تشهد
مصر حالة من الجدل بعدما ضبطت قوات الأمن الثلاثاء الماضي مزرعة بمحافظة الفيوم بها قرابة 70 حمارا مذبوحا، بالإضافة إلى مئات
الحمير الحية المعدة للذبح.
وقالت
الشرطة في بيان لها إن لحوم هذه الحمير كانت في طريقها للتوزيع على
المطاعم الشهيرة ومحلات الجزارة بالقاهرة، باعتبارها لحوما صالحة للاستخدام الآدمي.
وكثيرا ما أعلن في مصر عن مثل هذه الحوادث، لكن الجديد هذه المرة هي حالة التبرير والتهوين من
الأضرار الصحية لتناول لحوم الحمير، بل والحديث العلمي عن فوائد أكلها، في تكرار لما حدث بعد غرق مركب الفوسفات في النيل منذ شهرين، حينما قالت الحكومة وقتها إن خلط الفوسفات السام بمياه الشرب مفيد لصحة الإنسان.
آمن وصحي
ونشرت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب تصريحات لمسؤولين عن الرقابة البيطرية وأطباء يطمئنون فيها المواطنين، ويؤكدون أن لحوم الحمير آمنة وغير مضرة بصحتهم.
وفي هذا السياق، قال حسين منصور، رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة
الصحة، إن لحم الحمير مثله مثل أي لحوم أخرى إذا اتبعت الإجراءات السليمة أثناء الذبح، مشيرا إلى أن تداول لحم الحمير والكلاب في الأسواق المصرية ليس جديدا، ولكن الجديد اكتشاف الأمر وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف منصور في مداخلة هاتفية مع قناة "العاصمة" أنه من المستحيل التفريق بين لحوم الحمير والقطط والكلاب واللحوم العادية إذا تم فرمها، مشيرا إلى أن مشكلة لحم الحمير فقط أنه مخالف للشريعة ومقزز وممنوع ذبحه قانونا.
وأوضح أن الأشخاص الذين تناولوا لحوم الحمير يجب ألا يقلقوا، قائلاً: "متخافوش ولا هتنهقوا ولا هيحصلكم أي حاجة.
وقررت نيابة الفيوم حبس صاحب "مزرعة الحمير" وثمانية من العاملين بها أربعة أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامهم بإنشاء مزرعة لذبح الحمير دون ترخيص، ومخالفة الاشتراطات البيئية والصحية.
من جانبه، قدم صاحب المزرعة مستندات تؤكد أنه يقوم بتوريد لحوم الحمير للسيرك القومي لتأكلها الحيوانات المفترسة.
ساهم في سد الفجوة الغذائية
ومن أغرب التصريحات في هذا الإطار ما قاله لطفي شاور الرئيس السابق لإدارة التفتيش على المجازر بوزارة الصحة، الذي أكد أن لحوم الحمير ساهمت في سد الفجوة الغذائية في مصر خلال السنوات الأخيرة!.
وأضاف شاور -في تصريحات صحفية- أن المواطنين خدعوا كثيرا، وتناولوا لحوما مجهولة المصدر، بسبب رخص ثمنها، منوها إلى عدم وجود أي ضرر صحي من تناول لحوم الحمير.
وأكد شاور أن غياب الرقابة الحكومية هو السبب في انتشار عمليات ذبح الحمير في مصر، موضحا أن المواطنين يقبلون على تناول لحوم الحمير لرخصها وجودة طعمها؛ حيث تحتوى على نسبة كبيرة من
الجليكولين، وهو ما يعطيها طعما "مسكرا"، إلى جانب أن أليافها ناعمة، ما يجعلها طرية ومستساغة.
أما مصطفي عبد العزيز، نقيب البيطريين الأسبق، فقال إن تناول لحوم الحمير لا يسبب خطورة على صحة الإنسان، مشيرا إلى أن طعمها أفضل من لحوم الأبقار، لارتفاع نسبة المواد السكرية بها.
ولفت -في تصريحات صحفية- إلى أن الكثيرين يعتبرون أكلها محرما، رغم عدم ورود تحريم واضح عن أكلها في القرآن الكريم.
أكله جائز مع الكراهة
وتماشيا مع حالة الجدل التي ثارت حول حكم لحم الحمير منذ الإعلان عن ضبط هذه المزرعة، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فتوى قديمة نشرتها دار الإفتاء المصرية على موقعها الإلكتروني، وأكدت فيها أن أكل لحم الحمير جائز شرعا مع الكراهة.
وأضافت الدار، في الإجابة عن سؤال وردها من أحد المواطنين، إن بعض المالكية يجيزون أكل لحم الحمير، بينما تحرمه باقي المذاهب استنادا لحديث أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديا فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس، فأكفئت القدور وهى تفور باللحم".
وبدلا من مهاجمة الحكومة، ومطالبتها بتشديد الرقابة على الأسواق لمنع تكرار هذه الفضيحة، تبارت وسائل الإعلام المصرية في نشر العلامات التي تساعد المواطنين على التفريق بأنفسهم بين لحم الحمير ولحوم الماشية الأخرى.
ومن بين العلامات التي أشارت إليها التقارير الصحفية، لون اللحم والدهن قبل الطهي، وطعمه ورائحته بعد الطهي.