نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتبتين لارا جيكس وكيت برانين، حول تطورات الحرب ضد
تنظيم الدولة في
العراق، والدور الكبير الذي سمحت أمريكا لإيران بتأديته.
ويشير التقرير إلى أن الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا تتحضر للهجوم على تكريت دون تدخل من أمريكا بأي شكل من الأشكال. موضحا أن ما قامت به
إيران هو ما لم تقم به أمريكا من وضع قوات على الأرض لحرب تنظيم الدولة، وأنها لا تشارك حتى جوا في معركة تكريت.
وتقول الكاتبتان إن معركة تكريت تعد تجربة لمعركة الموصل القادمة في شمال العراق، التي تعد المعقل القوي لتنظيم الدولة، ويطالب بعض المقاتلين العراقيين بغطاء جوي في تكريت، بينما قال مسؤول عسكري أمريكي إنه ليست لدى البنتاغون أي خطط للمصادقة على غارات جوية أمريكية؛ نظرا لعدم رغبة أمريكا في مساعدة قوات موالية لإيران.
وتضيف المجلة أنه سبق لأمريكا أن ساعدت بغارات جوية خلال الصيف الماضي في معركة بلدة الأميرلي، حيث شاركت في الهجوم على المدينة قوات عراقية وكردية وميليشيات شيعية تقودها إيران.
ويستدرك التقرير بأن الكثير من أعضاء الكونغرس من الحزبين يشعرون بأن البيت الأبيض يعمل الكثير لتمكين إيران، وقال رئيس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كروكر بكل صراحة: "نحن نجعل من العراق مكانا أفضل لإيران".
وتنقل المجلة عن السفير العراقي في أمريكا لقمان الفيلي، قوله: "سيكون هناك أثر مباشر للتحركات في العراق، ولكننا نعمل على تقوية العلاقات مع الحلفاء الذين يقاتلون تنظيم الدولة، بما في ذلك أمريكا وإيران".
ويلفت التقرير إلى أنه في الأيام الماضية اعترف المسؤولون الأمريكيون على مضض بمساعدة إيران في محاربة تنظيم الدولة، ولكن واشنطن تصر على عدم وجود تنسيق مباشر مع طهران، بالرغم من الاعتراف بأن الجهود المترادفة كانت فعالة.
وتوضح المجلة أنه بالرغم من هذا، فالمسؤولون الأمريكيون قلقون من توقعات رئيس هيئة الأركان المشترك الجنرال مارتن ديمبسي الأسبوع الماضي، حيث توقع أن تبسط الميليشيات الشيعية نفوذها على المناطق السنية المحررة، ما يهيئ لاندلاع حرب أهلية جديدة.
وينقل التقرير عن ديمبسي قوله: "نحن قلقون مما سيأتي بعد توقف طبول الحرب، وبعد هزيمة تنظيم الدولة، وإن كانت الحكومة في العراق مهيأة لتبقى على طريق تقديم حكومة شاملة لجميع المجموعات التي تعيش هناك".
وتذكر المجلة أن الرئيس السابق لهيئة الأركان الأدميرال مايك ملن اتهم نظام الملالي الشيعي في إيران بإشعال الإرهاب في الشرق الأوسط، ومساعدة الميليشيات الشيعية في قتل الجنود الأمريكيين خلال احتلال العراق. ويقول ملن: "ولذلك فالعمل معا في العراق للقضاء على التهديد رقم 1 في العراق، لا يعني قبولهم، أو قبول ما فعلوا في الماضي".
وتبين الكاتبتان أن بغداد لا تبدو قلقة، بل تحاول إرضاء واشنطن في الوقت الذي تعتمد فيه على دعم طهران، وبينما قدمت إدارة أوباما الأسلحة للعراق، بما في ذلك البنادق والذخيرة وصواريخ هيلفير، والدروع الواقية والمصفحات، إلا أن بغداد اشتكت عدة مرات من بطء التفاعل الأمريكي من ناحية الإمداد بالأسلحة أو التدريب، ويعتقد الخبراء بأن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قلق من تردد أمريكا في هزيمة تنظيم الدولة في العراق، كما هو الحال في سوريا.
ويفيد التقرير بأن البنتاغون أقلق العراقيين عندما أعلن أن الهجوم على الموصل قد يكون في شهر نيسان/ أبريل، أو أيار/ مايو، وأن عدد القوات العراقية المشاركة ستكون في حدود 25 ألف جندي عراقي ومقاتل كردي، وستقدم أمريكا غطاء جويا للعمليات.
وتورد المجلة أن المسؤولين العراقيين ردوا بأن الحكومة العراقية هي من سيقرر متى يبدأ الهجوم. وقد يكون التصريح الأمريكي بشأن الموصل وردة فعل الحكومة العراقية فتحا الباب أمام تدخل أكبر حجما من الميليشيات الشيعية وإيران. ومع ذلك يحاول العبادي ألا يغضب أيا من الحليفين الكبيرين، ومدح الفيلي المساعدات الأمريكية، بما في ذلك حوالي 1500 غارة جوية منذ الصيف الماضي، التي يقول إنها قد غيرت قوانين اللعبة في الحرب على تنظيم الدولة.
ويذكر التقرير أن الجنرال قاسم سليماني يقود الميليشيات المقاتلة، ويتنقل من مدينة إلى أخرى، ويأخذ صورا مع مقاتلي الميليشيات. ويقول السفير السابق للعراق في الأمم المتحدة سمير صميدي، إن أمريكا تسيطر على الأجواء، وإيران تسيطر على الأرض، وإن كانت أمريكا ترغب في الحد من نفوذ طهران المتزايد، فعليها أن تنشط على الأرض. ولكن تركيز أمريكا، بحسب المسؤولين الأمريكيين، هو على الأهداف البعيدة المدى، حيث لا يريدون عودة المتطرفين.
وتنقل المجلة عن مسؤول من إدارة أوباما قوله إن الشكل الذي ستنتهي إليه الأمور سيكون مهما للحوار، وإن إيران بالتأكيد سيكون لها تأثير على الحوار، وكذلك أمريكا وغيرها. وأضاف: "أظن أن هناك حدا لنفوذ إيران وكذلك لنفوذنا، ونحن ندرك ذلك جيدا".
ويستدرك التقرير بأن دعم إيران عسكريا للعراق يطرح مشاكل حقيقية لحلفاء أمريكا في الحرب على تنظيم الدولة، وخاصة أن كثيرا منهم من السنة العرب، مثل السعودية والأردن والإمارات.
وتجد الكاتبتان أن دور إيران يقلق المسؤولين الغربيين أيضا، ففي حديث للصحافيين في واشنطن، قال وزير الخارجية الألماني فرانك والتر ستينمير إن الهزيمة النهائية لتنظيم الدولة ستأتي عندما تستمع الحكومة التي يقودها
الشيعة في بغداد إلى مطالب السنة، وتشاركهم في السلطة والوظائف، كي لا ينحازوا للمتطرفين.
وتخلص "فورين بوليسي" إلى أنه "واضح أن أولوية أمريكا في العراق هي هزيمة تنظيم الدولة، وترى أنه يمكن التعامل مع تزايد نفود إيران في بغداد لاحقا. ولكن هذه المقايضة تحمل تبعات طويلة الأمد، ولا يبدو أن واشنطن فكرت فيها جيدا، بحسب ما قال مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جون ألترمان".