في أقل من عامين، بدا أن
مصر مضت بعيدا في
القمع، مع قتل المئات واعتقال الآلاف من من رافضي الانقلاب ومن النشطاء السياسيين.
وحذر سياسيون ونشطاء من أن المضي قدما في طريق الاستبداد والتطرف، وملء
السجون بالمعتقلين من التيارات السياسية كافة، سيحصده النظام جماعات مسلحة "موتورة"، أو"دواعش" جددا سعيا للانتقام.
العنف صنيعة القمع
من جهته، حذر القيادي بالجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، من مغبة تمادي النظام في مصر في ما أسماه بـ"عمليات القتل الممنهجة"، والتنكيل برافضي الانقلاب العسكري.
وقال عبد الماجد لـ"عربي21": "حذرنا سلطات الانقلاب كثيرا من انتهاج العنف ضد المعارضين، واستمرار الانتهاكات بحقوقهم، داخل أسوار السجون وخارجها"، مؤكدا أن "هناك من يريد إيجاد دواعش بأي ثمن، وعلى أي شكل، ليكون مبررا للبطش والقتل".
واتهم عبد الماجد، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأنه "يسعى لخلق جماعات مسلحة لتبرير وجوده على سدة نظام فاشي، في الوقت الذي يواصل فيه قمع المعارضين بكل الوسائل للتستر على فساده وفشله"، حسب تعبير عبد الماجد.
وأشار إلى أن "تفجر الوضع في شمال سيناء (هو) نتيجة سياسات القتل والاعتقال والتشريد بحق المواطنيين، تحت دعاوى محاربة الإرهاب، وهو كمن يصب الزيت على النار".
ونوه عبد الماجد إلى أن "السيسي نفسه كان يتوقع حدوث موجات عنف، نتيجة القمع الأمني والعسكري ضد المدنيين"، ورأى أن مصر "تعيش حالة اللا دولة"، وأن هذا الوضع "غير قابل للاستمرار".
الكفر بالعدالة
بدوره ، حذر الحقوقي كريم عبد الراضي، المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، من أن "الكفر بالعدالة، والإحساس بالظلم، وفقدان الأمل، وتجريم الأبرياء، وغلق مسارات الطرق القانونية، سيدفع بالبعض إلى التفكير في الانتقام، والتحول إلى العنف".
كما حذر عبد الراضي، في حديث لـ"عربي21"، من "استمرار قانون الحبس الاحتياطي مفتوحا على مصراعيه بدون أحكام، وتحويله إلى عقوبة كنوع من العقوبة المقنعة، ومن خطورة الانتهاكات داخل السجون"، لافتا إلى أن معظم المحبوسين على ذمم قضايا أمنية "من التيار الإسلامي السياسي؛ لإنه الأكثر معارضة، وتواجدا في الشارع، وتصادما مع النظام، ولا يمنع أن الجميع مستهدف".
وانتقد الناشط الحقوقي "المعاملة السيئة للمحبوسين" في مراكز الشرطة والسجون، مشيرا إلى أن "التعامل معهم كأنهم مجرمون، يعزز رغبة الانتقام، وينمي الكره بداخلهم باتجاه رجال القانون والأمن".
وأكد أن قانون "تجريم التظاهر" هو من أكثر القوانين التي يعتقل الناس بسببها اليوم، "بالرغم من مخالفته للدستور؛ لأنه قانون يكمم الأفواه، ويُجرم حق مشروع كفلته الشرائع والدساتير"، وفق تقديره.
واستبعد عبد الراضي أن تؤدي المحاكمات والاعتقالات إلى استقرار الأوضاع، مطالبا "بضرورة أن تكفل الدولة الحريات للناس، فكلما ضاقت هوامش التعبير عن الرأي، كلما كان فرص الانفجار أكثر وأقوى".
التخلي عن السلمية
من جهته، رأى منسق ائتلاف حراك الثوري هاني جابر، أن التاريخ يعيد نفسه، وقال لـ"عربي21": "ما فعله عبد (الرئيس المصري الراحل جمال) الناصر بحق الإسلاميين؛ غذى العنف والتطرف لدى المقهورين والمظلومين، وأنتج جماعات مسلحة ساقت البلاد إلى دوامة من العنف، يفعله السيسي اليوم وأكثر".
ونبه جابر إلى أنه "كلما زاد العنف بحق المعارضين في السجون، كلما نشأت موجة جديدة من الكره والغضب لديهم ولدى ذويهم، تجعلهم أدوات انتقام بحكم الغريزة"، محذرا من "اندفاع الناس للانتقام والتخلي عن سلميتها".
وأكد أن "هناك من يسعى للقصاص لنفسه أو لغيره بيده، كما يحدث في سيناء؛ بسبب قيام قوات الجيش والأمن بالقتل والتدمير والحرق، وغياب منظومة العدالة دفع البعض للتفكير بالانتقام"، حسب تعبيره.
وقال جابر: "إن من يحكم مصر هو المجلس العسكري، وليس السيسي وحده، فهو حكم عسكري بلا جدال، ولو سقط السيسي، لن يسمح العسكر بوجود انتخابات، أو قدوم رئيس مدني منتخب".
انفجار غير منضبط
أما المتحدث باسم حركة طلاب ضد الانقلاب، محمود الأزهري، فرأى أن "تزايد الضغوط يولد الانفجار، ويضاعف من كتلة المظلومين الراغبين في الأخذ بالثأر انتقاما لأنفسهم".
وقال الأزهري لـ"عربي21": "سيؤدي العنف المفرط ضد رافضي الانقلاب والحكم العسكري، إلى نوع من
التطرف الممزوج بالشعور بالظلم، خاصة مع تصاعد أحكام الإعدام بصورة كبيرة".
وانتقد تعامل الأمن مع الجمهور "بكل استخفاف، ومهانة، وإذلال، في حين يخنعون أمام علية القوم من رجال المال والأعمال، وغيرهم"، مشيرا إلى أن "ما يحدث في السجون سيؤدي إلى انفجار غير منضبط، لا يمكن التحكم فيه، أو في اتجاهاته، ورغم ذلك يستمر النظام في العمل خارج نطاق القانون، والسعي للثأر من ثورة 25 يناير"، حسب قول الأزهري.