نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول نجاح المحادثات الدبلوماسية بين القوى الستة الكبرى وإيران، التي أفضت إلى التوصل لاتفاق حول ملف طهران النووي، معتبرة أن الدبلوماسية
الإيرانية حققت نصرا كبيرا، دون اضطرارها لخوض غمار
حرب إقليمية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن إيران تحتفل اليوم بتمكنها من العودة إلى الساحة الدولية دون خوضها أي حرب عسكرية، مشيرة إلى أن هذا "الفوز الدبلوماسي" رحب به المرشد الأعلى علي
خامنئي، على الرغم من توقعات البعض بأنه غير راض عن مآل
المفاوضات.
وأضافت أن "خامنئي شكر من خلال موقعه الرسمي؛ البعثة الدبلوماسية التي أشرفت على المفاوضات، كما أنه ثمّن جهودها التي وصفها بالصادقة"، مشيرة إلى أنه استقبل الرئيس حسن
روحاني وحكومته على مائدة الإفطار، وذلك تعبيرا منه عن مساندته لجهودهم.
وقالت إن خامنئي لم يعلق على تفاصيل الاتفاق، ولم يدلِ بأي تصريح حول ردود فعل بعض الدول الغربية التي أعربت عن عدم ثقتها بإيران.
وأشارت إلى أن المرشد الأعلى دعا إلى "محاربة قوى الاستكبار" في إشارة منه إلى الإمبريالية الأمريكية، وذلك خلال اجتماعه ببعض الطلبة قبل عدة أيام من التصريح بنتائج المفوضات، وقال أيضا إن "هذه الحرب هي في صميم مبادئ الثورة الإيرانية".
وأوردت الصحيفة أن الرئيس روحاني قدم تقريرا حول المحادثات والاتفاق الذي توصلت إليه المجموعة الدولية وإيران، وشكر خامنئي وثمّن دعمه ونصائحه التي ساهمت في إنجاح المفاوضات، في خطوة اعتبرتها الصحيفة محاولة للتصدي لأي انتقاد قد يوجه إلى محتوى اتفاق فيينا.
وأشارت "لوموند"، إلى أن الرئيس الإيراني قد استعرض خلال خطابه قائمة التحديات التي تواجهها الحكومة، كالبطالة وانخفاض مستوى النمو والتضخم، مشيرا إلى أن البلاد في حاجة ماسة لجذب الاستثمار الخارجي، الذي أصبح من الممكن تحقيقه بعد نجاح طهران في ضمان رفع الحصار الاقتصادي الذي عانت منه منذ عام 2006.
وأضافت أن روحاني قال: "من أجل حل المشاكل الاقتصادية، وتحقيق نمو سريع؛ على السلطة القضائية والبرلمان والحكومة أن تتعاون"، وجاء هذا التصريح - بحسب الصحيفة - من أجل إيقاف سلسلة الانتقادات التي تتعرض لها حكومته من قبل
المحافظين.
وأوضحت الصحيفة أن روحاني وجّه رسالة إلى المعارضين للاتفاق قائلا: "أنا أقول لأولئك الذين يريدون انتقاد الاتفاق؛ إن انتقاداتهم موضوع ترحيب، ولكن لن أسمح بأي شكل من الأشكال؛ أن يتم تشويه آمال الناس في مستقبل مشرق، ونمو اقتصادي، عبر الأكاذيب، ولن أسمح بتوجيه الاتهامات الباطلة التي تهدف إلى إفشال سعينا إلى تحقيق السلام والأمن في البلاد والمنطقة".
ولفتت إلى أن روحاني أهدى اتفاق فيينا للعلماء المشاركين في البرنامج النووي، وإلى روح من ضحوا بحياتهم من أجل الحلم النووي الإيراني، في حركة اعتبرتها الصحيفة خطة استراتيجية لإفشال كل الحملات الداخلية الهادفة إلى تشويه النصر الذي حققته الدبلوماسية الإيرانية.
وبحسب الصحيفة؛ فإن معسكر المحافظين، وعلى رأسهم صحيفة كيهان المتشددة، انتقد نص الاتفاق، واعتبره مخالفا لتعليمات المرشد الأعلى، مؤكدة أن ما نشرته وزارة الخارجية مختلف تماما عما تداولته الدول الغربية.
وأوردت الصحيفة تعليقا نشرته الصحيفة، التي يترأس تحريرها حسين شرتمادي الذي عينه المرشد الأعلى، حيث قالت إن "هنالك فرقا شاسعا بين نص الاتفاق، وبين مطالب الشعب الإيراني"، مضيفة أن "هذا الأمر غير مقبول؛ لأنه ينافي مبادئ الثورة الإيرانية".
وأشارت "لوموند" إلى أن الصحيفة انتقدت تصريحات المفوضين الذين يحاولون إقناع الشعب الإيراني بأن الدول الغربية سترفع العقوبات المفروضة على إيران على الفور، في حين أن الدول الغربية ستفك الحصار الاقتصادي تدريجيا على مدى ثماني سنوات.
وأضافت أن كثيرا من العمل ينتظر الرئيس الإيراني، فأولا عليه أن يفي بوعوده الانتخابية، بما في ذلك تحرير الحريات الفردية، وتوفير مناخ اقتصادي وسياسي مريح لكافة أفراد شعبه، وهذا ما دعت إليه الحشود التي خرجت للاحتفال بهذا الانتصار، رافعة شعار "الاتفاق القادم يجب أن يكون حول ضمان حقوق المواطنين".
وتتوقع الصحيفة أنه "في السنوات القليلة القادمة؛ سيشتد الخلاف بين روحاني والمحافظين، خاصة وأن إيران مقبلة على انتخابات برلمانية في آذار/ مارس من السنة القادمة".
وفي ختام تقريرها؛ أشارت "لوموند" إلى تصريح لسعيد ليلاز، المستشار السابق لمحمد خامنئي، حول مدى استعداد الرئيس الإيراني الحالي لهذه المعركة السياسية؛ قال فيه: "لقد كسب روحاني ثقة الشعب عبر نجاحه في فيينا، كما أنه لن يكون خصما سهل المراس".