علقت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها على الوضع الحالي في
مصر تحت حكم نظام عبد الفتاح
السيسي، بالقول إن "الاختفاء والتعذيب والقتل الفوري دون محاكمة أصبحت، وبشكل صادم، أمورا شائعة في ظل نظام عبد الفتاح السيسي".
وتشير الافتتاحية إلى ما قدمه مركز "النديم"، وهو منظمة حقوق إنسان مقرها القاهرة من أرقام حول 464 حادث اختطاف على يد القوات الأمنية حدثت عام 2015، وسجلت المنظمة 676 حالة تعذيب على الأقل و500 شخص ماتوا في المعتقلات.
وتعلق الصحيفة قائلة: "لقد تجاهل حلفاء مصر الغربيون هذه الانتهاكات وبشكل واسع، لكن في 25 كانون الثاني/ يناير اختفى طالب دكتوراة إيطالي عمره 28 عاما كان يقوم بدراسة النقابات العمالية المصرية، واكتشفت جثته التي ظهرت عليها آثار التعذيب بعد تسعة أيام ملقاة في حفرة على قارعة الطريق، واحتلت القصة عناوين الأخبار في
أوروبا، وأدت إلى التدقيق في سجل نظام السيسي في مجال حقوق الإنسان، وهو أمر طال انتظاره، وفي 10 آذار/ مارس دعا البرلمان الأوروبي، وبالإجماع، الحكومات إلى التوقف عن بيع الأسلحة والمساعدات الأمنية إلى مصر".
وتورد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، نقلا عن البرلمان الأوروبي قوله إن اختفاء الطالب جاء "بعد قائمة طويلة من حالات الاختفاء القسري" وعمليات الاعتقال الجماعي، بالإضافة إلى قمع واسع لحرية التعبير والتجمع، وقال نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان كريستيان دان بريدا إن "احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون أساس علاقاتنا مع مصر".
وتجد الصحيفة أن هذا المبدأ "يجب أن يحكم علاقات الولايات المتحدة مع السيسي؛ لأن قمعه الوحشي يعمل على تفريخ التطرف، ويعرض استقرار مصر للخطر".
وتستدرك الافتتاحية بأن إدارة الرئيس باراك
أوباما لها رأي آخر "فهي تتحرك في الاتجاه المعاكس، وتطالب بـ 1.3 مليار دولار مساعدات لمصر في ميزانية العام المقبل، وطلبت من الكونغرس حذف الشرط الذي يشترط تخصيص ربط 15% من المساعدات بسجل الحكومة (المصرية) في مجال حقوق الإنسان".
وتلفت الصحيفة إلى أن "وزير الخارجية جون كيري، الذي قضى معظم فترته في الخارجية، وهو يزعم أن السيسي (يقوم بإعادة نشر الديمقراطية)، اعترف في جلسة استماع أمام الكونغرس الشهر الماضي بحدوث (تدهور) في وضع الحرية هناك، وقال إن (هناك حالات اعتقال تدعو إلى القلق، وهناك أحكام مثيرة للقلق)، لكنه ناقش بأنه يجب موازاة انتهاكات النظام بالحرب ضد المتطرفين المسلمين، وقال: (علينا أن نوازن هذه الانتهاكات مع مواجهة التطرف الإسلامي)".
وتتساءل الافتتاحية: "لكن كيف يمكن أن نحصل على (التوازن) من خلال محو اعتبارات حقوق الإنسان كلها، من تمويل القوات المصرية المسلحة؟ وكما هو الوضع، فستقوم الإدارة بممارسة حقها بمحو الشرط، كما فعلت العام الماضي، والسماح بحصول النظام على الدعم، حتى لو لم يستوف الشروط، ولكن اللغة المستخدمة في الدعم تشي بمحاولة للضغط، ومن هنا فمحوها يرسل رسالة للنظام كي يتصرف وبحصانة من المساءلة".
وتعتقد الصحيفة أن منح مصر في هذا الوقت علامة نجاح أمر خطير، خاصة أن تقرير معهد دراسات حقوق الإنسان في القاهرة يتحدث عن تحضيرات يقوم بها النظام لتقديم 37 منظمة للعمل المدني للمحاكمة، وذلك جزء من "خطة منظمة لمحاكمة حركة حقوق الإنسان المستقلة"، ومنعت الحكومة 10 من الناشطين في مجال حقوق الإنسان من مغادرة مصر، وجمدت حسابات أربعة منهم، وأرسلت الشرطة لمركز "النديم" إنذارا بالإغلاق.
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالقول: "لقد ناقشنا ولبعض الوقت أن نظام السيسي غير قادر على تحقيق الاستقرار في مصر، ومع تزايد جرائمه، وترنح الاقتصاد، فقد ارتد عليه حتى المدافعين السابقين عنه من بين أعضاء النخبة المدنية السياسية؛ لذا فإن تقديم إدارة أوباما صكا مفتوحا للقاهرة سيكون تهورا، ويجب على الكونغرس منع هذا الأمر".