اعتقلت السلطات السورية المعارض
لؤي حسين لدى مغادرته البلاد في وقت سابق من الشهر الجاري عند معبر جديدة يابوس الحدودي، قبل أن يستقر به المطاف في سجن عدرا في ضواحي دمشق.
حسين اعتقل بتهمة "التسبب في وهن نفسية الأمة، وإضعاف الشعور القومي"، على خلفية مقال صحفي نشره في شهر حزيران/ يونيو الماضي، وهي تهمة لا يوجد لها تعريف واضح في القانون السوري، ويعتبرها المعارضون "تهمة سياسية وحجة جاهزة من قبل النظام لتصفية حساباته السياسية والانتقام من معارضيه والخارجين عن سيطرته في اللحظة التي يريد"، مستدلين بأن المقال منشور منذ خمسة شهور وحسين دائم السفر، ولم يتم اعتقاله إلا مؤخرا.
اعتقال حسين يضاف إلى اعتقال آخرين كرجاء الناصر من هيئة التنسيق – الذي اعتقل في 20 تشرين الأول/ نوفمبر العام الماضي - وزميله عبد العزيز الخير - اعتقل في 20 أيلول/ سبتمبر عام 2012، ونفى النظام حينها أن يكون معتقلا لديه - وغيرهم ممن يطلق عليهم "معارضة الداخل"، مجددا التساؤلات حول وجود رغبة أو نية صادقة لدى النظام في حل سياسي من أي نوع كان، وتقديم ولو القليل من التنازلات، لإيقاف الصراع السوري.
النظام اعتبر "معارضة الداخل" في مرحلة من المراحل المعارضة الوحيدة في الشارع السوري، واستند إلى مواقفها الرافضة للتدخل الخارجي - تحديدا التدخل العسكري - لاتهام "معارضة الخارج" بالخيانة والعمالة لقوى إقليمية ودولية على خصومة مع النظام، كما يعدّها دليلا على الإصلاح السياسي في البلاد، إذ إنه سمح لنشاط معارض في
سوريا.
المبادرة الروسية
ويأتي اعتقال النظام لحسين مع تصاعد الحديث عن مبادرة روسية جديدة لحوار سوري-سوري، بين النظام من جهة وبعض رموز المعارضة من جهة أخرى، على رأسهم الرئيس السابق للائتلاف معاذ الخطيب، لتشكيل حكومة وطنية ذات صلاحيات واسعة، يحتفظ فيها الرئيس بصلاحياته على الجيش وأجهزة الأمن.
وبحسب مراقبين، فمن غير المتوقع أن يطلق الروس هذه المبادرة من غير موافقة النظام، كما أنه من غير المتوقع أيضا أن يرفض النظام مبادرة كهذه، خصوصا مع الظروف الحالية، حيث إن الحليف الروسي بحاجة إلى اختراق نوعي على الساحة السورية بعد التطورات الأخيرة والمتمثلة في ضربات التحالف الدولي الموجهة ضد تنظيم الدولة في سوريا.
ويعتبر كثير من المعارضين أن
المبادرة الروسية تهدف إلى إعادة إنتاج النظام، معتبرين أن النظام لا يريد نتائج فعلية، بل مجرد مكاسب إعلامية، وبالتالي فهو يفرغها من مضمونها من خلال استبعاد الوجوه المعارضة الفاعلة التي يمكن أن تؤثر في نتائج هذا الحوار، ليأتي اعتقال حسين في هذا السياق.
ويزيد اعتقال حسين الشكوك بأن النظام يتجه لمزيد من الضغط على معارضي الداخل، نتيجة لعدم حاجته لهم، لتلميع صورته دوليا، أو استخدامهم في مواجهة باقي أطياف المعارضة، وذلك بعد تصدر مكافحة الإرهاب للمشهد السوري على حساب الحراك الشعبي، وهو ما أكده المبعوث الدولي إلى سوريا استيفان دي ميستورا في زيارته الأخيرة إلى دمشق، والتي سبقت اعتقال حسين، والذي اعتبر أن الأولوية الآن هي لمحاربة الإرهاب، ما دفعه للعمل على مبادرة لوقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة "المعتدلة" في مختلف المناطق السورية ليتم التفرغ للمهمة الجديدة.