رغم مخاطر ركوب البحار، ومشقة الوصول إلى ألمانيا، وقبلها مخاطر الخروج من الداخل السوري نحو الشاطئ، للانطلاق إلى "الجنة الموعودة"، يأبى عدد من أبناء محافظة حماة السورية العدول عن قرارهم بالهجرة إلى
أوروبا بشكل عام، وإلى ألمانيا على وجه الخصوص.
وتقول عضو وكالة حماة الإخبارية، هدير العاصي، لـ"عربي21" خلال اتصال خاص معها، إن مجموعة من العائلات الحموية المحافظة غادرت إلى تركيا في الآونة الأخيرة، قاصدة الشواطئ التركية، للوصول إلى ألمانيا.
وأوضحت هدير أن قسما من المهاجرين أعاد أسباب هجرته إلى الحصار الذي يحكمه النظام السوري على مدن وبلدات ريف حماة، ومنهم من يطمح إلى العيش الكريم وحرية الفكر والثقافة.
وأكدت هدير العاصي أن أهم الأسباب التي تدفع بعدد من العائلات الحموية لمغادرة البلاد هو التواصل مع أقربائهم ممن وصلوا إلى ألمانيا في الأشهر الماضية، وتشجيعهم على
الهجرة بأنهم سيعيشون "حياة مرفهة" فيها، في حين يرى العديد من الشباب الحموي في الهجرة الملاذ الآمن من عمليات الاعتقال والتجنيد الإجباري من قبل حواجز النظام السوري التي تحاصر أرياف المحافظة.
وقالت الناشطة الإعلامية: "يقوم الراغبون في الهجرة إلى الدول الأوروبية ببيع منازلهم ومحلاتهم التجارية، بهدف الحصول على المبالغ المالية المطلوبة لركوب البحر، والوصول إلى اليونان كمحطة أولى لسفرهم نحو مبتغاهم في دخول العالم الأوروبي، وحصولهم على الحياة الرغيدة من منازل ومساعدات مقدمة لهم".
أسامة، شاب سوري ينحدر من ريف حماة في العقد الثالث من العمر، يعمل في مجال النجارة في محل يملكه، غادر مؤخرا بلدته متوجها إلى الشواطئ التركية بهدف الانتقال إلى أوروبا، كما أنه لم ينتظر حتى بيع منزله ومحله التجاري في ريف حماة، ليسافر بعد إعطاء أخيه وكالة لبيع ما يمتلكه.
وعند وصول أسامة إلى الحدود السورية التركية، عبر اجتيازه لطريق التهريب في منطقة وادي الجوز الحدودية، ألقت السلطات التركية القبض عليه مع عدد آخر وأعادتهم إلى الداخل السوري. إلا أنه لم ييأس، وأصر على الدخول مرة أخرى، وفعلا نجح برفقة آخرين بدخول الأراضي التركية تهريبا، ثم توجهوا مباشرة إلى مركز انطلاق الزوارق البحرية إلى اليونان، ليغادر الأراضي التركية بعد تسليم المهرب مبلغ مقداره 2500 دولار أمريكي، وبدأت بعدها رحلة البحث عن وطن جديد وحياة جديدة.
من جهته، يقول إسماعيل، وهو ناشط ميداني في حماة، لـ"عربي21"، إنه "من المؤسف ما بات يسود بين شريحة من الأهالي في محافظة حماة، والتأفف من الأوضاع الحالية فيها، بهدف خلق حجة وتبريرا لذاتهم السفر والهجرة عن حماة".
وأشار إسماعيل إلى أن الحصار أنهك المدنيين، فلا وجود لأدنى مقومات الحياة، وباب الهجرة أنعش آمالهم في احتمالية العيش دون موت أو حصار، وهم يرحلون عن قراهم بهدف الظفر بما حرموا فيه في وطنهم الأم، حسب قوله.