدة والتغيير نحو الأفضل أمثال كوربين وعلى القائمة طبعا صادق خان؛ تنذر هذه المؤشرات بفوضى عارمة أولها التمييز العنصري الذي سوف يفكك المجتمع وآخرها الانقسام الجغرافي المفضي إلى الضعف والأفول، وسنة الله جارية لا يحدها الأزمان وإن طالت وهي بقاء الأمم والأنظمة بقدر عدلها وفناؤها بانعدامه ودليل جريان تلك السنة الكونية القاهرة؛ اعتباطية الاستفتاء التي استحالت من قبل في سلوكاتهم.