أثارت حادثة وقوع الطيار الأردني،
معاذ الكساسبة، في الأسر لدى الدولة الإسلامية في الرقة السورية التكهنات، حول الخيارات المتاحة لدى السلطات الأردنية للتعامل مع القضية، وتأثيرها على مشاركته في
التحالف الدولي في حربه على التنظيم.
ويرى الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد فايز الدويري، في حديث لـ"عربي21"، الخميس، أن الأردن يمتلك خيارين للتعامل مع هذه القضية، الأول هو "الخيار الناعم" كما أسماه، و"يتمثل في
التفاوض، مقابل طروحات قد تقدمها الدولة الإسلامية، باستخدام مفاتيح تملكها السلطات الأردنية، حيث أن الكثير من القيادات السلفية الجهادية المحسوبة على التنظيم قابعة في السجون الأردنية، وهذا يفتح خيار عملية تبادل".
ووفقا لـ "الدويري"، فإن "لدى المخابرات الأردنية أوراقا جيدة تستطيع استخدامها لإنقاذ حياة الطيار الكساسبة، وهذا لا يدعو بالضرورة إلى تغيير استراتيجي في موقف الأردن من مشاركته في التحالف الدولي بقيادة أمريكا".
أما الخيار الثاني، فهو "الخيار الصلب"، من خلال القيام بـ"عملية عسكرية نوعية انتقائية، على غرار ما تقوم به بقية الدول عندما تحاول إنقاذ المختطفين، بإرسال قوات خاصة من الكوماندوز المدرّبة على تحرير الأسرى، والذي يمتلك آلياته الخاصة وتقنياته".
ولكن بحسب الدويري، فالخيار العسكري يحمل العديد من المخاطر، ما يعرّض حياة الطيار للخطر، فالدولة الإسلامية أصبحت لديها الخبرة في التعامل مع المخطوفين، ولديها أساليب جيدة للحفاظ عليهم، إلى جانب أن هذا الخيار يحتاج إلى قاعدة بيانات استخبارية كبيرة موثوقة تماما، لأنه في حال تنفيذ العملية وكانت هناك بيانات مغلوطة، ستكون نتيجة العملية "كارثية".
ويرى الدويرى أن على الحكومة الأردنية العمل على الخيارين بشكل متوازن ومتكامل، والتعامل مع خيار التفاوض بالاعتماد على الأوراق الكثيرة التي تمتلكها السلطات، بالإضافة إلى الاستفادة من كم المعلومات التي تمتلكها الاستخبارات الأردنية.
وأضاف أن هناك بارقة أمل بدأت تظهر من خلال تصريحات لمحسوبين على التنظيم، تشير إلى أن التنظيم سيعمد إلى مطالب ذات سقف مرتفع، مقابل إطلاق سراح الكساسبة.
ولكنه أبدى تخوفه على سلامة الطيار، حيث أن الدولة الإسلامية أطلقت "هاشتاج" على مواقع التواصل الاجتماعي، تسأل متابعيها عن طريقة القتل المطلوبة التي تعتمدها للاقتصاص من الطيار الأردني، وفق الدويري.
وأشار الدويري إلى أن خيار التفاوض مع الدولة الإسلامية ليس بالسهل، ولكن على الحكومة العمل كما قامت حينما بذلت جهودها إلى حين تم إطلاق سراح السفير الأردني في ليبيا، مع اختلاف الظروف.
البيان الأمريكي أثار التكهنات
وحول بيان القيادة الأميركية الوسطى التي تشرف على عمليات التحالف الجوية فوق العراق وسوريا، الذي جاء فيه أن الطائرة لم تسقطها الدولة الإسلامية، قال الدويري إن "القيادة الأمريكية تملك معلومات من خلال الصور التي تحصل عليها من الأقمار الصناعية وتقنياتها المتطورة تمكّنها من الحصول على معلومات أفضل مما نمتلكه، ولكن تقرير الجيش فتح الباب للعديد من التكهنات، حيث لم يقدم أي معلومات تدلل على ما ذهب إليه، وأعتقد أن الجيش الأمريكي بحاجة إلى بعض الوقت للوقوف على ملابسات الحادثة، وتحليل المعلومات".
ويرى الدويري أنه يجب على القيادة الأمريكية مشاركة الأردن بما تملك من معلومات، باعتبار الأردن مشاركة في التحالف الذي تقوده.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "الرأي" الرسمية الأردنية، الخميس، إن الحكومة الأردنية بدأت جهودا على كافة الصعد من أجل تحرير الطيار الأردني الذي أسرته الدولة الإسلامية.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن "الحكومة الأردنية والجهات المختصة بدأت جهودها على الأصعدة كافة من خلال خلايا أزمة، بمستويات عديدة، لتحرير نسرنا الجوي، وعدم المس بحياته، وتجنيد كل الإمكانات والجهود والعلاقات السياسية والدبلوماسية الجيدة التي تربطنا بأطراف إقليمية ودولية عديدة لضمان الإفراج عنه".
وهذه أول عملية إسقاط لطائرة تابعة لقوات التحالف منذ أن شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي أولى غاراتها على مواقع للمسلحين في سوريا، بعد نحو شهر ونصف على بدء غارات التحالف الذي يضم دولا عربية، بينها الأردن والسعودية والإمارات، ضد أهداف في العراق.
يذكر أن الدولة الإسلامية قالت الأربعاء، إنها أسقطت طائرة أردنية، وأسرت قائدها، خلال تحليقها فوق مدينة الرقة السورية، التي يسيطر عليها.
وبثت حسابات مقربة من الدولة على صفحات "تويتر"، صورا للطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي يحمل رتبة ملازم أول، برفقة عدد من عناصر "الدولة" المسلحين.
وقالت الحسابات إن الطائرة أسقطت بصاروخ حراري، خلال تنفيذها غارات فوق الرقة، وأن طائرته تحطمت، وتم أسره بعد هبوطه في المظلة.
وأكد الأردن الأربعاء أن "الحرب على الإرهاب مستمرة"، وأن المعركة ضده هي "من أجل الدفاع عن صورة الإسلام الحنيف"، وأن أسر الكساسبة "لن يغير موقف الأردن، بل يزيده إصرارا، على خوض الحرب ضد التطرف".