مقالات مختارة

عدم التزام لبنان الإجراءات الأميركية ليس مطروحا

ثريا شاهين
1300x600
1300x600
تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن القرار الأميركي في شأن العقوبات المصرفية على "حزب الله"، لا يمكن للحكومة اللبنانية أن تجابهه. انه قرار أحادي الجانب في الولايات المتحدة، وليس قرارا دوليا. لكن وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن للحكومة أن توقف منع التحويلات من مصرف نيويورك المختص بالتحويلات عبر العالم، كما لا يمكنها أن تقوم بعقوبات مماثلة كرد على هذا القرار.

لذلك لا يمكن للحكومة أو لأي موقف لبناني رسمي، أن يقف في وجه الإجراءات المفروضة، لأن ذلك يعني الخروج من النظام المالي العالمي، وهذا ما ينعكس سلبا على النشاط المالي والمصرفي والاستثمارات وحركة الأموال بين لبنان والخارج، وكذلك حركة الشيكات.

وتوضح المصادر، أن الولايات المتحدة لطالما كانت تعتبر الحزب إرهابيا، ووضعته على لوائحها للإرهاب حتى قبل مشاركته في القتال في سوريا. وحين بدأ قتاله هناك، وضعه الأميركيون على لائحة المنظمات الإرهابية التي تختص بسوريا، لكن الإجراءات اتخذت بعدما رصدت واشنطن شبكات مخدرات وتهريب أسلحة تعود للحزب وتعمل بين أفريقيا وأميركا اللاتينية، فتجمعت عوامل عديدة بالنسبة إلى الولايات المتحدة أدت إلى التركيز على أنشطة الحزب والعمل بكل الوسائل لقطع إمدادات التمويل عنه.

وتؤكد المصادر أنه على الرغم من تغيير طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران اثر توقيع الاتفاق النووي، فإن أجواء الارتياح الذي خلقه لم ولن تؤثر في موقف واشنطن من الحزب. بل على العكس، فإن الانفتاح الأميركي على ايران، سيجعل واشنطن أكثر تشددا مع الحزب في إطار إرضاء الجماعات المتشددة لديها، لا سيما في الكونغرس، والتي تدعم إسرائيل. وأي تعديل في الموقف الأميركي حيال الحزب مستقبلا، سيحصل في ظل سلوكه، وفي ظل سلة متكاملة للحلول في المنطقة بتوافق دولي إيراني.

حاليا هذا هو الوضع الدولي مع الحزب، الذي لا يبدو وفقا للمصادر، أن لديه مصلحة في اللجوء إلى ضغوط قوية داخليا، لأن لا إمكانات كبيرة لديه، وليس من مصلحته القيام بذلك. كذلك ليس مطروحا عدم التزام لبنان الإجراءات التي بدأت فعلا تأخذ حيز التنفيذ، لأن عدم الالتزام له تداعياته. وأي مطالبة من الحزب بأن تأخذ الدولة موقفا من الإجراءات، ستقابلها مطالبة بأن يتخذ الحزب الموقف اللازم بالنسبة إلى سياسة النأي بالنفس عن الحرب السورية، واحترام "إعلان بعبدا".

وتؤكد مصادر ديبلوماسية أخرى، أن القطاع المصرفي وان كان عليه التنبه من أجل أن يستمر شريكا دوليا للعالم، فهو يستطيع تخطي هذه المسألة بطريقة معينة، وقادر على حماية ذاته. في الأساس كان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قال سابقا إن حركة الحزب المالية لا تمر عبر المصارف، وهذا يريح الجو المصرفي. بعد العام 2001، والاستهدافات الإرهابية داخل الولايات المتحدة، بات لديها جهاز يكشف كل التعاملات المالية في العالم. ولهذا السبب يفضل الحزب التعامل بالدفع والقبض المباشرين لكي لا تنكشف مصادر تمويله. لكن الحذر في التعامل حيال لبنان سيكون في ازدياد في هذا المجال.

المصارف تعمل ما في وسعها لدرء أية مخاطر، ولديها علاقات مباشرة مع الإدارات المعنية داخل الولايات المتحدة، من أجل أن تفهم بالتحديد الإجراءات، وماذا تريد، ولاستطلاع أية نتائج وحلحلة أية مسائل، وبالتالي، سيتم التدقيق فعليا بكل العمليات ولا سيما أن النظام الأميركي بحد ذاته، يُعرّض بصورة أوتوماتيكية للعقوبات كل من يتعامل معه، ويمرر في الوقت نفسه حركة مالية متصلة بمن تم وضعه على لائحة الإرهاب من أسماء أو شركات. والأميركيون يعتبرون أن هذا النظام هدفه حماية المصارف الأميركية من الخطر. ولذا على الشركات أو المصارف المتعاملة معه التدقيق في الأسماء لمعرفة مع من يتعاملون.

وتشير المصادر إلى أن هناك شركات وهمية أيضا مستهدفة من القرار الأميركي، وهذه موضع ملاحقة من وزارة الخزانة، وستسعى إلى كشفها، وكانت دائما تحرز تقدما جوهريا في إظهارها، الأمر الذي تميزت به الوزارة حيال كل الذين يجب فرض عقوبات عليهم، فهناك عصابات مالية عالمية معنية بالموضوع منها مكسيكية، وأشخاص وشركات تنتقل بين أفريقيا والولايات المتحدة مشكوك في وظائفها، وهناك الإرهاب المحدد في القرارات الدولية مثل أنشطة "داعش" و"النصرة" فضلا عن استهداف الحزب. وسيعمّق الأميركيون أبحاثهم ويوسعونها في كل اتجاه لكشف كل التفاصيل.

في المبدأ العقوبات من دولة إلى دولة تكون غير ملزمة إنما محرجة، ولكن إذا جاءت في إطار قرارات صادرة عن مجلس الأمن فتصبح ملزمة.

وحاليا لا يمكن اعتبار القرار الأميركي غير ملزم، والمصارف تتعامل بالدولار الذي تمسك به الولايات المتحدة، والمصارف ستتلافى أي إشكالات معها، ولا سيما أن كل التحويلات في العالم تمر عبر مركز نيويورك. وستعتمد طرقا وفق آليات عمل داخلية لا يتم الإعلان عنها ضمن اطار الالتزام بعدم المس بالوضع المالي، والاستقرار الاقتصادي، وحسن العلاقات بدول العالم.

عن صحيفة المستقبل اللبنانية
0
التعليقات (0)