نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، مقالا لروبرت فيسك، حول قانون كندي جديد مقترح يستهدف المسلمين. وعنون الكاتب مقالته بـ"إن كان ستيفين هاربر جادا حول تجريم (الممارسات الثقافية
البربرية) فعليه أن يعتقل نفسه لهذا الاقتراح.. وبينما هو يفعل ذلك فليعتقل القيادات الغربية التي أجرمت بحق العالم الإسلامي كلها".
ويقول فيسك: "إن ستيفن هاربر، رئيس وزراء
كندا، هو نفسه الذي قال عندما زار القدس العام الماضي، إن انتقاد اسرائيل هو (قناع) لمعاداة السامية. ولو تناسينا فشله في تحرير صحافي الجزيرة الكندي من السجن في مصر، ولو تجاوزنا ادعاءه بأن قتل الإسلاميين للجنود الكنديين لا علاقة له بإرسال كندا طائرات (إف 18) لضرب
تنظيم الدولة، فإن هاربر، الذي يمكن لسياساته المنحازة لإسرائيل أن تكسبه مقعدا في الكنيست، يعتزم الدفع بقانون غريب من خلال البرلمان في أوتاوا، ويسمى القانون (عدم التسامح مع الممارسات الثقافية البربرية)، ولا ألوم القارئ إن خالها (كذبة نيسان)، وإن كان مبكرا على ذلك، أو اعتقد أن الأمر جزء من كوميديا، ولكن للأسف فإنه حقيقي جدا".
ويضيف الكاتب: "دعوني أوضح ما هي (الممارسات الثقافية البربرية)، التي يستهدفها القانون، إنها تعدد الزوجات، والعنف الأسري ضد المرأة، وجرائم الشرف، وإكراه الفتيات تحت سن 16 عاما على السفر إلى خارج كندا للزواج.. لا مشكلة عندي طبعا، ولا عند معظم الكنديين أن تسن قوانين ضد هذه الأشياء".
ويستدرك فيسك بالقول: "أنا ضد غزو دول أجنبية بشكل غير قانوني، واحتلال أراضي شعوب أخرى، وضد التعذيب بـ (الإيهام بالغرق)، وقصف حفلات الأعراس، وإطلاق الصواريخ من الطائرات دون طيار على قرى في وزيرستان، ولكن ليست هذه (الممارسات الثقافية البربرية) التي يتحدث عنها هاربر".
ويعلق الكاتب بأن "ما هو غريب حول (البربرية) التي يفكر فيها هي أن تلك (الممارسات) محظورة في القانون الكندي. فتعدد الزوجات محظور في كندا، مع أن معددي الزوجات من طائفة المورمان في كولومبيا البريطانية لن يتأثروا بالقانون الجديد على ما يبدو، كما أن الكنديين فوجئوا بحكومتهم تخبرهم بأن هناك مئات المعددين يعيشون في بلدهم، أما القتل في جرائم الشرف فالقتل هو القتل في كندا، كما هو في بريطانيا، كما هو في أمريكا، كما هو في أي مكان في العالم".
ويتحدث فيسك عن طبيعة المشروع ويقول إن "الفريد في مشروع القانون، الذي يناقشه أعضاء البرلمان الكنديون اليوم، هو أن مقدمه ليس وزير العدل، ولكن وزير المواطنة والهجرة، أليس هذا غريبا؟هذا الوزير هو كريستوفر ألكساندر، الذي يعد مثقفا وخريج جامعتي إكسفورد وماغيل، وهو سفير سابق لكندا في أفغانستان، حيث ينتشر التعدد وجرائم الشرف وزواج القاصرات، هذا إن لم نتحدث عن فساد الحكومة الأفغانية، والتعذيب الذي تمارسه الشرطة الأفغانية والطائرات دون طيار، وغير ذلك".
ويرى الكاتب أنه "في الحقيقة فإن القانون الكندي الجديد له علاقة بالأجانب، وبالذات المسلمين، ولذلك فليس على المورمان في كولومبيا البريطانية أن يقلقوا؛ لأن عدم التسامح مع الممارسات الثقافية البربرية لا يستهدفهم، أو ما سماه كاتب العمود في تورونتو ستار ثوماس والكم (بطاقة الأجنبي البربري)".
ويوضح فيسك أن "التركيز لن يكون على الجريمة بذاتها، ولكن المتعلقة بالمسلمين بالذات، ولذلك استخدمت الحكومة (العادات) البربرية لتبرير القانون، وكما نعلم فإن المسلم لطالما تم تصويره في الغرب على أنه عنده حريم ولا يحترم المرأة".
ويشير الكاتب إلى أن "هناك كثيرا من الأخطاء التي تعاني منها المجتمعات المسلمة، وقد كتبت كثيرا عن (قتل الشرف) في كردستان وأفغانستان وتركيا وباكستان وفلسطين والأردن ومصر، ولننس ما تقوله المنظمات غير الحكومية حول قتل الشرف، الذي إذا ما قورن بعدد الناس، فإنه أوسع انتشارا في المجتمع المسيحي في الأردن ومصر من مجتمع المسلمين، والمسيحيون بالتأكيد ليسوا مستهدفين من كريستوفر ألكساندر".
ويجد فيسك أنه "من الغريب أيضا أن مصطلح (بربري) أيضا من مصطلحات تنظيم الدولة، يستخدمها ليصف بها الأجانب الذين يقومون بضرب البلدان المسلمة بالقنابل، مثل قصف أمريكا لأفغانستان والعراق وسوريا ولبنان والصومال واليمن وليبيا، على مدى 42 عاما الماضية، ويتعاون في الوقت ذاته مع الاحتلال الذي سرق الأرض من العرب والمسلمين من البلد التي يخاطر منتقدها بأن يدعى معاديا للسامية، بحسب ستيفن هاربر".
ويبين الكاتب أنه "يمكنك التأكد أيضا أن رئيس الوزراء الكندي وغضبه الموجه ضد الأعمال البربرية لتنظيم الدولة والمسلمين الكنديين سيتجنب الحديث عن فضيحة صغيرة، ولكن لابد أنها مزعجة له، وهي الاتهام التركي بأن الشخص الذي يعمل مع المخابرات السورية وقام بتهريب الفتيات البريطانيات للعبور إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، يعمل أيضا مع المخابرات الكندية، وبحسب تركيا فإن هؤلاء العملاء يعملون من السفارة الكندية في عمان، حيث اختار ستيفن هاربر السفير هناك بيده، بعد أن كان أكبر حراسه رتبة في أوتاوا".
ويتابع فيسك: "لن آخذ جانب الشرطة التركية في هذا الموضوع، ولكن سجلاتهم على الحاسوب تبين أن العميل المزعوم لكندا السيد راشد، دخل تركيا 33 مرة بجواز سفر سوري، وسافر إلى كندا أيضا. وبحسب مصادر حكومية في أوتاوا، فإن الرجل لا يعمل مع المخابرات الكندية (ٍسي أس آي أس)، ورفض مكتب هاربر التعليق على الموضوع، ونشرت صحيفة (ذي أوتاوا سيتزن) جوانب أخرى من مشروع قانون (سي-44)، الذي يسمح للقضاة الكنديين بالمصادقة على عمليات للاستخبارات الكندية في الخارج، للتحقيق في أي تهديد لكندا، دون إعارة اهتمام لأي قانون آخر، بما في ذلك قوانين دول أجنبية".
ويخلص الكاتب إلى أن هناك "الكثير من القضايا التي تستحق التفكير، ولكن أهمها هي أولئك
المسلمون المزعجون في كندا، هم المذنبون، هم من يرتكبون (ممارسات ثقافية بربرية)، وهذا يخبرنا الكثير عن ممارسات هاربر الثقافية السياسية الكندية".