مقالات مختارة

الانقراض المعنوي والإبادة البيضاء!!

خيري منصور
1300x600
1300x600
الانقراض ببعديه العضوي والمعنوي هو حصيلة الفشل في التأقلم، سواء مع مجرى التاريخ أو تحولات الطبيعة، وكذلك الإبادة، فهي لم تعد عضوية أداتها السلاح فقط، وهناك إبادات يمكن وصفها بالسلميّة، رغم غرابة هذا الوصف؛ لأنها تحدث دون إراقة قطرة دم، ومثالها المتكرر في التاريخ هو ما أشار إليه كل من المفكر الجزائري مالك بن نبي والمفكر الأفريقي د. فرانز فانون الذي كرّس حياته القصيرة للثورة الجزائرية .

ما قاله الاثنان على اختلاف الأسلوب هو أن الاستعمار عندما يرحل يترك وراءه ظلالا وأصداء، منها الفكرة التي يشكلها ضحاياه عن انفسهم، فهي من صناعته وهذا ما يسمى استلاب الوعي أو الاغتراب، بحيث يصبح الإنسان عدو نفسه وهو لا يدري، لأنه يتقمص الصورة المشوهة التي رسمها المستعمر له عن ذاته فيصدق الأطروحات العنصرية والعرقية التي انهى التاريخ والعلم صلاحيتها، وهي أطروحات تجنّت على العلم عندما تذرّعت به، كأن يكون هناك شعب قاصر ومحروم من سن الرشد، أو أن هناك دما ازرق ودما رمادي أو اسود !

وقد ظلم الديناصور وسائر السلالة المنقرضة عندما توقف فهم الانقراض عند المستوى البيولوجي فقط؛ لأن هناك هويات تلاشت وكيانات تعرضت للإبادة، واذا عرفنا أن آلاف اللغات قد انقرضت خلال العقود الماضية دفعت الناطقين بأكثر اللغات حيوية وانتشارا في النطاق الفرانكفوني وهم الفرنسيون إلى إعادة النظر في لغتهم والسهر عليها من أجل تطويرها بحيث تلبي حاجات العصر .

والثقافة العربية على ما يبدو بحاجة إلى التعامل مع مفاهيم غير كلاسيكية، ومنها الانقراض المعنوي والإبادة البيضاء أو السلمية؛ لأن من ادخلوا إلى الألفية الثالثة على نقالات أو وهم يتوكأون على العكازات لا يدركون كم فاتهم وكم سيفوتهم أيضا بحيث يجدون أنفسهم على الهامش وخارج التقاويم.

وإذا كان الديناصور قد انقرض جسديا فإن هناك بشرا عرضة لانقراض معنوي يبدأ من قضم الهوية !!

عن صحيفة الدستور الأردنية

1
التعليقات (1)
محمود المصرى*ّ ... صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
الثلاثاء، 10-05-2016 02:27 م
التعليق بيت قصيد لمن يتابع تعليقاتى , لكن لا يضر قبل ذلك توضيح معنى كلمتين كمثال على كلمات كثيرة تُتداول بمعانى مقلوبة أو بعيدة عن معانيها الحقيقية! , "لوطى" تعنى الكتابة بالنقش بحبر القلم و"زنَّاء" تعنى الكتابة بالضغط على أزرار اللابتوب أو ما شابه , وهذا هو البيت المقصود , (صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ).