قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، إن رئيس الوزراء الأسبق توني
بلير، عاون نظام
كازاخستان القمعي؛ لتصحيح صورته ومساعدته على جذب الاستثمار، وذلك بعد مقتل 14 عامل نفط في إضراب على يد الشرطة الكازاخية.
ويشير التقرير إلى أن بلير وقع في عام 2014 عقدا مع المنطقة الغنية بالنفط على الساحل الغربي من البلاد
مانغستو، حيث حصلت شركة "توني بلير وشركاه" على عقود بالملايين؛ من أجل الترويج وتسويق نظام الحاكم المستبد نصر سلطان نزارباييف.
وتذكر الصحيفة أن شركة توني بلير قامت بالتوسط في عقود غاز ونفط لمنطقة مانغستو، التي وقعت عقودا مع عدد من الدول، بينها الصين، وقدمت شركة بلير النصح والاستشارة حول طريقة إدارة الإقليم، مشيرة إلى أن 14 عامل نفط قد قتلوا في بلدة زانوزين في كانون الأول/ ديسمبر، عندما أطلقت الشرطة النار على عمال النفط المضربين عن العمل.
وكانت "التايمز" قد كشفت يوم السبت عن اتصالات قام بها مستشارون لبلير مع مدير مصلحة الضريبة؛ للحصول على ما يبدو على معاملة تفضيلية، وهو ما ينفيه بلير والمتحدثون باسمه، حيث قالت الصحيفة إن رئيس الوزراء أنشأ صندوق وقف استخدمه لوضع الأموال التي يحصل عليها من خدماته الاستشارية، ويمنحه الفرصة لنقل ثروته للمستفيدين منها، دون أن تستحق عليها ضريبة الإرث.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن نوابا طالبوا بالتحقيق، فيما إن كان بلير أو أي من الشخصيات البارزة قد حصلوا على معاملة تفضيلية من مصلحة الضريبة، أفضل من تلك التي يحصل عليها المواطن العادي.
وتبين الصحيفة أن بلير يقضي يوما من كل ثلاثة أيام في الخارج، يقدم النصح للحكومات الأجنبية، ويلقي خطابات، ويعمل مبعوثا خاصا، ويزور الجمعيات الخيرية، لافتة إلى أنه منذ عام 2013 قضى بلير خارج البلاد ما مجموعه 396 يوما، وذلك بحسب معلومات جمعت من الصور والتقارير الإخبارية وغير ذلك من المصادر، حيث تؤكد الأرقام أن بلير لم يعد يهتم ببريطانيا بقدر ما يهمه العالم، كما قال في مقابلة لمجلة "نيوزويك"، وتشمل زياراته عددا من الدول القمعية والفاسدة، التي تضم كازاخستان ورواندا وألبانيا، بالإضافة إلى ثلاث زيارات إلى بورما.
ويفيد التقرير بأن بلير قضى 129 يوما في الخارج عام 2013، و148 يوما عام 2014، و119 يوما عام 2015، مبينا أن هذه الأرقام تشير إلى أنه لم يقض سوى 44 يوما في
بريطانيا خلال العام، وعندما يكون في بريطانيا لا يعمل من مكاتب شركته في لندن، وإنما يكون من بيته الذي يعود إلى العصر الجورجي.
وتنوه الصحيفة إلى أن الأرقام عن رحلاته في الخارج ليست دقيقة، خاصة أن معظم رحلاته للشرق الأوسط عادة ما تتم بعيدا عن الإعلام، حيث إنه في العام الماضي قال في مؤتمر عقد في إسرائيل إن زيارته تلك هي رقم 148 للبلد، وقال رجل أعمال من كازاخستان إنه زار البلاد ما بين ثلاث إلى أربع مرات في الفترة ما بين 2011 و 2013، وأضاف: "لم يعلن عن أي من هذه الزيارات".
وبحسب التقرير، فإن بلير نصح الرئيس حول كيفية تناول موضوع إضراب العمال في محاضرة ألقاها نزارباييف في جامعة كامبردج، ونصحه بالقول إن "التفاصيل مأساوية، لكن يجب ألا تخفي التقدم الذي تحقق"، وقال إن مواجهة عنيفة حدثت، ومات فيها أشخاص، لكن تمت محاكمة المتورطين كلهم، مشيرا إلى أن متحدثا باسم بلير قال إن الأخير لم يحصل على أجر من الرئيس الكازاخي نفسه، وإن الاجور هي للشركة وللعاملين في الميدان وللشركات الاستشارية التي يتم التعاون معها.
وتورد الصحيفة أن محافظ مانغستو أليك إدارباييف كان مديرا لشركة النقط كازموناي غاز أثناء الحادث، وعين حاكما للإقليم في عام 2013، وبدأ التعامل مع شركة توني بلير عام 2014، ومنذ ذلك الوقت قام بلير بسلسلة من الزيارات غير المعلنة للإقليم، بالرغم من أن مدير وحدة أوروبا ووسط آسيا في منظمة "هيومان رايتس ووتش" هيو ويليامسون، قال إن البلد قام بقمع الحريات، ولاحق منظمات المجتمع المدني، وقال إن بلير لم يطرح موضوع حقوق الإنسان، مع أنه تحدث عن مهمته في كازاخستان، وهي فعل الأمور الجيدة وليس جمع المال.
وينقل التقرير عن متحدثة باسم شركة بلير، قولها إن المشروع الذي ساعد بلير في بنائه في مانغستو لم يكن للتواصل، بقدر ما كان تطويرا لقدرات الإقليم على جذب الاستثمارات، وتحسين مستوى المحاسبة.
وتكشف الصحيفة عن أن بلير انجذب للتواصل مع مانغستو أثناء عمله مبعوثا للرباعية الدولية، حيث توسط بين الملياردير
المصري نجيب
ساويرس ومانغستو، حيث أعلن عن ساويرس واحدا من ثلاث شركات تجري محادثات لبناء منتجع على بحر قزوين، والتقى بلير في آب/ أغسطس عام 2013 بساويرس على يخته في سانت تروبيز، عندما كان مبعوثا دوليا، وذلك بعد شهر من الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي.
ويذكر التقرير أن الملياردير قال إنه ناقش مع بلير كيفية "إعادة النظام" في ذلك اللقاء، مشيرا إلى أنه بعد أسبوع دعا الملياردير إلى منع التظاهر في البلاد لمدة عامين، ورفض متحدث باسم بلير ما ورد في كلام ساويرس، وقال إن ما تم بينهما هو "مناقشة الوضع السياسي في مصر"، ونفى أن يكون هناك تضارب في المصالح بين لقائه مع رجل الأعمال المصري ومنصبه كونه مبعوثا دوليا.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن متحدثة باسم بلير قالت إن الأخير قدم ساويرس إلى حاكم مانغستو؛ لاعتقاده أن التطوير والتنمية ضروريان للإقليم، لافتة إلى أن بلير لم يتلق أجرا على جمعه بين المسؤول ورجل الأعمال.