قال أصحاب معرض للفن في القاهرة أغلقته السلطات
المصرية في كانون الأول/ ديسمبر، إنه تم السماح لهم بإعادة فتح "تاون هاوس غاليري"، لكن تحت
رقابة مشددة.
وكتب ديفيد باتي مراسل صحيفة "الغارديان" في القاهرة تقريرا، قال فيه إن مدير المعرض ويليام ويلز أخبره بأنه سمح للطاقم العامل بالعودة إلى العمل، بعدما أعطيت إدارة المعرض مدة أسبوعين للالتزام بالقيود القانونية الجديدة، التي يصل بعضها إلى تحكم الدولة بالعمل.
ويشير التقرير إلى أن السلطات قد أغلقت في 29 كانون الأول/ ديسمبر قاعة لعرض الفن الحديث، عندما داهمها أكثر من 20 مسؤولا من دائرة الرقابة في وزارة الداخلية ومؤسسة الضريبة ووزارة القوى العاملة، حيث اتهمت القاعة بارتكاب تجاوزات إدارية.
وتذكر الصحيفة أن المسؤولين قاموا بمصادرة الحاسوب الرئيسي في القاعة، وجهاز حاسوب شخصي، وعدد من الأقراص المدمجة "سي دي" و"دي في دي"، وأجهزة لتخزين الذاكرة في الحاسوب، بالإضافة إلى صناديق وكتب ووثائق ومواد معروضة وأخرى أرشيفية، قبل أن يضعوا الشمع على باب القاعة، ويمنعوا الموظفين من الدخول إليها.
ويلفت الكاتب إلى أن السلطات لم تقدم أي سبب لتلك المداهمة، ولم يقدم مسؤولو الحكومة أمرا بالتفتيش للمكان ولا لبطاقات الهوية، بحسب ما قال مدير القاعة ويلز، مشيرا إلى أنه لم توجه للقاعة إلا تهمة واحدة بخرق التعليمات، لكن الموظفين علموا بوجود تهم أخرى قدمت للنائب العام، ويقول ويلز: "لقد تعرضنا للتشويه حتى يتم شطب هذه التهم كلها".
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن قاعة العرض هي من أهم قاعات عرض الفن الحديث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتا إلى أنه تم إخبار المسؤولين فيها بأنهم بحاجة للحصول على إذن مسبق لبرامج العرض والمناسبات.
وتنقل الصحيفة عن ويلز قوله إن التعليمات استخدمت "وسيلة للتحكم بحرية التعبير"، ويضيف: "عليك أن تقدم ما تريد أن تعرضه من برامج وموضوعات، وفي النهاية فنحن أمام شكل من أشكال التحكم، وهو السيطرة على النشاطات والبرامج التي تعقد، مثل الموسيقى والمسرح والحوارات والفنون البصرية".
ويبين باتي أن الاتهامات الأخرى للقاعة متعلقة بشؤون الصحة والسلامة، التي لا تتوفر في أي من مباني الحكومة أو أي بناية في مصر، إلا في فنادق الخمس نجوم، ومن ذلك تركيب أجهزة لمكافحة الحريق في داخل القاعة، ويقول ويلز إنها مكلفة وستؤدي إلى إغلاق القاعة.
ويقول ويلز للصحيفة إنه طلب وقتا إضافيا كي يفي بالمطالب الجديدة، "فالوقت الذي منحوه لنا غير قابل للتطبيق، فقد تم فرض تعليمات وتعديلات جديدة على الرخصة دون أن يتم إخبارنا". ويأمل بأن يعاد افتتاح القاعة في الشهر المقبل، ويقول: "من الواضح أننا نعاني من مصاعب مالية، وسنواجه إمكانية العودة للعمل، أو نجبر على خلق مساحة أو مساحتين للعرض".
ويورد التقرير نقلا عن أستاذة الفن في جامعة براون في رود آيلاند- الولايات المتحدة ومؤرخة الفن شيفا بلاغي، قولها إن "(تاون هاوس) مكان استثنائي في الفضاء الثقافي المصري، فهي مؤسسة غير ربحية، ومن الضروري إعادة فتحها، و(تاون هاوس) هي علامة عن ريادة وحالة الفن في مصر اليوم، والفنانون هم المثقفون، وإسكاتهم يعني إغلاق المساحة العامة للحرية".
وتنوه الصحيفة إلى أن مداهمة "تاون هاوس" جاءت بعد سلسلة من الإغلاقات التي قامت بها الحكومة العام الماضي للمؤسسات الثقافية، حيث حذر ناشطو حقوق الإنسان من أنها جزء من حملة لمنع أي نشاطات مضادة للحكومة في الذكرى الخامسة لثورة يناير 2011.
ويفيد الكاتب بأنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، داهم مسؤولون مركز الصورة المعاصرة، وهي مؤسسة فنية أخرى في وسط القاهرة، وقاموا بمصادرة أجهزة حاسوب، واعتقلوا الموظفين الصغار للتحقيق معهم.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الليلة التي أغلقت فيها "تاون هاوس" ذاتها، أغلقت الشرطة دار "ميريت" للنشر، واعتقلت متطوعين فيها، وحققت معهم لمدة 12 ساعة، مستدركة بأن ويلز يقول: "نحن القاعة الفنية الوحيدة التي أغلقت، ونحن من نتعامل مع الناس في الشارع".