مقالات مختارة

من يتبرأ من الإرهاب : نحن أم هم ..؟!

حسين الرواشدة
1300x600
1300x600
لا يوجد في القرآن الكريم ولا في ثوابت الدين الحنيف ما يوحي بمشروعية القتل أو استخدام العنف إلا ردا على عدوان، وفي حدود الدفاع عن النفس ..ومع ذلك نجد أننا أمام فريقين؛ أحدهما يحاول أن يعتقل الإسلام في "معسكر" قتالي مسيج بالألغام، وأن يجعل المسلمين جنودا محاربين لايتقنون إلا تصويب بنادقهم نحو الآخر، حتى لو اختلف معهم في الرأي فقط، وهؤلاء حالة طارئة على ساحتنا الإسلامية، واستثناء من قاعدة عريضة تفهم الإسلام على حقيقته، لكنها لا تملك في مواجهتهم -مع الأسف- إلا الدفاع عن اعتدال الإسلام وسماحته، وإشهار رغبته في السلام والتعايش، دون أن تتقدم خطوة أخرى لمحاورتهم أو إقناعهم أو محاصرتهم بالدليل والرأي لا بالعقاب فقط.

أما الفريق الآخر فيصر على الدخول إلى تشويه الإسلام من هذه البوابة؛ سعيا لإيهام المسلمين أنهم دعاة إرهاب، وأن دينهم يحرض على استئصال الآخر وقتله، وهو لا يعدم الأدلة على ذلك، من واقع ما يفعله المسلمون ومن سوء تأويله لبعض ما يتضمنه الإسلام (وخاصة في مسألة الجهاد)من نصوص، كما لا يعدم الوسيلة للرد والتشويه، لا بل والعقاب أيضا..ثم لا يتردد في مطالبة المسلمين بالاعتذار، ودفعهم إلى الاعتراف بالتهمة الجاهزة دون الإشارة إلى جذور المشكلة ومنابعها السياسية والاجتماعية (لا الدينية فقط)، ودون أن يتحمل قسطا من مسؤولية تأجيجه أو تطويقها، مكتفيا بدعوة المسلمين إلى تغيير مناهج تعليمهم وهويتهم وجلودهم-إذا لزم الأمر- لإقناع العالم بأنهم معتدلون.

أمام هذا المشهد السينمائي ظل المسلمون-كما قلنا أكثر من مرة- في موقف الدفاع، ملتزمين باستنكار ما يسجل ضدهم من عنف وإرهاب، وإشهار ما يتضمنه دينهم من سماحة ورحمة ودعوة للسلم ورفض للحرب ورغبة في الحياة، وغاب عنهم -أو هكذا يبدو-أن لدى غيرهم من أتباع الأديان نصوصا ثابتة تدعو إلى الإرهاب، وشواهد تاريخية تثبت فكرة الاستئصال والرغبة في الحرب والقتال، ووقائع حاضرة تدحض مزاعمهم في البحث عن التعايش والسلام.. وكان يمكن -بالطبع-أن يستثمر المسلمون هذه الحقائق ضمن خطة ذكية للانتقال من موقع الدفاع إلى الهجوم، من منطلق كشف الآخر وتعريته، وإشهار ما يعتقده وما يرتكز عليه من مبادىء وممارسات.

أما الأدلة -إن شئت الأسلحة- فكثيرة،خذ مثلا ما تتضمنه التوراة (سفر تثنية الاشتراع) من تحريض على الإبادة والاستئصال: "حين تتقدمون لمحاربة مدينة فادعوها للصلح أولا، فإن أجابتكم إلى الصلح واستسلمت لكم، فكل الشعب الساكن فيها يصبح عبيدا لكم، وإن أبت الصلح وحاربتكم فحاصروها، فإذا أسقطها الرب إلهكم في أيديكم، فاقتلوا جميع ذكورها بحد السيف...". ثم تقول في موضع آخر "أما مدن الشعوب التي يهبها الرب إلهكم لكم ميراثا (أرض الميعاد)، فلا تستبقوا فيها نسمة حية، بل دمروها عن بكرة أبيها...". ولك أن تحشد عشرات النماذج التي تترجم هذه التعاليم، بما فعله اليهود في فلسطين وما يمارسونه حتى الآن، أو بما فعله البريطانيون في أستراليا، والأوروبيون والأمريكيون في الهنود الحمر، أو بما فعله اليمين الأمريكي المتصهين من قهر وظلم وتدمير في بلاد الله الواسعة (آخرها العراق وأفغانستان )؛ لكي تتأكد أن جذور الإرهاب هناك، وأن مصانعه وبذوره ليست في ديننا أو تربتنا أو تراثنا على الإطلاق.

  بعدها أليس من حقنا أن نسأل: من يحتاج إلى إعلان براءته من الإرهاب..نحن أم هم؟ومن يحتاج لمراجعة مناهجه ونصوصه، والاعتذار للعالم عن تاريخه، والدفاع عن نفسه من تهمة (حقيقة:أدق) ضلوعه في إبادة البشر والتحريض على قتلهم واستئصالهم بأمر الله وباسمه تعالى....نحن أم هم؟؟؟ 
التعليقات (1)
ام سلوم
الجمعة، 30-10-2015 04:12 م
المقال جميل وليت اصحاب الاقلام الحرة تكرر دائما مثل هذه المقالات الواعية لايقاظ المسلمينمن سباتهم فيزدادو تمسكا بدينهم ويفخرون به