تتوسع دائرة معاناة
النازحين من مناطق الصراع السنية، إلى العاصمة
العراقية، لتشمل حملات الاعتقال العشوائية، وإجبارهم على دفع مبالغ مالية شهرية لدعم
مليشيات "الحشد الشعبي"، فيما يشهد حي الغزالية غرب بغداد، حملات اعتقالات منظمة تطال أقرباء الضباط في الجيش السابق.
وكان عشرات الآلاف قد فروا من محافظة الأنبار باتجاه بغداد بسبب القتال، منذ مطلع العام 2014، وقبل أن تفرض الحكومة العراقية قيودا مشددة على النازحين.
ويعيش معظم النازحين في الأحياء الغربية من العاصمة، مثل الخضراء والعامرية والغزالية. ويشكل
السنة غالبية سكان حي الغزالية المجاور لمنطقة الشعلة الشيعية، لكن الحي يخضع لسيطرة المليشيات الشيعية.
ويتعرض "النازحون السنة لحملات اعتقالات على يد المليشيات المدعومة من شرطة الغزالية والأمن الوطني مع اشتداد المعارك في الأنبار"، حسب قول ماجد إسماعيل، المنتسب السابق إلى شرطة الغزالية.
ويضيف إسماعيل في حديث لـ"
عربي21"؛ أن "أغلب الاعتقالات ينفذها حزب الله العراقي، كما أنه يقوم، بالاشتراك مع الأمن الوطني، بابتزاز المواطنين السنة من أصحاب المحلات التجارية، ومولدات الكهرباء الأهلية، حيث يفرض دفع مبلغ 200 دولار شهريا وإلا يتمّ اعتقال صاحب المحل". ويوضح إسماعيل أن "هناك أكثر من 100 مولد، وعشرات المحلات التجارية، ونحن كشرطة لا نستطيع التدخل لعدم وجود أي شكوى، فمن يتَقدم بشكوى سيكون مصيره الاعتقال، أو الخطف ومساومة ذويه على مبالغ مالية، أو قتله، ومن ثم تهجيرهم"، بحسب تأكيده.
وكانت قد صدرت أوامر بطرد ماجد إسماعيل من شرطة الغزالية، فيما صدرت أوامر أخرى بنقل زملاء له. وحاول الاستفسار أكثر من مرة عن أسباب طرده من وظيفته، لكنه لمْ يحصل على إجابات وافية. لكن إسماعيل يرجع هذه الإجراءات "إلى وجود مخطط لإفراغ مديرية شرطة الغزالية من جميع المنتسبين السنة، لإفساح المجال أمام المليشيات الشيعية لتمارس دورها في تهجير السنة من الحي وإسكان عوائل شيعية بدلا منهم"، على حد قوله.
من جانبه، أكدّ مواطن، رمز لاسمه بالحرفين "ز.ح"، أنه يدفع 200 دولار شهريا لإحدى المليشيات التي تأتي بسيارات الأمن الوطني تحت مسمى حملة دعم الحشد الشعبي".
ويروي هذا المواطن لـ"
عربي21" حادثة اعتقال أحد أصدقائه لمجرد استفساره من المليشيات عن كون الحملة رسمية ومرخصة أم لا، لكنه "أفلت من الموت بعد أن دفع فدية قدرها 2500 دولار، ومصادرة مولدة الكهرباء التي يملكها. وهو أكثر حظا من صديقي الآخر الذي اعتقلوه لمجرد سؤاله عن شمول الجميع سنة وشيعة بحملة دعم الحشد الشعبي، أم أن الأمر يقتصر على السكان السنة، ولا يزال مصيره مجهولا منذ سبعة أشهر"، كما يقول "ز.ح".
وتتراوح التهم الموجهة للمعتقلين السنة بين الانتماء لتنظيمات إرهابية، أو دعمها، "وهي تهم أعلم بطلانها منذ كنت منتسبا في مديرية شرطة الغزالية"، كما يقول ماجد إسماعيل الذي يشدد على خطورة الأوضاع في الغزالية "القريبة من معقل المليشيات الشيعية في منطقة الشعلة، وتقوم هذه المليشيات بدوريات روتينية في حي الغزالية تعتقل خلالها الشباب السنة بشكل عشوائي، بينما يركز عناصر المليشيات، وفق معلومات تردهم من بعض المتعاونين معهم، على أبناء الضباط السنة من الجيش السابق، أو أبناء قيادات حزب البعث".
ويعيش اليوم ماجد إسماعيل في إقليم كردستان هو وعائلته كخيار مؤقت حفاظا على حياته، ولصعوبة العودة إلى إحدى مدن الأنبار التي ينحدر منها قبل أن يستقر في العاصمة منذ 20 عاما.
من جهته، يقول أحد أصحاب مكاتب العقارات، لـ"
عربي21"، إن المليشيات تقوم بتهديد أصحاب البيوت ووضعهم أمام خيارين، بيع البيت بالسعر الذي تحدده المليشيات، أو القتل.
ولهذا، كما يقول صاحب مكتب العقارات، أصبحت نسبة السنة اليوم أقل من الشيعة في الحي الذي كانت نسبتهم فيه أكثر من 75 المئة مع بداية حملات القتل والتهجير الطائفي في العام 2005.
ويختم قائلا: "لم تسلم حتى الوثائق الرسمية التي تثبت ملكية بعض بيوت المهجرين من التغيير في السجلات الرسمية لتصبح مقرات للمليشيات، أو مساكن لقادتها"، على حد قوله.