علقت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، على احتلال البرلمان
العراقي ولمدة قصيرة من أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى
الصدر نهاية الأسبوع، بأنه تحرك "حافل بالدلالات الرمزية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المتظاهرين قاموا يوم السبت باختراق حمايات المنطقة الخضراء، وكسروا الكتل الإسمنتية، التي طالما حمت النخبة العراقية من الشعب، الذي يفترض أنها تقوم بخدمته، حيث قام المحتجون بالعبث بمكاتب النواب، وحملوا الرايات العراقية، مطالبين بإلغاء نظام الرعاية "المحاصصة" الطائفية، واستبداله بحكومة تكنوقراط، لافتا إلى أنهم أخلوا البرلمان يوم الأحد، بناء على أوامر من الصدر.
وترى الصحيفة أنه "من المستحيل التكهن بما يمكن أن تقود إليه هذه التطورات، خاصة أن الوضع السياسي في العراق ملتهب، لكنها تظهر أن الصدر، قام بتغيير صورته كونه مكافحا ضد الفساد، وهو قوة لا يمكن تجاهلها، وبناء على تحركه القادم، فإن الصدر سيقوم إما بتعميق حالة الاستقطاب السياسي في البلاد، أو يعزز من وضع رئيس الوزراء حيدر
العبادي وجهوده لتشكيل حكومة قوية وفاعلة، حيث إن هذه الحكومة، وإن لا يزال تشكيلها بعيد المنال، إلا أنها الوسيلة التي تعطي العراق الفرصة لاستعادة الأراضي التي احتلها
تنظيم الدولة، بالإضافة إلى مواجهة الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن انهيار أسعار النفط".
ويبين التقرير أنه من الصعوبة التعامل مع عودة الصدر إلى مقدمة السياسة العراقية على أنه تهديد، مشيرا إلى الدور الذي أداه أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث اعتمد الصدر على العنف لتحقيق أهدافه، وقام جيش المهدي التابع له بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء، لزعزعة استقرار الحكومة المدعومة من الأمريكيين، وقتل عددا من الجنود الأمريكيين.
وتلفت الصحيفة إلى أن "المقاتلين التابعين للصدر أدوا دورا مهما في الحرب الطائفية التي اشتعلت في الفترة ما بين 2005 إلى 2006، بالإضافة إلى أن الصدر أدى دورا تخريبيا على الساحة السياسية، حيث أدتت كتلته دور صانع الملوك في البرلمان، ودعمت نوري المالكي للبقاء في السلطة عام 2010، كما أن الوزارات التي شغلها نواب كتلته اشتهرت بالمحسوبية التي يعاديها اليوم".
ويفيد التقرير بأن الصدر أعلن في عام 2014 أنه سيطلق السياسة، وقدم نفسه منذئذ على أنه رجل دين يدافع عن الفقراء مهما كانت طائفتهم، حيث قام العام الماضي بدعم خطة العبادي الرامية إلى إعادة تشكيل نظام المحاصصة الطائفية، وتعيين وزراء أكفاء.
وتجد الصحيفة أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لبلد بدأ ينفق من احتياطاته المالية لدفع رواتب الموظفين بقيمة ثلاثة مليارات دولار في الشهر، حيث لا تزال مدينتا الفلوجة والموصل تحت سيطرة تنظيم الدولة، لافتة إلى أن حكومة العبادي استطاعت الحصول على موافقة البرلمان على خمسة وزراء، ولم ينجح في إقناع النواب بعقد جلسة ثانية للمصادقة على البقية، وهو ما قاد إلى اقتحام البرلمان.
ويذكر التقرير أن الموالين للصدر استمعوا لنداء قائدهم، وامتنعوا عن العنف، ورددوا الهتافات الوطنية، مشيرا إلى أن الصدر هدد بإجراء انتخابات جديدة، في حال رفض النواب التعاون مع العبادي.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن استمرار
الاحتجاجات، بطريقتها السلمية الحالية، قد يعطي العبادي غطاء لمواجهة البرلمان، وتحقيق الإصلاحات التي يريدها.