كتب
جيمس زغبي: إدارة أوباما أصبحت في منتصف الفترة الرئاسية الثانية، ولم يبقَ أمامها إلا القليل لمغادرة البيت الأبيض في وقت برز فيه الخلاف المعلن مع حكومة نتنياهو. ولقد ضجّت الصحف بأخبار «
القيل والقال» وتبادل الاتهامات بين الطرفين مع نشر تقارير وتحليلات تضمنت تعابير اتصفت أحياناً بالقسوة والابتذال. وعزا البعض هذا العداء إلى موقف نتنياهو المؤيد للمرشح ميت رومني في انتخابات الرئاسة عام 2012. وفي رأيي الشخصي، ليس من اللائق استخدام التعابير والكلمات المبتذلة وفضح المشاعر العدائية لمعالجة المشاكل الشخصية خاصة لأن هناك سبباً دبلوماسياً مهما لهذا الخلاف.
وبالعودة لأسابيع قليلة إلى الوراء، وبعد لقاء نتنياهو- أوباما في واشنطن، صدر عن البيت الأبيض تصريح يحمل عبارات التوبيخ لرئيس الوزراء بعد إعلانه عن مشروع استيطاني جديد في القدس الشرقية والضفة الغربية. وجاء رد نتنياهو سريعاً عندما قال إن الانتقادات التي صدرت عن الولايات المتحدة فشلت في التعبير عن «القيم الأميركية الحقيقية»، وأضاف قوله إنه طالما أن للفلسطينيين حق العيش في أي مكان يرغبون فيه فوق «أرض
إسرائيل»، فإن من الواجب عدم حرمان اليهود من هذا الحق نفسه. وجاء الردّ على تبجحات نتنياهو سريعاً من داخل إسرائيل ذاتها عندما أشار بعض المعلقين إلى أن هذا الكلام غير منطقي طالما أن من المعروف تماماً بالنسبة للإسرائيليين جميعاً أن الفلسطينيين لا يسمح لهم بالعيش في المكان الذي يفضلونه. وفي الحقيقة، فإن المواطنين العرب في إسرائيل محرومون من حق العيش داخل التجمعات اليهودية.
وجاء الرد من البيت الأبيض سريعاً وبتعابير احتجاجية أكثر قسوة جاء فيها أن كلام نتنياهو لا ينطوي على المنطق وتعوزه الكياسة مع تذكيره بأن الولايات المتحدة هي التي قامت بتمويل بطاريات صواريخ «القبة الحديدية» وقامت بتحمل معظم المسؤوليات الدفاعية الإسرائيلية.
وكانت هناك جولة ثانية من العتب وتبادل الاتهامات الأسبوع الماضي عندما قام "موشيه يعالون" وزير الدفاع في حكومة نتنياهو بزيارة إلى واشنطن شعر خلالها بالوحدة بعد أن فشل في ترتيب لقاء مع جون كيري ومستشارة الأمن القومي وكبار مسؤولي وزارة الخارجية. وربما يكون هذا «الازدراء» قد مرّ من دون أن يلاحظه أحد، إلا أن الهدف منه هو التسريب الرسمي الذي أدى إلى ظهور الخلاف على العلن. ومرة أخرى، أوضحت الصحافة الإسرائيلية أن سبب الخلاف يعود للنقد غير الدبلوماسي الذي سبق أن وجهه "يعالون" لوزير الخارجية جون كيري عندما وصفه بأنه مصاب بنوع من عقدة «التسلط» في إطار سعيه لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهذا ما دفعه إلى الخروج عن طوره في تعامله مع كل من وزارة الخارجية والبيت الأبيض.
وجاءت الحلقة الأخيرة من هذا التراشق غير الدبلوماسي بالتعابير الاحتجاجية، على شكل حوار مع مسؤول كبير في إدارة البيت الأبيض رفض الكشف عن اسمه حيث قال: «من صفات نتنياهو أنه أشبه بالدجاج. وأفضل ما فيه هو خوفه من إعلان الحروب. وأسوأ ما فيه هو أنه لا يريد أن يفعل أي شيء للوصول إلى تفاهم مع الفلسطينيين أو مع أهل السنّة العرب. والشيء الوحيد الذي يهمه هو حماية نفسه من الهزيمة السياسية».
وكانت ردود الأفعال على هذه المساجلات الكلامية سريعة وغزيرة ومتواصلة في إسرائيل. وتفاعل معها نتنياهو بأسلوب «المقاتل الجريح» عندما أعلن أنه كان هو وحده المستهدف منها في الوقت الذي كان يدافع فيه عن إسرائيل.
وبالرغم من أن لنتنياهو بعض المدافعين عن سياسته، إلا أن العديد من المعلقين أصبحوا يرفضون تصديق أطروحاته. واتهموه بأنه لم يكتفِ بوضع العلاقات الأميركية- الإسرائيلية في عنق الزجاجة، بل إنه اقترف أيضاً خطيئة عزل إسرائيل عن المجتمع العالمي. وحملوه بعض المسؤولية عن اعتراف السويد وبريطانيا وربما إيرلندا من بعدهما بدولة فلسطين. وجاء تحذير آخر من الاتحاد الأوروبي من مواصلة الخطط الاستيطانية في القدس.
( الاتحاد الاماراتية)